1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الصين وأهمية الثامن من أيار / مايو 1945

وقعت اليابان على معاهدة استسلامها في الثاني من أيلول سبتمبر 1945 وهكذا انتهت الحرب العالمية الثانية في آسيا، أما دور الصين في الانتصار على اليابان ودور الولايات المتحدة في الصين بعد الحرب فأمر متنازع عليه.

https://p.dw.com/p/6bAM
جنود يابانيون في الصين إبان الحرب العالمية الثانيةصورة من: AP

بدأت الحرب العالمية الثانية من وجهة نظر الكثير من الصينيين في 7 تموز/ يوليو عام 1937، سيطرت القوات اليابانية في هذا اليوم على جسر ماركو بولو بالقرب من بكين بعد معركة دامية مع المدافعين الصينيين. وحددت هذه المعركة بحسب رأي الصينيين بداية الحرب العالمية الثانية عندما تصدت القوات الصينية ولأول مرة للقوات اليابانية المتواجدة منذ مدة في الصين. ويدعون هذه الحرب أيضاً " حرب التحالف العالمي ضد فاشية دول المحور ألمانيا وإيطاليا واليابان". إن "حرب المحيط الهادي" مثلما يعرفها الغربيون والتي قامت بين اليابان والولايات المتحدة الأمريكية- هي في نظر الصينيين نتيجة منطقية للحرب اليابانية الصينية. هناك مؤيدون لوجهة النظر القائلة بأن الحرب العالمية الثانية بدأت فعلاً في الصين وانتهت هناك ودامت بذلك ست سنوات وليس ثمان سنوات. لكن مناوئي هذا الرأي ينتقدون هذا التقييم ويجدون فيه قبل كل شيء تقليل من ذنب ألمانيا في نشوب الحرب العالمية الثانية.

جزاء الكفاح المسلح

أكّد الزعيم الصيني ماو تسي تونغ ذات مرة أن الصين عززت مكانتها جوهرياً في المجتمع الدولي كونها إحدى الدول الكبرى في التحالف ضد الفاشية.

إنَّ المنزلة التي اعتُرف بها للصين باعتبارها إحدى الدول المؤسِّسة لمنظمة الأمم المتحدة وعضوا دائما في مجلس الأمن ومتمتعةً بحق النقض هي من أهم المؤشرات على مكانة هذا البلد. فلولا استسلام ألمانيا النازية في الثامن من أيار/ مايو 1945 لاستمرت الحرب الأمريكية- اليابانية ومعها الحرب العالمية الثانية في آسيا بالتأكيد لمدة تزيد عن الأربعة أشهر. هذه هي النظرية السائدة في الغرب لأَنَّ هزيمة القوات الألمانية وضع الولايات المتحدة الأمريكية في حالة تتمكن فيها من التركيز على حربها ضد اليابان وهذا ينطبق أيضاً على الجيش الأحمر السوفييتي، فلولا سقوط برلين في شهر أيار/ مايو، لاستحال على الاتحاد السوفييتي إعلان الحرب ضد اليابان في شهر آب / أغسطس 1945.

أكثر من عشرين مليون قتيل صيني

اشتكى الخبراء الصينيون لمدة طويلة من كتب التاريخ الغربية، لأنها بحسب تقديرهم لم تتطرق بشكل عام لأهمية الدور الصيني في الحرب العالمية الثانية، وعندما تذكر هذه الكتب دور الصين فإنها تقصّر في معالجته بالتفصيل، وبهذا المعنى أبدى مدير جمعية الأبحاث الصينية المتخصصة في الحرب العالمية الثانية هُو- ديكون رأيه في شهر حزيران/يونيو في مقابلة مع" سوهو" أحد أكبر مواقع الانترنت في الصين وقال إن الصين كانت واحدة من الدول الأربع الرئيسية التي قاتلت الفاشية. وعلى حد تفسيره اندلعت الحرب العالمية الثانية في الصين أولاً ودامت هناك أطول فترة. فقد أشار إلى أن المؤرخين الغربيين قد وصفوا الصين باعتبارها أحد أهم ميادين القتال في الحرب العالمية الثانية وصفا عابراً أو أنهم اهملوها بالكامل، وهذا أمر غير منصف بحقها على حد تعبير الصينيون. تقول الصين إنها تكبدت في الحرب العالمية الثانية أكثر من 20 إلى 25 مليون قتيل في صفوفها وبينما يُقدر هذا العدد في الغرب على الأغلب بعشرة ملايين قتيل، إضافة إلى ذلك فقد لقى 1,3 مليون جندي ياباني حتفهم على الأراضي الصينية. والتعليل الرسمي يقول إنه نظراً للمقاومة الصلبة اضطرت اليابان إلى نقل القسم الأكبر من جيشها إلى الصين مما أدى إلى عدم مقدرتها على وضع المزيد من قواتها المسلحة ضد الولايات المتحدة الأمريكية.

الرأي المعارض للصياغة الرسمية

توجد في الصين منذ فترة وجهات نظر مخالفة إلى حد كبير لوجهات النظر الرسمية فيما يتعلق بدور الصين في الحرب العلمية الثانية. فقد نُشر مقال في الندوة العسكرية لأصحاب موقع الانترنت "شينا-كوم يزعم مثلاً ، أنَّه كان من المستحيل على الصين دحر العدو الياباني بالاعتماد على قوتها الذاتية، وأن المعارك الرئيسية ضد اليابان لم تجر على الأراضي الصينية. وقد اعتمد المؤلف في بحثه على مصادر يابانية وبحسب هذه المصادر فقد قُتل أربعمائة ألف جندي ياباني في الصين. ويشكل هذا العدد نسبة 22 % فقط من جميع القتلى الذين سقطوا من الجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية؛ أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد قتلت عدداً أكبر من الجنود اليابانييين وصل إلى مليون ومائتي ألف قتيل أي بنسبة 64 %. فضلاً عن ذلك فإن المؤلف يلفت النظر إلى أنه لولا الولايات المتحدة الأمريكية لما استطاع أحد قط لا الصينيون ولا البلدان الأخرى أن يتغلب على القوات اليابانية فالسلاح البحري كان الدعامة الحقيقية لليابان التي تعتبر نفسها سيدة البحر. ويخرج الكاتب بنتيجة فحواها أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الداحرة الفعلية لليابان الديكتاتورية.

الحرب الأهلية في الصين

غرقت الصين بعد طرد اليابانيين في مستنقع الحرب الأهلية بسرعة، ويجد بعض المراقبين الغربيين أن سبب ذلك يعود إلى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخاطئة تجاه الصين. ويشير ديتر كون مؤلف كتب كثيرة عن الصين، في أحدث كتاب له بعنوان " الحرب العالمية الثانية في الصين" إلى أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية قد أخطأت في تقدير توازن القوى السياسية في الصين بعد انتهاء الحرب الأمريكية اليابانية. وبسبب هذا التقييم الخاطئ مارست الولايات المتحدة سياسة وخيمة العواقب تجاه الصين. فقد تفاوض شيانغ كاي شيك على حد قول المؤلف انطلاقاً من ايمانه التام بالدعم الأمريكي له من موقف قوة موهومة وذلك في اللقاء الحاسم حول مصير الصين الذي تم بينه وبين ماو تسي تونغ في شونغ كينغ في 28 آب/ أغسطس 1945، وفشلت المفاوضات بين الاثنين مما أدى إلى استمرار الحرب الأهلية أربع سنوات أخرى سقط فيها مئات الآلاف من الضحايا.

هذا وقد أسدل الستار عن نصب تذكاري في ضاحية هُوتُوُ في مدينة هُولين في شمال شرق الصين في 15 آب / أغسطس 2004 خُصص للتذكير بآخر معركة في الحرب العالمية الثانية. وقد كانت هُوتُو على حد تصريح وكالة الاخبار الصينية الرسمية "كسين هُوَا زين هُوَا الموقع الذي استمرت فيه وحدة عسكرية يابانية بالقتال حتى تاريخ 26 آب / أغسطس على الرغم من الإعلان القيصري الياباني بالاستسلام في 15 آب / أغسطس وقضى على هذه الوحدة العسكرية الجيش السوفييتي فيما بعد.في الوقت الذي يثار فيه النقاش في الغرب أحيانا فيما إذا كانت الحرب العالمية الثانية قد نشبت في مدينة فيلون البولندية وليس في دانتسغر فِستَربلاتة يعتقد الصينيون أن هذه الحرب قد انتهت في بلادهم.

ليو نينغ/ ترجمة سمير مطر