1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المحكمة الخاصة بلبنان - هل ستعمق الانقسام الداخلي؟

منى النجار / عبد الكريم اعمارا١٦ يناير ٢٠١٤

بعد مرور تسع سنوات على اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، بدأت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان محاكمة أربعة عناصر من حزب الله غيابياً متهمين في قضية اغتياله. محاكمة قد تزيد من حالة الانقسام الداخلي في لبنان.

https://p.dw.com/p/1AroP
Mahnmal rafik al-Hariri
صورة من: Mona Naggar

تتباين المواقف في لبنان اتجاه المحكمة الدولية الخاصة التي تنظر في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. أبو مروان، وهو محاسب يبلغ من العمر 62 عاما يرى، على سبيل المثال، أن هذه المحكمة مهمة جداًّ. ويقول أبو مروان: "على الجناة أن يعلموا أنهم لن يفلتوا من العقاب".أما علي حميد، وهو صاحب محل تجاري فله رأي مختلف. إذ يرى في ذلك مؤامرة أمريكية-إسرائيلية ضد حزب الله الشيعي. ويقول حميد: "لقد خاض حزب الله حرباً ضد إسرائيل في جنوب لبنان هزم فيها الإسرائيليين، ولهذا السبب يٌعاقب حزب الله الآن".

اغتيال الحريري وتداعياته السياسية

في 14 من فبراير/ شباط 2005، قُتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق على إثر انفجار شاحنة مفخخة على واجهة بيروت البحرية أثناء عودته إلى منزله في سيارة مصفحة. هذا التفجير أودى أيضاً، بحياة 22 شخصا آخرين، من بينهم منفذ الاعتداء. وبدأت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي تأسست عام 2007 بقرار من مجلس الأمن الدولي بطلب من الحكومة اللبنانية لمحاكمة المسؤولين عن هذا التفجير، جلساتها في غياب المتهمين الذين لا يزالون متوارين عن الأنظار، رغم صدور مذكرات توقيف دولية بحقهم.

وكانت أصابع اتهام لجنة التحقيق التي شكلها مجلس الأمن الدولي للتحقيق في القضية تشير إلى تورط النظام السوري في عملية الاغتيال. وطالبت الحكومة اللبنانية حينها مجلس الأمن إنشاء محكمة للتحقيق في جريمة اغتيال الحريري. وتم فيما بعد اتهام خمسة من أعضاء حزب الله غيابياً، لكن حزب الله رفض تسليم المتهمين. وتعكس مواقف الكثير من الناس في لبنان اتجاه المحكمة الدولية الخاصة بقضية مقتل الحريري ولائهم السياسي. فأبو مروان مثلاً، سني ومن أتباع "تيار المستقبل" الذي أسسه الحريري، بينما علي حميد يدعم حزب الله الذي يعارض المحكمة ويرى فيها مكيدة من الغرب.

Uhrzeit des Attentates auf rafik al-Hariri
نصب تذكاري لساعة تشير إلى الوقت الذي اغتيل فيه الحريريصورة من: Mona Naggar

التشكيك في أهداف المحكمة

ويعتبر لقمان سليم، الذي لا ينتمي إلى أي معسكر سياسي، تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان علامة فارقة في تاريخ لبنان الحديث. ويقول سليم البالغ من العمر 51 عاماً أن هذه المحكمة تعتبر شيئاً جديداً في الثقافة السياسية في لبنان بغض النظر عن أي اتجاه سياسي يدعمه كل شخص في لبنان. ويضيف سليم: "أنا محظوظ لمعايشة هذه التجربة وتتبع تعامل اللبنانيين معها...". ومع ذلك يبقى لقمان سليم متشائم بعض الشيء لأن الكثير من اللبنانيين يرون في هذه المحكمة أداة للانتقام أو التآمر أو لتقسيم البلاد إلى جناة وضحايا من الطرفين.

Monika und Lokman
لقمان سليم وزوجته مونيكا بورغمانصورة من: Monika Borgmann

ويعمل لقمان سليم مع زوجته مونيكا بورغمان بشكل شخصي على تدوين بعض محطات تاريخ لبنان الحديث. وذلك عبر صفحة إلكترونية اسمها "Memory at Work". وفي إحدى محاور هذه الصفحة، يرصد الزوجان الاغتيالات السياسية التي عرفها لبنان في العقود الأخيرة، ومن بينها اغتيال الحريري أيضاً. ويشير سليم إلى أن الحكومات اللبنانية لم تكن تقتفي خطوات كل الاغتيالات السياسية باستثناء عملية اغتيال الحريري، التي لم يطلها النسيان بسبب إنشاء المحكمة الدولية التي تأسست لهذا السبب.

الوقع السياسي للمظاهرات

وأثر اغتيال رفيق الحريري بشكل كبير على التطورات السياسية في لبنان، حيث بات من الواضح منذ البداية أن الاحتجاجات التي تلت اغتيال الحريري قد تُجبر على إصلاح النظام السياسي في لبنان. وطالب المحتجون بتحقيق العدالة، ودعوا إلى إلغاء النظام الطائفي الذي ينص على أن يكون رئيس الجمهورية مسيحي ورئيس الوزراء سني ورئيس البرلمان شيعي.

ويتذكر لقمان سليم أن هذه التظاهرات العفوية كان لها وقع مهم، حيث أثير موضوع شرعية سلاح حزب الله بعد انسحاب إسرائيل من الجنوب عام 2000، بالإضافة إلى مسألة التواجد السوري في لبنان آنذاك وإصلاح النظام السياسي للبلاد.

Hasan Nasrallah
حزب الله يرفض تسليم المتهمين باغتيال رفيق الحريري للمحكمة الدولية الخاصة بلبنانصورة من: picture-alliance/dpa

كتلتان سياسيتان في مواجهة دائمة

وعلى الرغم من تحقيق المطلب الرئيسي للاحتجاجات المتمثل في انسحاب القوات السورية من لبنان، إلا أن العديد من متظاهري الأمس أصيبوا بخيبة أمل بسبب الفشل في إجراء إصلاحات سياسية داخلية. فأسابيع بعد اغتيال الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان، أقامت الأحزاب التي لها علاقة وثيقة مع سوريا، بتاريخ 8 آذار/ مارس، بمظاهرة حاشدة لشكر سوريا على ما قدمته للمقاومة اللبنانية في دفاعها عن لبنان.

وتضم هذه القوى حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر المسيحي. في حين شكلت القوى السنية والمسيحية المناهضة لسوريا تحالفا تحت اسم 14 مارس/ آذار. ومنذ ذلك الحين، والصراع بين الكتلتين السياسيتين مستمر إلى يومنا هذا، لاسيما حول مسألة نزع سلاح حزب الله.

اتساع هوة الخلاف

بعد الحرب الأهلية (1975-1990) التي خلفت وراءها دمارا على جميع المستويات، كان الكثير من اللبنانيين يرون في رفيق الحريري رمزا لإعادة بناء البلاد. فهو رجل الأعمال والسياسي الذي دفع باتجاه تطوير وتنفيذ مشاريع البنية الأساسية وكان يشكل بالنسبة للبنانيين السنة زعيماً بلا منازع.

وبعد مرور ما يقرب من تسع سنوات على وفاته، لازال لبنان يواجه صدامات بين السنة والشيعة بشكل لم يشهده البلد من قبل. فبالإضافة إلى الانقسام الذي تعرفه البلاد بسبب المحكمة الدولية المشكلة للتحقيق في اغتيال الحريري، يعيش لبنان أيضاً انقساماً بسبب الحرب السورية ليبقى الاستقرار السياسي في لبنان حلم بعيد المنال.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد