1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ديتريش بون هوفر: رمز مقاومة الكنيسة للنازية

دويتشه فيله - عارف جابو١٥ نوفمبر ٢٠٠٦

لم يقع عالم اللاهوت بون هوفر ضحية للدعاية النازية، وأدرك مبكرا مدى وحشية هذا النظام فقاومه، ورأي من واجبه كرجل دين الدفاع عن المضطهدين. قام بون هوفر بتشجيع القساوسة في الكنيسة على معارضة النازيين حتى حكم عليه بالإعدام.

https://p.dw.com/p/9OHt
ديتريش بون هوفر 1906 - 1945صورة من: picture-alliance/dpa

أدرك القس وعالم اللاهوت البروتستانتي الشاب ديتريش بون هوفر مبكرا مدى وحشية وبربرية النظام النازي، فوقف معارضاً له وانتقد رجال الدين المسيحي ممن أيدوا النازية التي كان ينظر إليها كحكومة غير شرعية. وفي عام 1933 وبعد أيام قليلة من استيلاء النازيين على السلطة قدم ديتريش برنامجاً في الإذاعة بعنوان " تغير مفهوم القائد" عبر من خلاله عن معارضته وانتقاده لمبدأ القائد والنازية وإن بشكل غير مباشر، ولكنه لم يكمل برنامجه إذ تم قطع البث.

Auschwitz Holocaust Gedenktag
ضحايا النازية في معسكر الاعتقال آوسشفيتزصورة من: AP

كان بون هوفر، المولود عام 1906، واحدا من أوائل رجال الدين المسيحي في ألمانيا الذين لم يقفوا صامتين إزاء معاناة اليهود جراء السياسة النازية العنصرية، وقد عبر عن احتجاجه من خلال محاضرة ألقاها ونشرها فيما بعد، وطالب فيها الحكومة بحل مشكلة اليهود قانونياً، ورأى أن من حق وواجب الكنيسة أن تسأل الدولة عن شرعية أفعالها وتصرفاتها، ولم يترك مجالاً للشك بأنه لا يجد أي شرعية لسياسة النازيين تجاه اليهود، كما أنه رأى من واجب الكنسية أن تقف إلى جانب ضحايا اضطهاد الحكومة وانتهاكها لحقوق الإنسان.

الإعجاب بغاندي والعصيان المدني

Mahatma Ghandi
المهاتما غاندي داعية السلم والعصيان المدنيصورة من: AP

تخرج ديتريش بون هوفر من جامعة برلين وحصل على درجة الدكتوراه عام 1930 وهو لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره بعد. وقد كان مأخوذاً بطريقة غاندي السلمية في الكفاح فحاول السفر الى الهند للدراسة والتعرف على طريقة وأسلوب غاندي في الكفاح السلمي والعصيان المدني، ولكنه لم يستطع تحقيق أمنيته بلقاء غاندي إذ تغيرت الظروف بشكل سريع وقرر خوض الكفاح ضد النازية بكل السبل والوسائل المتاحة فعاد عام 1935 الى برلين ليقوم بتعليم القساوسة في الكنسية المعارضة للنازيين، ولم يكتف بالكفاح في الكنسية فقط بل قال بوجوب الكفاح في الخارج أيضا ضد لا شرعية الحكومة. وقد كان معروفاً عن بون هوفر أنه داعية سلم وعدو للدولة لذلك قامت الشرطة السرية (الغستابو) في العام التالي بسحب رخصة التعليم منه وإغلاق المدرسة، ولكنه لم يستسلم وواصل التعليم سراً.

الانضمام إلى المقاومة

عام 1939 سافر بون هوفر الى أمريكا وطلب منه أصدقائه البقاء هناك نظراً لخطورة الحرب والأوضاع في ألمانيا لكنه رفض ذلك وعاد إلى بلاده في العام التالي ليواصل كفاحه ضد النازيين الذين أصدروا قراراً بمنعه من الكتابة وإلقاء الخطب والمحاضرات، عندها قرر أن ينضم الى مجموعة المقاومة التي كان ينتمي إليها صهره. كانت له مهمة خاصة وهي أن يقوم ومن خلال علاقاته الدينية بإطلاع الدول الغربية على خطط وإمكانيات حركة المقاومة في ألمانيا وإقناع تلك الدول برغبة المقاومين في السلم وعقد اتفاقية سلام بعد إسقاط هتلر، ولهذا الغرض كان يسافر الى الدول المحايدة للقاء المعنيين من دول الحلفاء.

في 13 و21 آذار عام 1943 قام بعض أعضاء مجموعة المقاومة التي كان ينتمي إليها بون هوفر بمحاولتي اغتيال فاشلتين لـ هتلر. وفي الخامس من ابريل /نيسان 1943 وأثناء التفتيش في بيت صهره تم العثور على ملف مذكور فيه اسم بون هوفر فعرف الغستابو انه ينتمي الى مجموعة المقاومة فاعتقل على أثرها، وكان آنذاك يخطط للزواج من خطيبته ماريا فون فيدماير. في شهر سبتمبر /أيلول من نفس العام تم الادعاء على بون هوفر وقدم الى محكمة الحرب بتهمة الانتماء الى إحدى مجموعات المقاومة، ولكن الحظ حالفه بوقوع ملفه بيد بعض الموظفين المتعاطفين مع المقاومة فتم حفظ الدعوى وطي الملف وأفرج عن بون هوفر.

إعدام بون هوفر

Festnahme während des Warschauer Ghetto-Aufstands
الشرظة النازية تعتقل احد المقاومينصورة من: dpa

وقع خلاف بين أعضاء المجموعة المقاومة التي ينتمي إليها بون هوفر حول الاحتفاظ بالملفات والوثائق المتعلقة بأفراد المجموعة، رأى بعضهم ومن بينهم صهره ضرورة الاحتفاظ بالملفات وأسماء المقاومين للحكم النازي ليتعرف عليها الحلفاء بعد الانتصار على المانيا النازية ويتعرفوا على الأشخاص الذين يمكن الاعتماد عليهم مستقبلاً، بالمقابل كان هناك رأي آخر يؤيده بون هوفر يقول بالتخلص من الملفات وكل ما يمكن ان يثبت الانتماء الى المجموعة وذلك لضرورات الأمن وخشية ان يقع الملف بيد الغستابو فيعتقل هؤلاء وتثبت تهمة الخيانة ومقاومة النظام عليهم.

لقد كان رأي بون هوفر صحيحاً وصدق حدسه، إذ أنه ونتيجة وقوع بعض الملفات بيد الغستابو تم التعرف عليه واثبات التهمة عليه بالانتماء الى المقاومة فتم اعتقاله في 8 تشرين الأول /اكتو بر 1944، ثم تم نقله الى احد مراكز الاعتقال في بوخن فالد بالقرب من مدينة فايمر في شرق المانيا. في الخامس من نيسان /ابريل 1945 أصدر هتلر أمراُ باعدام من لم يحاكم ويعدم من المتآمرين الذين حاولوا اغتياله ومن بينهم كان بون هوفر وصهره والآخرون من أعضاء المجموعة الذين حكم عليهم بالإعدام شنقاً بعد محاكمة صورية لإكساب أمر القتل الذي أصدره هتلر الشرعية القانونية، وقد نفذ حكم الإعدام بحق بون هوفر ورفاقه في اليوم التالي 9 ابريل عام 1945 أي قبل انتهاء الحرب العالمية وهزيمة النازيين بحوالي الشهر فقط.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد