1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق بين عشاق الكراسي وعشاق الهجرة

ملهم الملائكة٢ نوفمبر ٢٠١٢

يسعى ألوف العراقيين لمغادرة وطنهم بحثا عن بلد آمن مريح يعملون فيه ويبنون حياتهم. في المقابل يعود مهاجرون نأوا عن العراق عقود طويلة إليه غانمين ليشغلوا مناصب هامة. بعضهم يفشلون في أداء وظيفتهم ولكنهم يرفضون ترك كراسيهم.

https://p.dw.com/p/16bzP
صورة من: picture-alliance/dpa

هذا الأسبوع، اعتقلت الشرطة الإيطالية عصابة تهريب حصلت على 12.5 مليون دولار من خلال تهريب 1500 كردي عراقي لدول الاتحاد الأوروبي خلال 6 أعوام. ولا حاجة ان نسأل لماذا يهرب العراقيون من وطنهم، لأن هذا البلد وعلى مدى أكثر من 50 عاما ما برح يخسر خيرة أبنائه وهم يهربون منه في الغالب إلى دول غربية، فيما يحاول بعضهم أن يهاجر إلى الدول العربية أو إلى إيران دون إن يحقق نجاحا يذكر، أما تركيا فلا أحد يهاجر إليها.

كل هذه المعطيات تقابلها حقائق أخرى تتعلق بعراقيين يحصلون على فرص عمل في مناصب عليا ، فيعودون من بلاد المهجر ويلتصقون بكراسي السلطة حتى لو ارتكبوا ألف خطأ وخطأ، فهم لا يعرفون مبدأ الاستقالة، ويعتبرون حصولهم على المنصب تكريما لهم وليس تكليفا عن طريق أصوات الشعب الذي انتخبهم أو انتخب قادتهم أو أحزابهم. الأسئلة تدور هنا عن ثقافة الاستقالة وآداب شغل المناصب العليا.

الكاتب والإعلامي قاسم المرشدي مدير صحيفة "العراق نت" تحدث إلى مايكروفون برنامج العراق اليوم من DW عربية معتبرا أن ثقافة الالتصاق بالمنصب هي ثقافة عربية عراقية بامتياز، فشاغلي المناصب يرون أنهم منحوا هذه المناصب كتكريم لهم، وبالتالي سيحتفظون بها حتى الرمق الأخير.

"ديمقراطية العشيرة، والمسؤولية تقع على الجميع"

وتزاحم المستمعون على الاتصال بالبرنامج للإدلاء بآرائهم ، وقد استهل المستمع ابو منصور الاتصالات مشيرا إلى أن بعض من يشغلون المناصب في العراق الجديد هم أناس لم يكونوا ليحلموا بركوب سيارة حديثة، فيما هم اليوم يمتلكون ناصية صرف مبالغ بملايين الدولارات دون أن يكونوا ملمين بكيفية تداول الأموال، ومضى إلى القول:" الديمقراطية العراقية تحولت من رأي شعبي إلى ديمقراطية العشيرة ، فاغلب من حصلوا على منصب وصلوا إليه عن طريق أصوات العشيرة التي انتخبتهم، وبذلك يصبح الكرسي وما حوله وما خلفه وما تحته ملكا للعشيرة".

فيما ذهب سيف في اتصال من بغداد إلى أن العراقيين يهاجرون إلى أوروبا أو دول الخليج هربا من الظلم والحيف الذي يصيبهم في بلدهم، " وهم يسلكون سبيل إيران ثم الهند ليبحروا من هناك إلى أوروبا، ولا أحد يعلم إن كانوا سينالون حق اللجوء هناك أم لا".

المرشدي أيّد ما ذهب إليه المتصلون، لكنه أشار إلى أن مسؤولية ما يجري يتحملها المواطن والكوادر والأحزاب، " ولا نستطيع أن نضع المسؤولية على عاتق السياسيين، فالمسؤولية متبادلة، وعندما يأتي موسم الانتخابات، ينتخب الشعب العراقي المضحي نفس الوجوه التي ينتقدها ".

Tag des Flüchtlings
باحثون عن وطن ابتلعتهم البحار.صورة من: AP

في السياق نفسه، ذهب المستمع أبو سيف في اتصال من بغداد إلى أن من شاركوا في إسقاط صدام حسين من العراقيين المغتربين لم يأتوا بإستراتيجية بديلة عن إستراتيجيته، ثم مضى إلى القول إن العراق بإمكانه أن ينجب عقولا ورجالا يبنون ويعمرون البلد غير هؤلاء.

" بعد 2003 أضحت المناصب تجارة مربحة جدا "

الكاتب والناشط في حقوق الإنسان عباس النوري دخل حوار برنامج العراق اليوم من DW عربية أشار إلى أن البعض يقولون "إن السياسة تجارة مربحة وفيها بعض المخاطر، فمن يحصل على منصب سيفقد مسيرة حياته الطبيعية ويصبح هدفا للآخرين، وبعد 2003 أضحت المناصب في العراق مربحة جدا ".

النوري عاد ليشير إلى أن السياسة في العراق صارت مسألة مصالح وغابت عنها المبادئ، وفسر الحرب القائمة بين الكتل السياسية الكبرى بأنها حرب على المكاسب، والمواطن صار يتبع الأقوى من القوى السياسية .

في اتصال من البصرة أشار المستمع ماجد إلى أن " واجب الشعب العراقي أصبح أن يتقدم كل أربع سنوات ليشارك بصوته في تخريج دفعة من الأثرياء".

Deutschland Irak Flüchtlinge Ankunft in Hannover
عراقيون قبل لجوئهم في هانوفر بالمانياصورة من: AP

فيما أشار المستمع محمود في اتصال من الموصل إلى أن نظام الانتخابات العراقية هو نظام فاشل لأن المواطن يعطي صوته لقائمة معينة دون إن يعرف انه قد انتخب فلان من الناس. وأشار محمود إلى أن النظام الانتخابي الأفضل هو الانتخاب المباشر لرئيس الوزراء.

"نطلب من الساسة أن يتوسطوا لنا عند دولة أوروبية لتقبل لجوءنا !"

عقيل حسين اتصل بالبرنامج من السويد ليلفت الأنظار إلى حقيقة مفادها أن السياسيين العراقيين حين توليهم مناصب حكومية لم يتركوا أحزابهم، وهذا يعني أنهم يعملون وعينهم على الأحزاب التي أوصلتهم للسلطة . ثم مضى إلى التذكير ب " أن الديمقراطية لا تعني مجرد انتخاب الأشخاص لمناصب معينة، بل تعني أيضا ضرورة أن يستمر الناس في مراقبة ونقد وتصحيح نهج هؤلاء المنتخبين، وهذا ما لم يحدث في العراق".

وفي معرض الحديث عن هجرة العراقيين وسعي ألوف منهم إلى السفر لأوروبا والإقامة فيها تساءل المستمع أحمد من البصرة عما قدمه السياسيون للمواطن، مشيرا إلى انه قد حاول السفر 3 مرات وانفق مبلغ 30 ألف دولار لهذا الغرض لكنه لم يستطع الوصول إلى أوروبا " وأنا أتفاوض الآن على مشروع للهجرة بكلفة 15 ألف دولار للهجر لأنجو من هذا البلد، فالسياسيون يتصارعون على مصالحهم، ونحن صرنا لا نطلب منهم شيئا سوى أن يتوسطوا لنا عند دولة أوروبية لتسهل لنا طريق الهجرة!".

Rückkehr irakischer Flüchtlinge nach Bagdad
عائدون الى الوطن بعذاب المهجر.صورة من: picture-alliance/dpa

" لا إقامة في الدول العربية، فيما منحتني ألمانيا حق اللجوء الإنساني"

وانضمت إلى الحوار السيدة أم رسل وهي لاجئة تسكن مدينة ميونخ بألمانيا، وروت حكاية هجرتها من العراق ووصولها إلى ألمانيا بعد تنقلها إلى سوريا ثم إلى مصر، ومن مصر انتقالا إلى قطر ثم إلى الأردن، وفي عماّن عاصمة الأردن تقدمت هي وابنتها بطلب اللجوء عن طريق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، وحصلت الموافقة على الطلب بعد عامين، فقدمت إلى ألمانيا. ولدى سؤالها عن سبب عدم طلب اللجوء أو الإقامة في إحدى الدول العربية التي مرت بها، أشارت أم رسل إلى أن أي دولة عربية لم تمنحها حق الإقامة- باستثناء سوريا كما أشارت- ، ثم بيّنت أن الأردن على سبيل المثال تشترط أن يضع العراقي 50 ألف دولار كوديعة ثابتة في مصرف أردني ليحصل على حق الإقامة.

وفي معرض حديثها عن ظروف حياتها في بلد المهجر ألمانيا، أشارت أم رسل إلى أن ظروف الغربة صعبة ، لكن ومن جانب آخر، فإن الدولة الألمانية تنفق على اللاجئ وتدفع عنه بدل الإيجار وبدل التدفئة وأجور الكهرباء وتدفع أجور الدراسة والتأمين الصحي عنه وعن أبنائه ، علاوة على مبالغ شهرية تؤمن للاجئ مصاريفه الأخرى.

"تركيا تقبل كبار الساسة، وإيران تقبل المحسوبين على الأحزاب"

ويلاحظ المراقب أن آلاف العراقيين اتجهوا إلى إيران للهجرة ،فيما لم ولا يتجه أحد إلى تركيا، وقد فسر الناشط في حقوق الإنسان عباس النوري هذا التفاوت بالقول " العراقي مكروه في تركيا ، ولكنها تستقبل وتكرّم العراقي الذي يشغل منصبا عاليا وليكن على سبيل المثال رئيس جمهورية سابق، أو نائب رئيس جمهورية، وقد تعطيه قصرا وحاشية تخدمه ".

ثم أشار النوري إلى أن الوضع في إيران مختلف، ف" العراقي الذي يحسب على هذا الحزب آو ذاك قد يمنح حق اللجوء في الجمهورية الإسلامية، أما من ليس عنده حزب أو جماعة فمصيره سيء، وأتعس حالة واكبر مثال على ذلك هو الكرد الفيلة المهجّرون إلى إيران والذين ما زال بعضهم يعيش منذ 40 عاما في مخيمات اللاجئين دون أن تحل قضيته قانونيا".

وانضم إلى الحوار من زيورخ في سويسرا أبو علي، مبينا انه قد حصل على اللجوء في سويسرا بعد إن تقدم بطلب اللجوء إليها من طهران عبر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عام 2006، وقد حصلت الموافقة على قبوله بعد عام من تقديمه الطلب.

ولدى سؤاله عن سبب عدم بقائه في إيران كلاجئ، أوضح أبو علي أن إيران لا تملك في قوانينها فقرة تسمح باستضافة اللاجئين، بل هي تقبل بعض المهاجرين كضيوف يقيمون بصورة مؤقتة ولا تتعهد بمساعدتهم ماليا بأي شكل، فعليهم أن يتكفلوا بمصاريفهم بأنفسهم، واختتم حديثه بالقول" إيران بلد يسعد فيه أهله، ولا مكان فيه للاجئين".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد