1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تدهور الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي ينهك كاهل العراقيين

١٣ مايو ٢٠١٢

رغم العائدات التي جناها العراق من مبيعات النفط، والتي بلغت مليارات الدولارات سنوياً، تشهد قيمة الدينار العراقي هبوطاً مستمراً مقابل الدولار الأمريكي. أسباب عدة داخلية وخارجية ساهمت في تراجع سعر الدينار أمام الدولار.

https://p.dw.com/p/14rwc
صورة من: picture-alliance/dpa

تدهورت قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي رغم عائدات النفط العراقية الهائلة ، لتصل قيمته في شهر نيسان/ أبريل الماضي إلى 1.320 دينار للدولار الواحد. وأسباب هذا التراجع لا تتعلق فقط بالسياسة النقدية للحكومة العراقية، بل تعود للتطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط أيضاً. ففي ظل العقوبات الغربية المفروضة على جارتيه سوريا وإيران شكل العراق المنفذ الوحيد لهذين البلدين للحصول على الدولار وإنعاش احتياطييهما النقديين منه.

أسباب الأزمة؟

وفي هذا السياق يعزو الخبير الاقتصادي في مركز تطوير الاقتصاد العراقي عماد شهاب سبب هبوط سعر الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي إلى جملة من الأسباب: "أبرزها زيادة الطلب على الدولار بدلاً من الدينار، ما انعكس بشكل سلبي على واقع الاقتصاد في البلاد". ويضيف شهاب في حوار مع DW عربية أن "تهريب العملة الصعبة (الدولار) إلى سوريا وإيران اللتين تعانيان من عقوبات اقتصادية فضلاً عن اتجاه التجار ورجال الأعمال العراقيين بادخار الدولار بدلاً من الدينار العراقي ساهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة". وهذا الطلب ارتفع، حسب تصريح لمحافظ البنك المركزي العراقي سنان الشبيبي، إلى 50 في المائة تقريباً منذ بداية العام الجاري.

Irak Schwäche des Dinar
حيدر محمد مهدي، صراف ببغدادصورة من: DW

من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي في مركز تطوير الاقتصاد العراقي عماد شهاب على "ضرورة معالجة الأزمة من خلال نهج البنك المركزي سياسة نقدية تعيد توازن سعر الدينار مقابل الدولار في المزادات (اليومية لبيع الدولار من قبل البنك المركزي العراقي)، وذلك عن طريق إنعاش السوق بعملة الدولار، لكي يثبت سعر الدينار بحدود معينة". هذا التأكيد يأتي في ظل اتهامات وجهها خبراء اقتصاديون للبنك المركزي العراقي بعدم اتباع سياسية نقدية سليمة وعدم استخدامه لأدواته النقدية بشكل صحيح، مؤكدين على وجود وفرة من العملة الأجنبية لدى البنك يستطيع استخدامها في الوقت الأمثل، بدليل بلوغ احتياطياته من العملة الأجنبية نحو 60 مليار دولار.

ولمواجهة الطلب المتزايد على الدولار، بشكل فاق الحاجة لتمويل واردات البلد من السلع والبضائع، قام المركزي العراقي بالإعلان عن مجموعة من الإجراءات، منها تلك المتعلقة بمعرفة التجار الذين يقومون بشراء الدولارات في مزادات البنك، في إشارة إلى أن بعضهم قد يشتريها لحساب آخرين ربما موجودين خارج حدود العراق. كما أصدر تعليمات بحصر بيع العملة الصعبة على المواطنين العراقيين المخولين بالاشتراك في مزاداته بشكل أصولي فقط.

أطراف مستفيدة

من جانبه يكشف أستاذ علم الاقتصاد في جامعة بغداد ونائب رئيس تحرير جريدة الجماهير الصادرة ببغداد كريم جبر ضمد عن الجهة المستفيدة من تفاقم أزمة الدولار في حوار مع DW: "تعتبر سوريا وإيران أبرز الدول المستفيدة من هبوط الدينار أمام الدولار"، مبيناً أن "العقوبات الاقتصادية والمالية الدولية التي فرضت على هاتين الدولتين أدت إلى هبوط عملتيهما المحليتين، مما أثر سلباً على الاقتصاد العراقي". ودعا الخبير الاقتصادي إلى ضرورة وضع سياسة نقدية محكمة من قبل البنك المركزي ووزارة المالية العراقية، "وإلا ستستمر قيمة الدولار في الارتفاع لتصل إلى أرقام قياسية، وهذا من شأنه أن يثقل كاهل المواطن العراقي". فتأثيرات ارتفاع الدولار تزداد حدة مع اعتماد العراق بشكل تام على الواردات لتغطية أبسط حاجياته في مختلف المجالات، في ظل انعدام الكثير من صناعاتها المحلية خلال العقدين الماضيين.

USA Wirtschaft Geldscheine Dollar
الدولار الأمريكي المستفيد من تدهور الدينار العراقيصورة من: picture-alliance/ Photoshot

مخاوف من عودة الماضي

ماضي الانهيار الاقتصادي في الأمس القريب مازال حاضراً حين انهارت العملة العراقية بعد حرب الكويت مطلع تسعينات القرن الماضي وما تبعها من عقوبات اقتصادية كان أول نتائجها انهيار الدينار العراقي، ليصبح الدولار يساوي قرابة ثلاثة آلاف دينار، بعد أن كان الدينار العراقي يساوي ثلاثة دولارات أمريكية في السبعينات والثمانينات. هذه المخاوف بدت واضحة في آراء المواطنين العراقيين الذين حاورتهم DW. "لم يعد مرتبي الشهري يكفي لسد قوت عائلتي اليومي نظراً لهبوط قيمة الدينار العراقي أمام الدولار وارتفاع أسعار المواد الغذائية ومتطلبات الحياة الأساسية الأخرى"، هذا ما قاله جمال بشير أحمد، الموظف في إحدى الدوائر الحكومية في بغداد، الذي يستلم راتبه بالعملة المحلية.

ويضيف أحمد (53عاماً) في حوار مع DW أن "ارتفاع قيمة الدولار الذي يشكل العمود الفقري للتجارة العراقية من خلال استيراد السلع والبضائع، قد شكل فرصة لجشع التجار في رفع قيمة هذه المواد الاستهلاكية"، على حد قوله.

أما حسن فرحان عيدان، صاحب ورشة لصناعة الحقائب الجلدية في سوق الشورجة وسط بغداد، فهو الآخر يشكو هبوط قيمة الدينار العراقي، منوهاً إلى أنه "مع ارتفاع سعر صرف الدولار أصبح كل شيء باهظ الثمن في السوق، وهو الأمر الذي يتعب الكثير من محدودي الدخل". وبينما ينشغل عيدان (43عاماً) بممارسة مهنته اليومية، يتساءل بنبرة قلق وتخوف: "لا أعرف ماذا يكمن خلف هذا الارتفاع المفرط في أسعار السلع والبضائع"، داعياً الجهات المسؤولة في الدولة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع استمرار ارتفاع قيمة صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي.

Die schwache irakische Währung
سلام حسين علوان، أحد المتضررين من تراجع قيمة الدينارصورة من: DW/Al-saidy

أما سلام حسين علوان، صاحب إحدى محال بيع الأجهزة الكهربائية المنزلية في منطقة الكرادة ببغداد فيقول:"إن عدم استقرار سعر صرف الدولار أثر بشكل كبير على حركة السوق"، وهو ما انعكس على مبيعاته التي تراجعت إلى حد كبير بسبب هبوط قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي.

ويرى حيدر محمد مهدي (51 عاماً)، وهو صاحب محل صيرفة في منطقة الباب الشرقي قلب العاصمة بغداد بأن توقف البنك المركزي العراقي عن ضخ السيولة النقدية في السوق في مزاد السوق سبب هبوط سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي، "الأمر الذي دفع التجار إلى زيادة الطلب على سحب الدولار وشرائه من السوق السوداء".

وبينما ينشغل بمراقبة بورصة أسعار العملات عبر هاتفه المحمول التي وصفها بـ"المتقلبة" وغير المستقرة يوضح مهدي (27عاماً) في حديثه مع DW عربية: بأن "سعر الدولار (الأمريكي) داخل السوق العراقية مستقر منذ أربعة أعوام، ولكن مع تغيير إجراءات البنك المركزي أصبح السعر مضطرباً".

رفعت القضية الآن إلى اللجنة الاقتصادية داخل أروقة البرلمان العراقي لمناقشتها، فهل ستبدد هذه الإجراءات مخاوف الأمس القريب لدى العراقيين من تضخم يثقل كاهل اقتصاد بلدهم المثقل أصلا بتبعات ذلك الماضي؟

مناف الساعدي/ بغداد

مراجعة: محمد المزياني

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد