1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المحكمة الدستورية الاتحادية: أعلى مرجع قضائي في ألمانيا

عارف جابو٢٣ نوفمبر ٢٠٠٦

نظراً لتداخل الاختصاص والصلاحيات القانونية بين الاتحاد والولايات الألمانية كان لابد من وجود جهاز يتولى الفصل في النزاعات الناتجة عن ذلك وحماية النظام السياسي الفيدرالي الديمقراطي وهو ما تقوم بهم المحكمة الدستورية.

https://p.dw.com/p/9Psw
اعضاء الغرفة الثانية في المحكمة الدستورية الاتحاديةصورة من: AP

يعود تاريخ المحكمة الدستورية في المانيا ومقرها مدينة كارلسروهه (جنوب غرب) الى اكثر من خمسة قرون، حيث تم في عام 1495 تأسيس المحكمة الامبراطورية، وفي عام 1518 مجلس حكماء الامبراطوية الذي كان مختصاً بفض النزاعات التي تقع بين أجهزة الدولة، وفي عام 1850 تم تأسيس أول محكمة مختصة بالشؤون الدستورية في المانيا وهي محكمة الدولة في بافاريا، وقد نص دستور جمهورية فايمر عام 1919 على تأسيس محكمة الدولة، أما المحكمة الدستورية الحالية فقد تم تأسيسها عام 1949.

تأسيس المحكمة الدستورية الاتحادية

بعد الحرب العالمية الثانية وهزيمة النازية تم تأسيس دولة المانيا الاتحادية على أسس ديمقراطية حديثة بموجب دستور عام 1949 الذي يسمى القانون الأساسي وبموجبه تم إنشاء المحكمة الدستورية الاتحادية، وقد نص الدستور في المواد 92 – 94 على مهام وصلاحيات المحكمة وكيفية تشكيلها، كما تم سن قانون لتنظيم عمل المحكمة التي لم تباشر عملها إلا بعد عامين حين أصدرت أول حكم لها في 09 ايلول /سبتمبر عام 1951.

تتألف المحكمة الدستورية الاتحادية من غرفتين، كل واحدة منهما تضم ثمانية قضاة ينتخب نصفهم بأكثرية الثلثين من قبل لجنة تضم 12 عضواً من البرلمان الى جانب مجلس الولايات، أما النصف الاخر من اعضاء المحكمة يتم تعيينهم من بين قضاة المحاكم الاتحادية العليا الاخرى. القضاة الذين تنتخبهم اللجنة يجب ان يكونوا ممن يتمتعون بحق الانتخاب ومن رجال القانون الذين تتوفر فيهم شروط التعيين في سلك القضاء وأتموا الأربعين عاماً من العمر، ومن الشروط المهمة الاخرى الواجب توفرها في هؤلاء القضاة هو ألا يكونوا أعضاء في البرلمان او الحكومة او مجلس الولايات او برلمان او حكومة إحدى الولايات، ومدة ولايتهم 12 عاماً غير قابلة للتمديد أو التجديد ويجب ألا يتجاوز القاضي الثامنة والستين من العمر خلال ممارسته عضويته.

حماية الدستور والنظام الديمقراطي

Symbolbild Verfassung Grundgesetz Deutschland
حماية الدستور والحقوق الاساسية اولى مهام المحكمة الدستورية في المانياصورة من: dpa - Fotoreport

أولى مهام المحكمة الدستورية السهر على حماية الدستور، فمنذ تأسيسها عام 1951 تولت المحكمة مهمة صيانة واحترام النظام الديمقراطي الحر في ألمانيا وتطبيق الدستور. فكل أجهزة الدولة ملزمة باحترام القانون الأساسي، وفي حال نشوب أي نزاع في هذا الشأن تتدخل المحكمة الدستورية العليا وتصدر حكمها الملزم لكافة أجهزة الدولة. كما ان للمحكمة دوراً في التأثير على الحياة السياسية الالمانية من خلال نظرها في دستورية القانون الصادرة؛ ولكنها لا تعتبر جهازاً سياسياً ذا أهداف سياسية وإنما مرجعها والتزامها فقط بالدستور فهي تحرص على توفر الشرعية الدستورية للقرارات السياسية.

أما الدعاوى التي ترفع امام المحكمة فهي الدعاوى الدستورية التي تحتاج الى موافقة المحكمة لقبولها والنظر فيها إذا كانت ذات اهمية دستورية وهناك خرق دستوري واضح، وقرار قبول او رفض الدعوى تتخذه المحكمة لوحدها قبل النظر في موضوع الدعوى وقرارها مبرم. قبل رفع هذه الدعوى يجب ان تكون الطرق القانونية الاخرى قد سلكت وأبواب المحاكم الاخرى قد طرقت، والدعوى الدستورية يجب ان تكون خطية وهي معفاة من الرسوم القضائية، ولكن اذا تبين للمحكمة ان هناك إساءة لاستعمال هذا الحق تستطيع ان تفرض على المدعي غرامة مالية تصل الى 2600 يورو. وأثناء الطعن في قرارات المحاكم الاخرى امام المحكمة الدستورية فإنها تنظر فقط في دستورية القرار والقانون المطبق دون النظر في موضوع الدعوى فهي محكمة قانون وليست محكمة موضوع.


الفصل في النزاعات الدستورية وحظر الأحزاب السياسية

Innenminister Otto Schily und ein mögliches NPD Verbot
وزير الداخلية الالماني السابق يجمع الادلة للمطالبة بمنع الحزب النازيصورة من: AP

المحكمة الدستورية الاتحادية هي الوحيدة المختصة بالحكم على دستورية القوانين، فإذا امتنعت إحدى المحاكم عن تطبيق قانون او مادة قانونية معينة لعدم دستوريتها عليها ان ترفع الامر الى المحكمة الدستورية لتفصل في الموضوع ومن ثم الالتزام بقرارها، كذلك تستطيع الحكومة الاتحادية او حكومات الولايات او ثلث اعضاء البرلمان الاتحادي التقدم بطلب الى المحكمة الدستورية للنظر في دستورية قانون ما. كذلك تنظر المحكمة في الطلبات المقدمة إليها للفصل في النزاعات التي تنشب بين أجهزة الدولة المختلفة او بين الاتحاد والولايات حول الاختصاص والحقوق، ومن مهام المحكمة الاخرى الفصل في الطعون المقدمة إليها حول نتائج الانتخابات.

ونظراً لأهمية الأحزاب السياسية في الحياة الديمقراطية والممارسة السياسية في الدولة، للمحكمة الدستورية الاتحادية وحدها الحق في اتخاذ القرار فيما اذا كان حزب ما مخالفاً للدستور والنظام الديمقراطي الحر وبالتالي اتخاذ القرار بمنعه، وفي هذا الإطار اتخذت المحكمة القرار برفض طلب الحكومة لمنع الحزب القومي الالماني (النازيون الجدد) لان الأدلة التي تقدمت بها ضد الحزب كانت قد حصلت عليها بطرق غير قانونية.

ومن الأحكام الاخرى التي أصدرتها المحكمة في الامور السياسية هو القرار بدستورية إرسال القوات الالمانية الى خارج البلاد في إطار قوات الناتو عام 1994، ومن قراراتها الطعن في دستورية التصويت على قانون الهجرة عام 2004 في مجلس الولايات بموجب الطلب الذي تقدمت به المعارضة آنذاك.

بقي ان نقول أنه نظراً للمكانة الرفيعة التي تتمتع بها المحكمة الدستورية الاتحادية في الحياة السياسية والقانونية الالمانية فإن قراراتها نهائية وليس هناك أي مجال للطعن فيها وهي ملزمة لكل أجهزة الدولة الاتحادية والولايات إذ تنص المادة 31 من قانون تنظيم المحكمة على أن "قرارات المحكمة الدستورية الاتحادية ملزمة للهيئات الدستورية في الاتحاد والولايات ولجميع المحاكم والدوائر الرسمية".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد