1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بيرتولت بريخت: "الطعام يأتي أولا ومن ثم الأخلاق"

ماريان وجدي٢٢ أغسطس ٢٠٠٦

بين 2003 و2005 تم عرض مسرحية بريخت "أوبرا الثلاث بنسات" ثلاث مرات على مسارح مصرية بعد أن تم تمصيرها" لتصور أوضاع المجتمع في مصر بدلا من لندن مسرح أحداث المسرحية الأصلي. فهل نجحت عملية النقل أم فقدت المسرحية مصداقيتها؟

https://p.dw.com/p/8yFI
الممثلون والمطربون المصريون في مسرحية بريشت "أوبرا بثلاثة صاغ" بريشت يخاطب المشاهد مباشرة، حيث يخرج الممثل في بعض الأحيان من دوره ليعطي المشاهد حافزا للتفكيرصورة من: DW

في إطار الاحتفاليات الألمانية بافتتاح الجامعة الألمانية بالقاهرة عرضت مسرحية بيرتولت بريخت "أوبرا الثلاث بنسات" على مسرح مكتبة الإسكندرية في سبتمبر/أيلول 2003 وأغسطس/آب 2004 وعلى مسرح الجمهورية بالقاهرة في سبتمبر/أيلول 2005. أخرج المسرحية في عروض الإسكندرية المخرج محسن حلمي وفي عرض القاهرة المخرج محمد أبو الخير، وقام بكتابة الأشعار باللغة العامية المصرية الشاعر سيد حجاب. يجدر بالذكر إن اسم المسرحية تغير في عرض القاهرة ليصبح "أوبرا بثلاثة صاغ".

أما عن أحداث المسرحية فقد أعيدت كتابتها لتجري في الإسكندرية في الطبقات السفلى من المجتمع. فشخصيات المسرحية أو أبطالها من المجرمين والعاهرات والمتسولين. وتغيرت أسماء الشخصيات ليصبح "ماكي ميسر" "أبو مطوة" وتصبح "بولي بيخوم" "قمر" التي يملك أبوها "الوحش" مؤسسة للتسول يستغل فيها إعاقات الأشخاص ليتسولون لحسابه ويدربهم على طرق التسول لاستدرار العطف لدى المارة. يكتشف "الوحش" في يوم من الأيام أن ابنته على علاقة بـ"أبو مطوة" فيقرر الانتقام منه عن طريق الإبلاغ عنه. لكن الضابط الذي كان يحارب مع أبو مطوة من قبل ويرتبط معه بصداقة كان قد أخفى صحيفة سوابقه. يذهب إليه الوحش ويهدده في نفس الوقت الذي تذهب فيه زكية امرأته إلى العاهرات اللاتي يترد عليهن أبو مطوة وتعدهن بأموال كثيرة إذا قمن بالإبلاغ عنه. بالفعل يتم القبض على أبو مطوة، ولكن قبل إعدامه بقليل يجيء الضابط ويعلن عن الإفراج عن أبو مطوة وإعطاؤه 100 فدان من الأراضي بمناسبة الأعياد القومية للبلاد فيهلل أبو مطوة ومعه المتسولون والعاهرات والمجرمون. تتسم المسرحية بالأغاني الواضحة الصريحة التي تدخل في بعض الأحيان في تفاصيل العلاقات الجنسية بين الأبطال وتشرح الأوضاع الطاحنة لتلك الطبقات دون تجميل.

أحداث مشابهة للواقع الحالي

Brecht-Inszenierung in Alexandria
تميزت الأدوار بصعوبتها لأنها نقلت صور طبقات مستترة في المجتمع دون حياءصورة من: DW

رغم أن أول عرض للمسرحية كان عام 1928، إلا أن أحداثها والتي لم يتغير في عناصر المسرحية فيها إلا المكان والزمان، تشابه الواقع المصري الحالي. فالطبقات المصورة في المسرحية موجودة في المجتمع المصري الفقير وتمثل جزءا من تكوين الشعب، حتى إن لم يتم تمثيلها في الإعلام. لا يتطرق الإعلام المصري لمعالجة تلك المواضيع لأن لها أبعاد جنسية واجتماعية سلبية لا يجرؤ الكثيرون على التحدث عنها. هذه المصاعب واجهت المخرجين في معالجتهم للمسرحية ومثلت كذلك بالنسبة للممثلين عائقا بسبب جرأتها. مروة شومان، احدى ممثلات المسرحية، قالت في حوار مع موقعنا: "كان يجب علي أن أنسى أنني طالبة جامعية وأتناسى في أي مجتمع أعيش. أن أقوم بتمثيل دور عاهرة تطلب جرأة كبيرة والتغلب على الخجل. في البداية لم أكن أريد أن يأتي أي من معارفي للعرض، لكنني مع الوقت تأكدت أن تلك الأدوار موجودة في المجتمع المصري المطحون، وأننا لا نمثل أدوارا إباحية، إنما نوضح للمشاهدين رسالة بريخت بالنسبة لتلك الطبقات. "فـالطعام يأتي أولا ومن ثم الأخلاق". لا يمكن أن نتوقع من أشخاص لا يجدون قوتهم اليومي أن يتحلوا بالمبادئ والأخلاق".

أما السوبرانو نيفين علوبة والتي مثلت دور جيجي حبيبة أبو مطوة السابقة وأيضا دور الراوي فقالت: "حين نقلنا الأحداث إلى مدينة الإسكندرية وجدنا سهولة كبيرة في مطابقة النص لحال المجتمع المصري الشعبي الفقير. كما كان سهلا على الجمهور أن يشعر أن هذا الكلام مكتوب عن المجتمع المصري". وعن المشاكل التي واجهتها تقول: "كان لابد أن اجتهد في إيجاد اللون المطابق للشخصية التي لم امثل مثلها من قبل، فالشخصيات مصرية بحتة من المجتمع الفقير".

تأثير عالمي متواصل

Dichter, Dramatiker und Schriftsteller Bertolt Brecht vor dem Untersuchungsausscuss in Amerika
الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت بريشتصورة من: AP

من المعروف أن بريخت أسس المسرح الملحمي الحديث الذي شمل أنماطا مثل الأغاني والراوي المسرحي والتحدث المباشر مع المشاهد وحثه على تغيير المجتمع. وفي مسرحياته كان بريخت يحول الأنظار إلى القهر في المجتمع ولا يخجل من تعرية كل مساوئ المجتمع بحيث يفرض على المشاهد التفكير في تلك الظروف وكيفية تغييرها. وبسبب توجهاته الشيوعية كان بريخت يكتب عن الطبقات الفقيرة المدقعة ويركز على معاناتها. ويلعب بريخت اليوم دورا شديد الأهمية في المجتمعات النامية التي لا تزال تلك المشاكل تلعب دورا فيها رغم مرور خمسين عاما على وفاته. تقول الفنانة نيفين علوبة: "مسرحيون كثيرون من مخرجين و شعراء و نقاد درسوا مدرسة بر يشت في الكتابة المسرحية

ولذلك أعتقد أن من خلال عملهم في المجال المسرحي في مصر أثر بريخت عليهم. أذكر هنا على سبيل المثال الأساتذة بأكاديمية الفنون د. أحمد سخسوخ و د. أسامة أبو طالب اضافة الى د. هانى مطاوع."

كذلك يعرف أن مسرحيات بريخت تم عرضها في الكثير من الدول العربية مثل لبنان والجزائر ومصر، كما أثر مسرحه على الكتاب العرب مثل ألفريد فرج وسعد الله ونوس. واليوم يلعب بريخت خارج ألمانيا دورا أكبر من داخلها، فنظريات بريخت المسرحية يمكنها أن تدفع عجلات التغيير في المجتمعات النامية التي تحتاج إلى إيجابية الشعوب في التفكير والتغيير.