1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جرائم متزايدة في قطاع غزة - أسباب وحلول

٢٨ ديسمبر ٢٠١١

شهد المجتمع الغزى عام 2011 ارتفاع عدد جرائم القتل التي كانت أكثر دموية خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول. وبذلك تعلو الأصوات المطالبة بمواجهة هذا التطور بشكل رادع. في انتظار الحل والعلاج يجب البحث عن الأسباب والمسببات.

https://p.dw.com/p/13Ze7
المؤسسات التربوية هي الأساس في التوعيةصورة من: Shawgy al-Farra

"لم نكن نتخيل أن جارنا سامر الحويحي سيقتل أباه وأمه بالبشاعة اللي صارت" هكذا بدأ أبوأحمد جار القاتل في مخيم البريج وسط قطاع غزة حديثه مع دويتشه فيله. في منتصف شهر ديسمبر أقدم سامر على قتل والديه العجوزين النائمين بالرصاص ثم لاذ بالفرار بعد أن سرق أموالاً من مكان عمل والده. غير أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض عليه بعد يومين من هروبه إلى الأراضي المصرية عبر الأنفاق. ومن خلال التحقيق تبين أن القاتل تناول ثلاث حبات من الترامدول المخدرة قبل ارتكابه الجريمة التي هزت مشاعر الناس، خصوصا وأن الوالدين يتمتعان بسمعه أخلاقيه عالية. وأشارت المصادر الأمنية في المنطقة أن:" القتل تم نتيجة تعاطي المخدر بدوافع السرقة والرغبة في السفرالى للخارج". واتهم مواطنون الجهات الأمنية والقضائية "بالبط ء والتقصير" في حق المجتمع الغزي بسبب "عدم السرعة في القصاص والعقاب الرادع لمرتكبي جرائم القتل " حتى يكونوا عبرة لغيرهم كما قال بعضهم.

جرائم مُتلاحقة

حسب تقرير لوزارة الداخلية المقالة في غزة فقد لوحظ ارتفاع عام في مُعدل الجريمة المرتبطة بالمخدرات. ومن خلال المتابعة والتحقيق في جرائم القتل يتضح "أن جرائم لم يشهدها مجتمع غزة من قبل على الإطلاق وقعت بالفعل خلال الأيام والأسابيع الماضية". مثل مقتل جبر حسان في منطقة المغراقة وتعرض سوسن محسن لضرب مبرح من والدها ثم إطلاقه لرصاصة علي رأسها، إضافة الى قتل صديق لصديقه في جبا ليا شمال القطاع، وقتل إبن لأمه في دير البلح، ومقتل طالب جامعي أمام جامعه الأزهر في شجار وغيرها من الجرائم. ويضاف الى ذلك بعض الحوادث الغريبة مثل حدث الأخ الذي حبس شقيقته على مدى 14عاما في عش للدواجن لأسباب ترتبط بالإرث وسط ارقي أحياء غزة، ناهيك عن انتشار ظواهر سلبية مثل تزييف العملة وتهريب المخدرات عبر الأنفاق من الأراضي المصرية.

Schmugglertunnel in Gaza Flash-Galerie
أيضا تهريب المخدرات عبرالأنفاقصورة من: picture alliance/landov

"الإنحراف الإجتماعي" والحصار خلف الجريمة

ويري د. أشرف شقفة أستاذ الجغرافيا البشرية في الجامعة الإسلامية من خلال دراسة قام بها، أن جرائم القتل في محافظات غزة في تزايد مستمر ويعزي ذلك الى" مجموعة من المتغيرات في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية". وأضاف أن هناك علاقة قوية بين عدد جرائم القتل والكثافة السكانية للمحافظات. و أظهرت دراسته أن أكثر من 80 بالمائة من جرائم القتل تتركز على الفئة العمرية بين15و39 سنة. وعن أسباب هذه الزيادة يقول الخبير:" إن الحصار المفروض على محافظات غزة ساهم في ارتفاع نسبة جرائم القتل بحوالي 21 بالمائة من مجموع جرائم القتل، اضافة الى وجود اأسلحة بيد بعض الأفراد، والخلافات السياسية الداخلية". و فيما تشير إحصائيات دولية في مجال الصحة وحقوق الإنسان إلى أن 59 بالمائة من الآباء و75 بالمائة من الأمهات يعانون نفسيا من الأوضاع الصعبة السائدة في قطاع غزة، تؤكد الأخصائية النفسية سحر حمودة في مقابلة مع دويتشه فيله وجود دوافع إضافية لارتفاع معدل الجريمة أطلقت عليها صفة "الانحراف الاجتماعي". وفي شرحها لماهية هذا الانحراف؟ استدركت الخبيرة قائلة :" ضعف الوازع الديني لدي الفرد المتعاطي للمخدرات أو القاتل، المشكلات الاجتماعية والبطالة والفقر والشعور بالفراغ ومصاحبة رفقاء السوء وما تلعبه وسائل الإعلام المختلفة من تأجيج شهوة حب التملك و التقليد".

Kriminalität in Gaza
الأخصائيون النفسيون يؤكدون على أهمية إعادة التأهيل للمجتمعصورة من: Shawgy al-Farra

في طريق البحث عن الحل والعلاج

يعتَبرُ مُحللون وأخصائيون أن تركيبة المجتمع الغزى أصيبت أخيرا " بتعقيدات نفسية". وتتفق تقارير منظمات حقوق الإنسان المحلية و مؤسسات المجتمع المدني، بان" الحصار والحرب والفقر واليأس والعجز وانقطاع مصادر الرزق للكثيرين" هي من أكثر الأسباب المساهمة في تزايد الجريمة والظواهر السلبية الجديدة على مجتمع غزة. وتحدثت الأخصائية النفسية في مركز الأمل للرعاية والاستشارات النفسية فاتن النجار لدويتشه فيله عن نتائج المسح الميداني الذى قام به المركز وقالت:" إن المشكلات السلوكية للأطفال تمثلت في العدوان والتخريب والتدمير وحب الإيذاء الشخصي". وأضافت:" إن بعضا من هذا الجيل - من خلال الحرب وعلى مدار سنوات الحصار الستة - كبرت سلوكياته العدوانية". وتؤكد الأخصائية النفسية أن العلاج المجتمعي والتأهيل النفسي تشكلان الركيزة الأساسية للتوعية والاستقرار النفسي، مشيرة الى أهمية المقابلات والزيارات الميدانية والمساعدة المادية للمشاريع المجتمعية والتنموية، وتحويل بعض المحتاجين إلى مراكز التأهيل المهني أو الى أماكن العمل المناسبة بهدف اندماجهم اجتماعيا. غير أن د. محمد خليل أستاذ العلوم التربوية يؤكد من جهته أن الحل والعلاج يكمن في" المؤسسة التربوية كالمنزل والمدرسة والجامعة وفي الإعلام". لأن نفسية القاتل تعكس في رأيه " الاختلال النفسي في تركيبته التي تشمل مثلا البعد الديني والتربوي والمحيطه الصحي و الإجتماعي حيث قد تنبثق عنها جميعا عقد نفسية تتراكم وتتفاقم الى حدود ارتكاب الجريمة".

شوقي الفرا – غزة

مراجعة: عبدالحي العلمي