1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الفن أدرينالين الثورة السورية.. يطلب الحرية في لبنان

١٦ نوفمبر ٢٠١١

كثير من الفنانين السوريين الداعمين للثورة اضطروا للفرار إلى لبنان هربا من ملاحقة الأجهزة الأمنية التابعة للنظام ليتمكنوا من استخدام سلاحهم السلمي ألا وهو الفن للمساهمة في إنجاح الثورة السورية.

https://p.dw.com/p/13Asd
أغاني الثورة السورية انتشرت بسرعة البرق بفضل شبكات التواصل الاجتماعيصورة من: AP

ثورات الربيع العربي لا تنتج فقط تظاهرات شعبية واعتصامات سلمية، بل تنتج أيضاً فناً ومسرحاً وأغان ضد أنظمة الحكم الدكتاتورية لتزيد مساحة الثورة من منطلق إنساني بحت. هكذا أصبح الفن في الثورة السورية جزءا لا يتجزأ من يوميات الناس، هو فعل لا يؤجل الحياة بل حياة وتعبير عن الحرية غير المشروطة، ولذلك وجدوا في الفن تعبيرا إنسانيا ممكنا. والأعمال الفنية الخاصة بالثورة السورية تتنوع بأشكال مختلفة من الشعارات والكاريكاتور والأغنيات والمسرح واستخدام النكات الساخرة لمواجهة النظام ورموزه. وكلها بحسب المشاركين فيها تفضي إلى نتيجة واحدة "نحن بخير وما زال لدينا منسوب عال من الأدرينالين كاف لوقود الثورة في شتى أشكالها السلمية".

كثير من الفنانين السوريين الداعمين للثورة اضطروا للفرار إلى لبنان هربا من ملاحقة الأجهزة الأمنية التابعة للنظام. وعلى الرغم من أنهم ينطلقون من مبدأ أن لا أحد يوازي المتظاهر في الشارع السوري الذي يواجه آلة القتل اليومية، إلا أنهم يرون أيضا أن للفن تأثيره البالغ على نجاح الثورة إذ هو السلاح السلمي كي تكتمل صورة الثورة بكافة معانيها. هكذا يحاول كل منهم ومن موقعه أن يساهم في الثورة حتى وإن كان غير موجود في قلب الحدث واقعياً.

استديوهات آمنة بين المتاريس اللبنانية السورية

"الصورة الإخبارية وحدها لا تعبر عن قضية الإنسان"، هكذا يقول كنان الذي يفضل التعريف عن نفسه بهذا الاسم وهو ناشط وفنان سوري معارض لجأ إلى لبنان، مرتكزا بذلك على نظرية ملل الجمهور العربي والعالمي من كم الأخبار المأساوية التي تمر بسرعة في الاعلام. ويبقى الفن برأيه الرسالة التي تترسخ في أذهان الناس.

فالخبر المستمر من خلال الأعمال الفنية للثورة السورية أهم من الخبر العاجل أحيانا حول عدد الضحايا وأرقام المتظاهرين في المناطق السورية. ويرى كنان أن المهم عدم تحول الثورة إلى عملية حسابية قائمة على الأرقام والأعداد، فتفقد رمزيتها ومضمونها وعمقها الإنساني. أما الرأي العام وهو ما يحاول هؤلاء التأثير فيه فقد يكون صامتا أمام الخبر، ولكنه قد يتحول إلى أداة فاعلة ومشاركة من خلال مشاهدة أو سماع الأعمال الفنية.

ويقوم كنان من خلال نشاطه الفني السياسي بتأمين الإستديوهات "الآمنة" داخل لبنان لتسجيل أغاني الثورة لمجموعات فنية سورية مختلفة هربت إلى لبنان، كما يشارك في وضع كلمات بعض الأغنيات ويهتم بالإخراج الفني والـ"غرافيك ديزاين" التي تبث فيما بعد على مواقع التواصل الإجتماعي مثل يوتيوب وتويتر وفايسبوك. كما يؤدي كنان دور المترجم لمعظم الأعمال الفنية للثورة، كما حصل مع الأغنية التي أنتجتها فرقة موسكو الدولية "بدنا نعبي الزنزانات"، إلى جانب ترجمة بعض النكات الطريفة كتلك التي سخرت من أكاذيب النظام حول زيارة السفير الأميركي لمدينة حماة من أجل تسليح الثوار. كما ترجم بعض الشعارات التي وضعها النظام في الميادين مثل "سوريا بخير الأزمة خلصت" ليعكسها الثوار إلى لافتات نصبت في الميادين نفسها "الأزمة بخير سوريا خلصت". أما الهدف من الترجمة فيبقى ايصال المنتوج الفني والثقافي للثورة إلى العالم.

Syrische Revolutionskünstler im Libanon
الممثلان التوأمان أحمد ومحمد ملص الذين اعتقلا إثر تظاهرة المثقفين في حي الميدان في دمشق: "في لبنان نحن لا نشعر أننا خارج سوريا"صورة من: DW

فنانون الثورة السورية في لبنان..على كف عفريت

أما الممثلان التوأمان أحمد ومحمد ملص اللذان اعتقلا إثر تظاهرة المثقفين في حي الميدان في دمشق، وعرضا مسرحيتهما بين غرف التحقيق "الثورة غدا تؤجل إلى البارحة" والتي تحكي عن متظاهر معتقل ورجل أمن يحقق معه، فيقولان أنه لا يمكن الموازاة بين الفن والشارع، "فالمتظاهر في الشارع يوازي نفسه ويواجه القناصة وشبيحة النظام".

والممثلان اللذان هربا إلى لبنان بعد خروجهما من المعتقل كانا قد عانيا قبل الثورة من تضييق النظام السوري عليهما بسبب أعمالهما التي كانت تعارض السلطة وتطالب بالتغيير، وهما دأبا على تقديم عروضهما المسرحية في غرفة في منزل العائلة تبلغ مساحتها مترين بمتر. وقد عرضت مسرحيتهما الأخيرة في مسرح دوار الشمس في بيروت ولكن بعد انتهاء العرض لم يسلم الجمهور والناشطون السوريون المشاركون من شتائم بعض العناصر الموالية للنظام السوري في لبنان. وهذه الحادثة واحدة من أمثلة كثيرة يقول الممثلان أنهما يعانيان منها في لبنان كما غيرهما من الناشطين السوريين في ظل النقص في الحريات "في لبنان نحن لا نشعر أننا خارج سوريا". وعلى الرغم من ذلك تمكن الأخوين ملص من تأليف وتمثيل العديد من الأفلام القصيرة والحلقات المصورة على يوتيوب ومنها ثلاث حلقات مصورة بعنوان "ثلاثية أبو هامد ونجم في ظل الثورة" في إطار مسرح الغرفة المحاصر بالدبابات والشبيحة والتي تمنع وصول المواد الغذائية كما يحصل مع السكان المحاصرين في بلدهم.

كما قاما بتمثيل فيلم قصير بعنوان "كان يا مكان ما عاد في مكان" ويحكي عن شهداء الثورة الذين لم يعد من مكان يتسع لهم. وعادة ما تتسم أعمالهما بالكوميديا السوداء لأن برأيهما أن عبثية ما يحصل من قتل وتنكيل يخرج النكتة الساخرة كمحاولة للتخفيف من الواقع المأساوي.

ويرى الممثلان أن "الفن عادة ما يكون عبارة عن فعل ولكنه في الثورة هو رد فعل وهو يجعلنا أقوياء، فالنظام لا يستطيع استخدام الفن لأن المجرم يمكن أن يكون قناصاً ماهراً أو سائق دبابة حريفاً ولكن ليس فناناً". ويقول الأخوين ملص إن ما يقومان به من أعمال ليشاهدها ملايين المشاهدين حول العالم يجعلهما أكثر ايمانا بمقولة "أعطني مترين مربعين أعطيك مسرحاً".

Syrien Demonstration Facebook NO FLASH
لا أحد يوازي المتظاهر في الشارع السوري الذي يواجه آلة القتل اليومية، إلا أن الفن أدرينالين بقاء الثورةصورة من: picture-alliance/dpa

سلاحف ملثمة..من أجل السرية الفنية

كما تألفت مجموعة من بعض الفنانين باسم "نينجا تيرتلز" (أي السلاحف الملثمة إشارة إلى عمل المجموعة بالسر) وتتكون من خمسة أعضاء وقامت بتأليف ثلاث أغنيات في لبنان. ويقول أعضاء المجموعة "نحن لسنا قريبين من جورج وسوف بل من ابراهيم قاشوش بلبل الثورة السورية" في إشارة إلى مواضيع الأغنيات المتمردة على الواقع الدموي.

اختارت المجموعة عنوان "قصة العشر شبيحة" لأغنيتها الأولى، وتقول فيها "عشر شبيحة نزلوا على الميدان ضربوا رصاص في كل مكان، واحد ميداني سلمي ضرب الشبيح بالوردة. الشبيح يا عيني ويا سلام ما تحمم من قبل الإسلام، من ريحة الوردة مات الشبيح وبقوا تسعة شبيحة".

أما الأغنية الثانية فهي "هوارة الثورة السورية". ويبقى الهم الأساسي لدى المجموعة العمل على إنتاج أغنيات جديدة تتكلم عن سوريا في المرحلة الإنتقالية ما بعد نظام الأسد كالحث على سلمية العيش بين جميع المواطنين ونبذ الطائفية.

وتقول المجموعة "نحن نعمل بالسر في لبنان ولا نوقع الأغنيات باسمنا خوفا من تعذيب النظام لأهلنا وأقاربنا المتواجدين في سوريا". فمحاولة إنتاج الفن الداعم للثورة السورية في لبنان يعتبر مغامرة برأي هؤلاء الذين يرون أن لبنان يتمتع بحد أدنى من الحريات مقارنة بسوريا ولكن هذا لا ينفي وجود درجة عالية من الخطر على حياتهم.

دارين العمري- بيروت

مراجعة:هبة الله إسماعيل