1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الاقتصاد الكويتي: هل يمنع مجلس الأمة الإصلاحات الماسة؟

ابراهيم محمد١٨ سبتمبر ٢٠١٦

تعوّد الكويتيون على التنعم بخدمات عامة شبه مجانية لعقود مضت غير أن تدهور أسعار النفط يضع البلاد أمام تحدي القيام بإصلاحات اقتصادية عميقة وقاسية، فهل تنجح الحكومة بذلك وسط معارضة قوية لا تقتصر على غالبية نواب مجلس الأمة؟

https://p.dw.com/p/1K3dg
Kuwait Türme
صورة من: picture alliance/Pacific Press/D. Dudley

أخيراً رفعت الحكومة الكويتية، كآخر حكومة خليجية، أسعار البنزين بنسبة تصل إلى 80 بالمائة في خطوة توصف بأنها "غير شعبية". ويأتي هذا الرفع في إطار توجه حكومي للقيام بإصلاحات اقتصادية تبدأ برفع الدعم عن الطاقة بهدف مواجهة العجز في الميزانية الحكومية. ويأتي هذا العجز بسبب استمرار تدهور أسعار النفط التي تشكل حوالي 90 بالمائة من موارد الدولة. وتقدر قيمة العجز الحاصل في السنة المالية 2015/2016 بأكثر من 15 مليار دولار، حسب وزير المالية الكويتية أنس صالح،؛ أي أكثر من ربع قيمة الموازنة البالغة 60 مليار دولار. وهذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها الكويت مثل هذا العجز منذ بداية الألفية الحالية. وقد لجأت الحكومة إلى الاقتراض من الأسواق الخارجية لسده.

رفض عاصف لخطوة متواضعة

تذهب التوقعات إلى أن الحكومة ستوفر نصف مليار دولار من خلال خطوة رفع سعر البنزين. وتقدر مجمل قيمة الدعم الحكومي بأكثر من 9.5 مليار دولار يذهب معظمها لدعم مصادر الطاقة. ورغم محدودية تأثير هذه الخطوة، فإنها تلقى معارضة عريضة وقوية تشمل الأوساط البرلمانية والشعبية والأكاديمية. فعلى صعيد البرلمان يتم حاليا جمع تواقيع النواب من أجل جلسة طارئة لمجلس الأمة الكويتي بعد عطلة عيد الأضحى على خلفية رفع أسعار البنزين الذي يمس بمستوى معيشة الكويتيين، على حد قول النائب أحمد القضيبي. واتهم القضيبي الأخيرة "بنقض الاتفاقات التي تم التوصل إليها بهذا الشأن وعلى صعيد الإصلاحات المطلوبة". وتتوقع مصادر نيابية كويتية حدوث "صدام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية" بسبب الخلافات حول أولويات الإصلاح. وتذهب مصادر أخرى إلى حد القول أن " الخلافات قد تعصف إما بالمجلس أو بالحكومة أو بكلاهما".

Symbolbild - Erdöl
المشكلة في تراجع الإيرادات النفطيةصورة من: Getty Images/J. Raedle

بدوره انتقد حسن الخرافي رئيس اتحاد الصناعات الكويتية القرار " كونه يؤثر بشكل سلبي على المستثمرين الأجانب، لأن السوق الكويتية غير مرغوب فيه بدون الحوافز الموجودة". بدوره دعا الخبير الاقتصادي الكويتي عبد الحميد العوضي في مقابلة مع DWعربية الحكومة إلى البحث عن بدائل أخرى لتنويع مصادر الدخل مثل "الحد من الهدر في الإنفاق الحكومي على مشاريع كبيرة تكلف المليارات في القطاع النفطي، كما ينبغي عليها تشجيع القطاع الخاص في مجال الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تقوم على الإبداع في الطاقات المتجددة وغيرها لتنويع مصادر الدخل على المدى الطويل".

هدر كبير للموارد

يحظى المواطنون الكويتيون، الذين يشكلون 31 بالمائة من عدد سكان البلاد البالغ عددهم 4.2 مليون نسمة، بحياة رغيدة مقارنة بالأجانب هناك. فبالإضافة إلى مجانية التعليم والسكن والتأمين الصحي، يحصلون على المياه ومصادر الطاقة وخدمات عامة أخرى بشكل شبه مجاني، وهو الأمر الذي يؤدي إلى هدر كبير في الموارد حسب عباس المقرن، أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت. وقال المقرن ـ حسب موقع "تاغيسشاو" التابع للمحطة الألمانية الأولى/ ARDإن ـ "معدل استهلاك عائلة كويتية من الطاقة في شهر يعادل استهلاك عائلة ألمانية في سنة". وتبلغ قيمة الموازنة الكويتية المخصصة لأربعة ملايين نسمة خمس الميزانية الألمانية المخصصة لأكثر من 80 مليون نسمة. السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل تستطيع الحكومة الكويتية الاستمرار بدعم هذا الهدر في استهلاك الطاقة وسلع أخرى؟ الخبير المقرن يرى بأن "ضمان مستقبل الأجيال يتطلب تغيير الوضع الحالي" مع العلم أن الأمور ما تزال تحت السيطرة بفضل الاحتياطات المالية التي جمعتها الحكومة من فوائض النفط منذ عام 2003 والتي تقدر قيمتها بحوالي 250 مليار دولار.

البرلمان حجر عثرة

تواجه عملية الإصلاح الاقتصادي معارضة برلمانية قوية في بلد أطلق عليه البعض اسم"جنة النفط". غير أن هذا الجنة فقدت الكثير من مزاياها بسبب تراجع الإيرادات النفطية بنسبة زادت على 45 بالمائة. وعليه فإن إصلاحات عميقة لا تقتصر فقط على رفع الدعم الحكومي عن سلع أساسية باتت ضرورية أكثر من أي وقت مضى. على ضوء ذلك أعدت الحكومة وثيقة إصلاح اقتصادي من ضمن ما تشمله رفع الدعم الحكومي عن سلع أساسية وفرض ضريبة على أرباح الشركات الكويتية بنسبة 10 بالمائة واعتماد ضريبة للقيمة المضافة بنسبة 5 بالمائة أسوة بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. لكن المشكلة تكمن في تطبيق ما جاء في الوثيقة بسبب معارضة غالبية أعضاء مجلس النواب الكويتي الذي يتهمون الحكومة باللجوء إلى "أساليب سهلة على حساب المواطن البسيط" لتنويع مصادر الدخل بدلا من اعتماد خطة طويلة الأجل تؤدي إلى ترشيد الإنفاق والهدر في مؤسسات الدولة ومشاريعها الكبيرة. ويأتي في هذا الإطار " مكافحة الفساد والمصاريف غير الضرورية لبعض القياديين في الدولة" على حد قول حسن الخرافي. لكن الملفت في الأمر هنا أن غالبية النواب تعارض رفع الدعم الحكومي عن الكويتيين في وقت توافق فيه على منعه عن المقيمين الذين يشكلون أكثر من ثلثي سكان الكويت، حسب موقع "تاغيسشاو" الألماني.

Abgeodnete Auseinandersetzung im Parlament Kuwait
الصراع أزلي بين الحكومة والبرلمان في الكويت، وكثيرا ما أسفر عن سقوط الحكومة أو حل البرلمان أو سقوطهما معاً (الصورة من الأرشيف)صورة من: picture-alliance/dpa

تسييس معركة الإصلاح

يبدو أن عملية الشد والجذب بين الحكومة والبرلمان قد تمنع أو تؤخر الإصلاحات الاقتصادية الضرورية إلى أجل غير مسمى في وقت قطعت فيه دول نفطية أخرى كالسعودية والإمارات شوطا أبعد بكثير من خطوة رفع سعر البنزين. وعليه يتهم خبراء بينهم عباس المقرن، البرلمان الكويتي الذي يسيطر عليه المحافظون، بفرملة عملية الإصلاح الاقتصادي التي كانت الكويت رائدة فيها حتى ثمانينات القرن الماضي. ويعود السبب في ذلك على ما يبدو لأسباب انتخابية لا تنم عن بعد نظر؛ " إن موافقة النواب على رفع الدعم الحكومي يشكل خطرا على إعادة انتخابهم في دورة البرلمان الجديدة صيف العام القادم"، يقول المقرن محذرا من خطورة تأخير عملية الإصلاح بالقول: " إن احتياطات البلاد غير كافية لأكثر من أربع سنوات في حال غياب الإيرادات النفطية".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد