1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المغرب: إحراق الذات يشعل الجدل من جديد حول الإغتصاب

فاطمة الزهراء أوعزوز١٠ أغسطس ٢٠١٦

الاغتصاب والابتزاز والتشهير بالسمعة، كلها عوامل قد تدفع بضحاياها للإقدام على الانتحار، مثلا على شكل إضرام النار في الذات. للتعبيرعن موقف احتجاجي. قضية القاصر المغربية خديجة السويدي تعكس صورة لمثل هذه الحالات.

https://p.dw.com/p/1Jepk
Marokko Protest Vergewaltigung
صورة من: STR/AFP/Getty Images

شهدت الفترة الأخيرة في المغرب تزايد عدد الأفراد الذين يلجئون إلى حرق الذات كوسيلة للاحتجاج، بهدف شد انتباه الرأي العام، وغالبا ما تكون الأسباب من وراء هذا السلوك الانتحاري، متعددة يتداخل فيها النفسي بالاجتماعي وكذلك الاقتصادي. في الآونة الأخيرة ظهر صنف آخر من دوافع هذا السلوك يتمثل في استغلال النفوذ والشطط في التعامل مع القضاء، الأمر الذي يولد احتقانا داخليا لدى الفرد الذي قد يضرم النار في جسده.

الفتاة القاصر خديجة السويدي كانت تشتغل كنادلة بإحدى المقاهي، وتسكن في غرفة بمفردها، استأجرتها هربا من لظى العار، بعدما تعرضت للاغتصاب بشكل جماعي بمدينة بن كرير، من طرف ستة أشخاص، هددوها بالتشهير بسمعتها ونشروا مقاطع فيديو وصور على مواقع التواصل الاجتماعي، التقطوها أثناء اغتصابهم لها، وهو السبب الأساسي الذي دفع بخديجة السويدي للقيام بحرق ذاتها، لتفارق الحياة الأسبوع الماضي، حسب مصادر حقوقية.

أفادت مصادر مطلعة أن الشرطة المغربية اعتقلت ستة مغتصبين من خلفية ابتزاز الضحية بفيديوهات صورت أثناء اغتصابها. في العام الماضي كان عمرها 16 سنة ، حينما تعرضت للاختطاف من قبل ثمانية شبان، اقتادوها خارج المدينة حيث اغتصبوها.اعتقلت الشرطة سبعة من هؤلاء يومها، فيما هرب الثامن ولم يقبض عليه إلّا بعد شهرين أو ثلاثة، وقد جرى تقديمهم إلى النيابة العامة من أجل التحقيق معهم، لكن تم الإفراج عنهم مؤقتا قبل تقديمهم إلى المحاكمة.

Omar Arbib
عمر أربيب، رئيس فرع منارة مراكش للجمعية المغربية لحقوق الإنسان،صورة من: privat

غياب العدل وإحراق الذات

عمر أربيب رئيس فرع المنارة مراكش للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذي تابع ملف خديجة السويدي، يقول في لقاء مع DWعربية: "حرق الذات كوسيلة احتجاجية ينبع من الإحساس بامتهان الكرامة الانسانية والتهميش، وعدم القدرة على توفير أبسط مستلزمات العيش الكريم. ويقوي هذا الإحساس الشطط في استعمال السلطة. إضافة إلى الإحساس بالظلم الاجتماعي، واستمرار تنكر الدولة للاهتمام بمطالب العديد من الفئات".

كما أعرب عمر عن أسفه لما لحق بخديجة ملاحظا أن "ما وقع لخديجة السويدي الفتاة القاصر، هو محصلة لإنكار العدالة واستمرار عدم المتابعة العقابية لجرائم الاغتصاب". وبالإشارة إلى أن اليتيمة خديجة غادرت منزل أمها في سن الرابعة عشرة من العمر كي تعيل أسرتها، أضاف المتحدث أن ذلك " دليل قاطع على انتهاك حقوق الطفل، وغياب سياسة عمومية في الدولة لضمان حق العديد من الأطفال في التمدرس والحماية من الاستغلال الاقتصادي والجنسي، مؤكدا أن "إحراق خديجة لذاتها، كان فقط بسبب غياب الإنصاف والعدل. "

Ahmed El Haij
أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.صورة من: privat

غياب التربية الجنسية

ويعتبر الناشط الحقوقي عمر أربيب أن "انتشار ظاهرة العنف الجنسي ضد الأطفال، هي نتيجة انتشار ثقافة الانغلاق والتقليدانية، والقهر والتهميش الاقتصادي والاجتماعي، وغياب التربية الجنسية و إنكار التربية على حقوق الإنسان على سائل الإعلام العمومية. ناهيك عن شيوع الافلات من العقاب عند حدوث مثل هذه الانتهاكات، إضافة إلى تستر عائلات الضحايا والمجتمع على هذه الجرائم خاصة المقترفة في الوسط العائلي.".

DWعربية تحدثت مع السيد الغزواني المحامي المكلف بقضية خديجة السويدي، وأفاد أن المحكمة أجلت ملف القضية للبت فيه إلى يوم الخميس المقبل، واعتبر بدوره أن السبب الرئيسي وراء انتحار القاصر، هو تهديديها من قبل مغتصبيها بنشر صور وفيديوهات التقطوها لها أثناء عملية الاغتصاب، مشيرا أن المتوفية دخلت عقب هذا التهديد أزمة نفسية وإحباط حادين، لتقوم بإنهاء حياتها عن طريق إدرام النار في جسدها داخل غرفتها حيث حاول خطيبها مساعدتها وإطفاء النار غير أنه فشل في ذلك، وأشار المحامي الغزواني أن خطيب الضحية أطلعه أنها رددت عبارة "ولاد خميس" أثناء احتراقها، في إشارة الى المنطقة التي يسكن بها المغتصبون.

واعتبر المحامي الغزواني أن هذا الملف " يتسم بطابع الغموض، حيث إن هناك حلقة مفقودة لم يتم التصول إليها حتى الآن لمعرفة الحقيقة. وهذا الأمر يتطلب من القضاء فتح تحقيق، وإنزال أقصى العقوبات في حق هؤلاء الشبان، إضافة إلى ضرورة إحالة الملف على الجنايات". واستخلص قائلا: "بالفعل القضاء المغربي ليست فيه نزاهة".

كما أطلعت والدة الضحية DWعربية في اتصال هاتفي، على السبب الرئيسي خلف انتحار ابنتها، وقالت إنه يعود إلى "تواطؤ القضاء مع المجرمين" الذين اغتصبوا ابنتها، مشيرة إلى أن الضحية دخلت دوامة العذاب النفسي الشديد، مباشرة بعد إطلاق سراح هؤلاء الذين ابتزوها وهددوها بتشويه سمعتها في حال رفضها التنازل على القضية وعدم تسليم مبالغ مالية.

أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، اعتبر أنه ليس هناك ما يشرح سبب إطلاق سراح مغتصبي خديجة، مهما كانت البواعث والدواعي، "عدا عند وجود قصور لدى القضاء للعب دوره كآلية حمائية، وضعف مهني في مجال البحث والتقصي"، وأشار المتحدث أن ذلك "يؤدي إلى إفلات الجناة من العقاب، ويعمل على توفير الظروف لاستفحال مثل هذه الظواهر". واسخلص أحمد الهايج قائلا: " الضحايا يجهزون على ذواتهم بالانتحار بحثا عن العدالة المفتقدة، حتى ولو كان ذلك على حساب حقهم في الحياة".

Hamidine Abdelali
الدكتور عبد العلي حامي الدين، مستشار برلماني بمجلس المستشارين، ورئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان بالمغرب.صورة من: privat

" الاغتصاب ليس خاصية مغربية"

وفي لقاء آخر ل DW عربية مع الدكتور عبد العلي حامي الدين، المستشار البرلماني بمجلس المستشارين، ورئيس منتدى كرامة لحقوق الانسان بالمغرب، اعتبر المتحدث أن " انتشار ظاهرة الاغتصاب ليست خاصية مغربية، غير أن هناك العديد من الأسباب التي تساهم في تزايد هذه الظاهرة: فهناك أولا العقوبات القضائية المخففة التي لا تساهم في ردع المجرمين، وهناك تزايد في الأمراض النفسية وغياب مراكز العلاج النفسي، حيث إن من يقدم على الاغتصاب ليس شخصا طبيعيا " .

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات