1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

درسُ "سعداني" ومستقبلُ الصراع على السلطةِ في الجزائر

٢٤ أكتوبر ٢٠١٦

يشكك مراقبون وأعضاء في حزب جبهة التحرير الوطني في مبرر استقالة عمار سعداني من على رأس الحزب الحاكم. ويعزون قرار "إقالته" لتصريحات طالت شخصيات سياسية وعسكرية. ويبدو أن الرئيس بوتفليقة حسم قواعد اللعبة في المستقبل.

https://p.dw.com/p/2Rd8U
Algerien Ammar Saadani
صورة من: DW

قدم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الحاكم في الجزائر عمار سعداني استقالته من منصبه "لأسباب صحية"، مساء السبت الماضي (22 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، مشددا على أن قرار تنحيه من منصبه لا رجعة عنه. ورغم امتناع أعضاء اللجنة المركزية عن رفع أيديهم تأييدا لرحيله، فإن سعداني أصر على الاستقالة قائلا إنه "إما أن يكون صادقا وإما مارقا"، وإنه  اختار أن "يكون صادقا". في إشارة ضمنية بأنه لم يعد مرغوبا من طرف جهات داخل السلطة، لم تعجبها تصريحاته، وطريقته في إدارة الصراع مع خصومه.

الخروج بشرف

وحرص عمار سعداني على تأمين مخرج مشرف له، من على رأس الحزب عندما طالب أعضاء اللجنة المركزية الذين يؤيدونه بالصمت، حفاظا على مصلحة الحزب، وأقترح عضو مكتبه السياسي جمال ولد عباس (82 سنة) لتزكيته خلفا له، لينتخب الأخير بالإجماع، أميناً عاماً حتى العام 2020.

وجاءت تصريحات الأمين العام الجديد "المعروف بقربه من عائلة بوتفليقة"، لتؤكد ولائه المطلق والمستمر للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ونية الحزب ترشيحه لعهدة خامسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة سنة 2019، نافيا وجود أي ضغوطات على سابقه للاستقالة.

ووصل سعداني لمنصب الأمانة العامة للحزب الحاكم في أغسطس/ آب 2013 خلفاً لعبد العزيز بلخادم ومنذ ذلك التاريخ،  خلفت تصريحات كان يدلي بها جدلاً واسعاً في الساحة السياسية والإعلامية بسبب مهاجمته لعدة مسؤولين سياسيين وعسكريين في الخدمة ومحالين على التقاعد.

إقالة أم استقالة

ويرى متابعون لشؤون الحزب بأن سعداني "دُفع للاستقالة" من رئاسة الحزب، مشككين في ولائه لخيارات الرئاسة في مرحلة ما بعد بوتفليقة، مبررين ذلك بتصريحاته التي تجاوزت "الخطوط الحمراء" المتعلقة بالتوازنات بين عصب السلطة الحاكمة، وطريقتها في إدارة صراعاتها الداخلية والوصول إلى التوافقات، والتي عادة ما كانت تتم في الغرف المغلقة بعيدا عن وسائل الإعلام. ومن بينها الاتهامات الأخيرة بالعمالة لجهات أجنبية التي وجهها سعداني لمسؤولين سابقين في الحكومة والجيش، مثل القائد السابق لجهاز المخابرات، محمد مدين (الجنرال توفيق)، وأمين عام الحزب الأسبق، عبد العزيز بلخادم"، وفق تقديراتهم.

وكان سعداني قد اتهم الجنرال "توفيق"  بتدبير أحداث عرقية وقعت خلال عامي 2011 و2012 بغرداية بين الطائفة الدينية "الشعابنة" المالكية الناطق باللغة العربية وطائفة "الميزاب" الناطقة بالأمازيغية نتج عنها مقتل العشرات. وهي تهمة من مجموعة تهم من بينها تهم بالفساد أيضاً، وجهها سعداني إلى الجنرال "توفيق".


Algeria Otman Lahiani, Journalist
الصحفي عثمان لحيانيصورة من: DW

تصريحات قاتلة وترميم البيت

ويؤكد الصحفي عثمان لحياني، بأن سعداني أقيل لسبب واحد وهو "التصريحات السياسية الطائشة للرجل تجاه أكثر من طرف داخل السلطة وخارجها، ولم تعد القوى الحاكمة تحتمل تلك الحماقات السياسية  لسعداني"، ويروي لحياني لـDW عربية، رواية غير مؤكدة تناقلتها مواقع تواصل اجتماعية، كيف أن مسؤول برئاسة الجمهورية سلم لسعداني صباح انعقاد اللجنة المركزية رسالة من بوتفليقة تدعوه للاستقالة، وأن مهمته على رأس الحزب انتهت، شاكرا جهوده التي قام بها طيلة رئاسته لحزب الرئيس. ولا يمكن التأكد من صحة هذه الرواية.

وحول تداعيات الإقالة على الحزب الذي تفصله أشهر قليلة عن الانتخابات التشريعية يقول الدكتور سعيد قاسمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، إن أمام الأمين العام الجديد مهمة صعبة في إعادة ترميم بيت الحزب العتيد الذي عرف العديد من الانشقاقات والعداوات بين أبناء الحزب خلال تولي سعداني رئاسته، ويضيف قاسمي لـDW عربية، "من خلال تصريحات ولد عباس، نلمس اتجاه الرجل إلى لم شتات الحزب، ونهج "خطاب تصالحي" مع جميع الأطراف، وأن الانسجام الموجود بين قيادات الحزب داخل مؤسساته عامل مساعد من أجل تحقيق هدف بقاء الحزب القوة السياسية الأولى في البلاد"، وأضاف قاسمي "أن المعارضة التي لا تنخرط في المسعى التصالحي لن يكون لها تأثير بعد أن أزاحت نفسها عن الإطار التنظيمي بعد مقاطعة أشغال المؤتمر العاشر، فوجدوا أنفسهم تلقائيا خارج اللعبة".

إلا أن عثمان لحياني، يرى بأن ولد عباس لا يملك شخصية "كاريزمية" تستطيع جمع فرقاء الجبهة داخل الحزب وخارجه، خاصة وأن" خمسة أشهر غير كافية للتحضير الجيد لأرضية مصالحة حقيقية، وأن قوائم الترشيحات كانت دائما محطة للصراعات والانشقاقات بين كوادر الحزب ومناضليه".

أما فؤاد سبوته، عضو اللجنة المركزية للحزب فيؤكد أن الصراعات داخل حزب الجبهة، لن تؤثر بشكل كبير على نتائج الانتخابات التشريعية، وقال لـDW عربية، "بأن الحزب يملك وعاء انتخابي واسع قواعده الأسرة الثورية، ومنظمات المجتمع المدني، وهو وعاء أثبت التجربة بأنه ثابت ولا يتأثر بالأزمات التي عرفها الحزب سابقا، وأن القيادة ستلعب على محور الشباب من أجل استقطابه أكثر باستغلال شبكات التواصل الاجتماعي واللقاءات الجوارية"، حسب رأيه.

حسم الصراع

 

Said kasmi Ammar Saadani resignation from the presidency of the ruling party
الدكتور سعيد قاسمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائرصورة من: DW

ولم يخف قاسمي، الأثر الذي ستحدثه إقالة سعداني من على رأس حزب السلطة، وبأن "تغيرات عديدة سوف تمس رموز مرحلة سعداني في مؤسسات الحكم المدنية والعسكرية، وأن مرحلة سعداني التي طويت لابد أن يذهب معها من كان يقف ورائه، حتى يتسنى للرئاسة ترتيب البيت لمرحلة ما بعد بوتفليقة في هدوء".

ويعتقد الدكتور محمد بوضياف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مسيلة، بأن رحيل سعداني فتح المجال لقراءات متناقضة، سعت السلطة من خلال إبعاده إلى خلط أوراق الطامحين للسلطة، وطمأنة الحلفاء. ويضيف بوضياف لـDW عربية، بأن "خروج سعداني المشرف، حطم أمال الكثير من المعارضين الراديكاليين في الداخل والخارج الذي توهموا أن الرجل طرفا في الصراع على السلطة، وكانوا يراهنون عليه لتطهير البلد وتحريرها من الوصاية الفرنسية. وكما أن ذهابه أعاد الأمل لأولئك المعاقبين والمغضوب عليهم، من سياسيين مرموقين ورؤساء أحزاب، ومسؤولين عسكريين، والذين سوف يصطفون من جديد حول الرئيس بوتفليقة". ويضيف بوضياف "يبدو أن هناك توافقا حصل لدى دوائر السلطة وانتهت معه المناوشات والصراعات، وقبل الجميع بقواعد اللعبة التي فرضها الرئيس، وأن الجميع حفظ درس سعداني".

 

 الجزائر- أمين الصافي