1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جورج تابوري ومحاكمة التاريخ عبر المسرح

مروى مهدي٤ سبتمبر ٢٠٠٧

يعتبر البعض جورج تابوري أفضل رجل مسرح في الأدب الألماني بعد مسرحي القرن برتولد بريشت، وينظر إليه آخرون كشاهد عيان على الحرب العالمية، عاش آلام الهولوكست ونقل التاريخ إلى خشبة المسرح.

https://p.dw.com/p/BbK4
جورج تابوري، آخر رموز المسرح الألمانيصورة من: AP

"ما يجب علي دائما أن أحكيه هو أنني إنسان بلا وطن، إنسان غريب و ليس هذا عيبا في رأيي و إنما شئ جيد لأن الكاتب من وجهة نظري يجب أن يكون غريبا"

بودابست ولندن واسطنبول والقدس والقاهرة ونيويورك وفيينا وبرلين ... جميعها محطات رئيسية في حياة تابوري، الذي عاش أعوامه الثلاثة و التسعون من 1914 إلى 2007 غريبا، يحمل معه وطنه الوحيد المسرح أينما حل وارتحل، حتى وفاته الشهر الماضي دون أن يكمل مشروعه الأخير، فالعمر لم يمهله أيضا لإخراج مسرحية الملك لير التي حلم مؤخرا بها .

"ربما يكون المسرح وطني الوحيد"

Berliner Ensemble Innenansicht
البرلينة أنسمبل، فخر المسرح الألمانيصورة من: Berliner Ensemble

هكذا قال تابوري في أحد حواراته الصحفية، فعلى الرغم من أنه كتب الرواية و القصة و السيناريو إلا أنه اشتهر أكثر كرجل مسرح، سواء مخرجا أو مؤلفا.

ولد تابوري عام 1914 في بودابست ورحلت أسرته، يهودية الأصل، إلى ألمانيا وأثناء الحكم النازي قتل والده في حين استطاعت أمه الهرب ولحق هو بأخيه الأكبر في لندن ثم حصل على الجنسية البريطانية وكتب هناك أولى رواياته عام 1943، و أثناء الحرب العالمية عمل كمراسل صحفي بقناة البى بى سى في منطقة الشرق الأوسط، و في عام 1947 رحل إلى أمريكا، و عمل في هوليوود كسيناريست مع المخرج السينمائي ألفريد هتشكوك، و وضع اسمه على اللائحة السوداء للجنة مكارثي، و في عام 1971 عاد إلى ألمانيا و أسس مسرح ﴿المعمل المسرحي﴾، و قدم أعماله المسرحية في ألمانيا والنمسا، و في التسعينات استقر في برلين إلى أن توفى في يوليو 2007 .

علاقة تابوري ببريشت

Gala zum 90. Geburtstag von George Tabori
صور من احتفال بعيد ميلاد تابوري التسعينصورة من: picture-alliance/dpa

في هوليود التقى تابوري بمسرحي القرن برتولد بريشت، الذي تأثر كثيرا به وأخذ عنه روح التفاؤل و"مبدأ الأمل". وترجم تابوري الكثير من أعماله إلى الإنجليزية، و استلهم منه الكثير من مسرحياته، مثل نص "الأم شجاعة"، الذي قدم فيه تابوري قصة هروب أمه من الفاشية، حيث تحكي عن أم مجرية تسرد قصة هروبها بمعجزة من الفاشيين.

وبعد عودة تابوري إلى ألمانيا قدم الكثير من أعماله المسرحية على خشبة مسرح بريشت ﴿برلينة إنسامبل﴾، ومن أهمها(فصل من بريشت) عام 2000، و قبل وفاته بشهور قدم آخر نص مسرحي له تحت عنوان ﴿آخر تانجو على التليفون﴾ لمسرح بريشت وهو من تمثيل و إخراج مارتن فوتكا، و من المفترض أن يفتتح في نوفمبر القادم.

قال تابوري عن عمله في المسرح الألماني : "منذ 200 سنة لم يكن هناك إخراج مسرحي، و الإخراج المسرحي اختراع ألماني، و أنا لا أحب كلمة مخرج و لكني أحب بدلا منها كلمة صانع المسرح، كما في اللفظة الألمانية".

أسلوب تابوري المسرحي

Bertholt Brecht
برتولت بريشت، أب المسرح الملحميصورة من: AP

أكثر ما تميز به أسلوبه المسرحي هو اعتماده على تكنيك الكوميديا السوداء، و شخصياته تعاني من مرارة و قسوة الوجود، وقد عالج فى الكثير من أعماله قضية الهوية اليهودية والاضطهاد الذي عانى منه اليهود خاصة في فترة النازية، و ذلك بتسامح شديد ودون تصدير أي نوع من المشاعر السلبية أو مشاعر الانتقام تجاه الآخرين، ولكن بشكل ساخر و فكه.

تأثر تابوري في أعماله بأسلوب الكثيرين من كتاب المسرح العالميين على غرار وليام شكسبير، الذي قدم له الكثير من الأعمال مثل (عطيل)، و حلم قبل وفاته بتقديم الملك لير التي غابت طويلا عن خشبة المسرح الألماني، وتأثر كذلك بالمسرحي الفرنسي صمويل بكيت، و أخرج له أشهر أعماله (في انتظار غودو) وقدم تابوري أعمالا للمسرح الموسيقي، حيث أخرج الكثير من الأوبرات، وعرضت أول أوبرا له عام 1986 في فيينا.

و أهم ما يميز مسرحياته هو تلك الروح المرحة والتي قد تصل إلى السخرية في الكثير من الأحيان، خاصة في معالجته للأمور الإنسانية المأساوية المسكوت عنها، التي دائما ما يفاجأ الجميع بطرحها: "في الحياة الكثير من التابوهات التي يجب تدميرها ... المرء ينقذ نفسه بالنكات على خشبة المسرح ويحاول أن يجعل من الأشياء الثقيلة غير المحتملة محتملة".

خصوصية تابوري

قدم تابوري الكثير للمسرح الألماني الذي وصفه أنه أفضل مسرح في العالم، في أحد حواراته مع إحدى الصحف الألمانية : "سنة 1969سافرت إلى ألمانيا، ولا تسألني لماذا، ربما لأن المسرح الألماني كان أفضل مسرح في العالم، و من الواضح أنه الآن أيضا هو الأفضل".

Warten auf Godot Uraufgeführt
في إنتظار غودو، أحد أهم مسرحيات صمويل بكيت التي أخرجها تابوريصورة من: AP

وقد احتفت به الصحافة الألمانية، وفي عيد ميلاده التسعين، عمل عدد من كبار الإعلاميين الألمان على تجميع حواراته الصحفية عن المسرح وعن مشاريعه المسرحية، في الفترة من 1976 إلى 2004 في كتاب تحت عنوان (صانع اللعب)، ويتضمن الكتاب الكثير من المعلومات المميزة عن مشروع تابوري المسرحي، و قائمة زمنية بأعماله المسرحية.

ومن أشهر أعماله المسرحية المعروفة جماهيريا (كفاحي)، (الأم شجاعة) والذي قدمه أيضا كفيلم، (فصل من بريشت)، و(أكلة لحوم البشر) و(تنويعات الجبل الذهبي) و(أحلام غير هادئة) و(المظاهرة) وغيرها من الأعمال التي قدمت على المسارح الألمانية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد