1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الوضع في سوريا ـ لماذا تأخر "قلق" دول مجلس التعاون الخليجي؟

٦ أغسطس ٢٠١١

بعد أشهر من الصمت المطبق أعربت دول مجلس التعاون الخليجي عن "قلقها" إزاء "الاستخدام المفرط للقوة" في سوريا. فلماذا كل هذا التأخير وما خلفياته. حول هذا الموضوع حاورت دويتشه فيله الخبير والباحث السعودي عبد العزيز بن صقر.

https://p.dw.com/p/12CML
هل أدركت دول الخليج أن الوضع في سوريا وصل إلى حد لايمكن السطوت عليه؟صورة من: AP Photo / SHAMSNN

عبرت دول مجلس التعاون الخليجي السبت (6 آب/ أغسطس) عن "القلق البالغ والأسف الشديد" حيال "الاستخدام المفرط للقوة" في سوريا داعية إلى "الوقف الفوري لإراقة الدماء" في هذا البلد. وأوضح بيان للمجلس أن دوله "تتابع بقلق بالغ وأسف شديد تدهور الأوضاع" في سوريا و"تزايد أعمال العنف والاستخدام المفرط للقوة، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى". وأضاف "إذ تعرب دول المجلس عن أسفها وحزنها لاستمرار نزيف الدم، تؤكد حرصها على أمن واستقرار ووحدة سوريا وتدعو إلى الوقف الفوري لإعمال العنف وأي مظاهر مسلحة، ووضع حد لإراقة الدماء واللجوء إلى الحكمة، وإجراء الإصلاحات الجادة والضرورية، بما يكفل حقوق الشعب ويصون كرامته، ويحقق تطلعاته".

ولتسليط مزيد من الضوء على الموقف الخليجي عموما والسعودي خصوصا من الأوضاع في سوريا، أجرت دويتشه فيله حوارا مع الباحث السعودي الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث في دبي.

دويتشه فيله: رأينا أن دول الخليج العربية لعبت الدور الأبرز في المسالة الليبية، كما أنها صاحبة مبادرة ما تزال هي الأقوى بين الحلول المطروحة لإنهاء الأزمة في اليمن. أما فيما يتعلق بالأوضاع في سوريا فقد تطلب الأمر أشهرا قبل صدور أول بيان لمجلس التعاون، فبماذا تفسر هذا التأخير؟

عبد العزيز بن صقر: أولا، باعتقادي أن الدور الذي لعبته دول مجلس التعاون فيما يتعلق بليبيا هو دور أساسي، فهي التي بدأت وعرضت فرض الحظر جوي. وكذلك الأمر فيما يتعلق بالمبادرة اليمنية، انطلاقا من أهمية اليمن (بالنسبة لأمن دول الخليج ـ المحرر). أما بالنسبة لسوريا، فقد كان هناك نوع من القناعة بقدرة النظام السوري على التعامل مع الموقف وتجاوز الأزمة والاستفادة من الدروس. فربما كان هناك رغبة في عدم تصعيد الموقف بالنسبة لسوريا. لكن الأمور وصلت إلى مرحلة، وجدت فيها دول مجلس التعاون بأن الانتشار الجغرافي فيما يتعلق بعمليات القمع قد توسع، وأن الموقف الدولي قد تغير، بصدور بيان من مجلس الأمن الدولي أدان فيه العنف. كما أن إدانات واضحة صدرت من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وتركيا ومعظم الأطراف الدولية، من جهة ومن جهة أخرى رأت أن النظام السوري قد أفرط في استخدام العنف. فقد تكون الدول الخليجية وجدت أنه لزاما عليها أن تصدر بيانا وأن تتحدث عن ضرورة إنهاء العنف والعمليات العسكرية، وضرورة الوصول إلى تفاهم بين الطرفين، أي الشعب والنظام. ربما هذا هو السبب.

ولكن بعد مرور أشهر وبعد سقوط مئات القتلى ألا يعد البيان الذي أصدره مجلس التعاون الخليجي ضعيفا نسبيا، بالمقارنة مع المواقف الدولية؟

أنا متأكد أن هذا هو البيان الأول، وستتبعه مجموعة من المواقف، تبعا للتطورات على أرض الواقع. وبالتالي لا يمكن أن تقف دول مجلس التعاون مع النظام في مواجهة الشعب السوري. فالشعب باقي والدولة باقية، أما النظام فسيتغير.

إذن لماذا استخدم البيان تعبيرات عمومية، ولم يشر بوضوح إلى الجهات والأشخاص التي تقف خلف أعمال العنف؟

هي رسالة وصلت من دول مجلس التعاون إلى النظام السوري، لتؤكد بأن هذه الدول لن تقف موقف المتفرج، كما كانت في السابق، ولن تقف موقف المهادن مع النظام السوري، الذي وعد بإجراء إصلاحات وتغييرات. وهي ستقف مع الشعب السوري. فلذلك لابد من الانتظار لنرى ما سيتم اتخاذه من خطوات واضحة فيما بعد.

كما أن هناك قضية أساسية يجب الإشارة إليها، فالحلول السياسية والعسكرية التي طرحت في ليبيا لم تؤدي إلى نتيجة حاسمة، والحلول التي طرحت في اليمن لم تؤدي إلى نتيجة. وهنالك قلق أيضا من عملية معالجة عدة قضايا في وقت واحد وفي اتجاهات مختلفة. الأمل كان موجودا بأن الإصلاح والتغيير سيأتي من الداخل. ولكن في جميع الأحوال، فإن دول الخليج تعلم جيدا الآن بأن النظام، إذا ما استطاع أن يستمر، فسيكون أقل قوة وبدون فاعلية كبيرة. وإذا لم يستمر فالتغيير الحتمي سيكون موجودا. وهذه القناعة باتت موجودة، ولكن قد نرى تدرجا في المواقف، مثل الكثير من الأطراف الدولية، التي تدرجت في مواقفها.

ولكن هل ترى تناغما بين الموقف الخليجي وبقية المواقف الدولية؟

الدول الغربية صعدت من لهجتها، ولكن ما الذي سيحققه هذا التصعيد. فالإشكالية تكمن في أن التصعيد الآن لن يكون تصعيدا عسكريا، وقد استمعنا إلى موقف حلف الناتو ونفيه القيام بأي تدخل عسكري في سوريا. إذن ما الذي سوف يتم. إما سيكون هناك تصعيد فيما يتعلق بحصار اقتصادي وسياسي على النخبة السياسية في سوريا، وممارسة بعض الضغوط الدولية. وهذا سيكون له محاذير لأن الحصار الاقتصادي سيضر بالشعب السوري.

وإما سيكون هناك دعم عسكري للمتظاهرين، إذا ما تحولت الأمور إلى مواجهات مسلحة بين السلطة وبين الشعب. وهذا غير مطروح في الوقت الحالي، لأن العنف يصدر من جانب واحد، أي من جهة النظام.

وعموما، دول الخليج هي جزء من هذا العالم، ولا تستطيع أن تكون بمعزل عن القرارات الدولية، وإنما ستتوافق في نهاية المطاف مع القرارات الدولية ومع إجماع الشرعية الدولية.

لو انتقلنا إلى المملكة العربية السعودية، وهي حجر الرحى والقطب الأكبر في مجلس التعاون. ما هو تقييمك للموقف السعودي من الأوضاع في سوريا؟

تقييمي للموقف السعودي هو نفس الموقف الخليجي، والذي رأى في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية، الذي عقد في مدينة جدة، ألا يتطرق لسوريا في البيان، لاعتقادهم بأن القيادة السورية ستتعامل بحكمة مع الموقف. وذلك بعد زيارة وزير الخارجية السورية إلى منطقة الخليج وإعطاءه تضمينات وتأكيدات كبيرة بأن القيادة السورية ستقوم بجهود حثيثة في التعامل مع الموقف، وتسعى إلى امتصاص حدة الغضب عن طريق إصلاحات حثيثة، ولكن يبدو أننا وصلنا إلى مرحلة أصبحت فيها كل الأطراف على غير قناعة بهذه الوعود، فأنا متأكد بأن التصريحات المستقبلية ستكون مبنية على الحقائق الجديدة الموجودة على أرض الواقع. والمملكة يهمها الشعب السوري بالدرجة الأولى، وليس النظام. على عكس إيران مثلا، التي ترتبط بروابط قوية بالنظام وليس بالشعب.

ما هي قرأتك لمستقبل للوضع في سوريا؛ إلى أين تتجه الأحداث في رأيكم؟

في قناعتي أن هناك حالتين، وفي كليهما أرى أن الوضع منتهي. فإذا قدم النظام تنازلات وقام بإصلاحات جدية، فلن يكون ذلك مرضيا بالنسبة للشعب السوري، لأن ذلك جاء متأخرا، وكل ما قدمه إلى الآن غير مرضي للشعب. والخيار الآخر أن تستمر المواجهات والاستخدام المفرط للعنف، وفي هذا ستكون نهاية للنظام السوري.

وفي كلتا الحالتين أرى بأنه بيد النظام السوري، في الوقت الراهن، الانسحاب وتغيير خطته وإيجاد البدائل، لحقن دماء الشعب السوري وتوفير معاناة إضافية على الوطن العربي وعلى الأمة وعلى الشعب السوري بالدرجة الأولى.

(دويتشه فيله/ أ.م)

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد