1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الصحافيون في الجزائر ينتفضون ضد قانون الإعلام الجديد

٢٨ ديسمبر ٢٠١١

يشن الاعلاميون الجزائريون حملة واسعة من أجل الضغط على الحكومة والبرلمان الجزائري للتراجع عن المصادقة النهائية على قانون جديد للإعلام. السلطات تدافع عن القانون ومنتقدوه يقولون إنه سيحول مهنتهم إلى "جحيم".

https://p.dw.com/p/13ZsH
نصب يرمز لحرية الصحافة في العاصمة الجزائريةصورة من: DW

هدد صحافيون جزائريون باللجوء إلى الاحتجاجات والاعتصامات في الأيام المقبلة، ما لم يتم إعادة النظر في القانون الأساسي للإعلام، منتقدين الطريقة التي صيغت بها بنود القانون الجديد والكيفية التي تمت بها تزكيته من طرف نواب المجلس الشعبي الوطني، واعتبروا أن القانون جاء بخلفية "أمنية بحتة"، ويركز على المحاذير والممنوعات وهو ما يؤكد، برأيهم، "عدم وجود إرادة سياسية حقيقة للارتقاء بقطاع الإعلام ليكون ركيزة أساسية في بناء الديمقراطية بالجزائر".

ويأخذ الصحافيون الجزائريون على القانون الجديد للاعلام "تراجع الحكومة وتنكرها للمكاسب وهوامش الحرية" التي جاء بها قانون الإعلام لسنة 1990، كالمادة 14 المتضمنة حرية إنشاء الجرائد والنشريات وكذا المادة 34 التي تنص على مادة الضمير والحق في الاحتفاظ بسر المهنة، وأن المجلس الأعلى للإعلام المنتخب أغلب أعضائه من طرف الصحافيين.

وكان المجلس الشعبي (مجلس النواب) قد صادق منتصف شهر ديسمبر /كانون الأول الحالي، على قانون الاعلام الجديد وأحيل على الغرفة الثانية للبرلمان للمصادقة عليه، ليصبح بذلك قانونا نافذا، ما لم يحدث تراجع عنه، استجابة للضغوط والاحتجاجات المتواصلة ضده. وقد قلَل ناصر مهل وزير الاتصال الجزائري من الانتقادات الموجهة للقانون الجديد، واعتبره "مدخلا أساسيا للاصلاحات في البلاد ولتحرير القطاع السمعي والبصري" الذي يضم الاذاعات والقنوات التلفزيوينة.

الصحافي مازال مهددا بالسجن

Riadh Boukhedcha Journalist
يرى الصحفي رياض بوخدشة أن وأن الإجراءات الرقابية الموجودة في المشروع لا تضمن للمواطن أي شيء يتعلق بالحق في الإعلام إذا كان الصحافي والصحيفة مهددين بالتوقيف والزوال.صورة من: DW

ويرفض الصحافيون في القانون الجديد بعض المواد "الغامضة" وخاصة المتعلقة بحرية الوصول إلى مصادر المعلومات والمشروطة بالابتعاد عن المعلومات التي تحمل طابع "الدفاع الوطني" و"أمن الدولة والسيادة الوطنية، ومواد أخرى تتعلق بعقوبات مالية ضخمة ضد الصحفي في حال "ألحق ضررا بواسطة كتاباته برؤساء الدول الأجنبية والبعثات الدبلوماسية في الجزائر" وتصل الغرامة إلى 500 ألف دينار (5000 يورو)، وهو ما يجعل حبس الصحافي عمليا لا زال قائما، حيث لا يوجد صحافي في الجزائر قادر على دفع هذه الغرامة المرتفعة.

ولم يحدد القانون بشكل واضح مفهوم جنحة الصحافي والتي يمكن للسلطة المسؤولة عن القطاع تفسيرها على حسب المقاس، وهو ما يؤشر إلى زيادة التضييق على حرية العمل الصحفي من خلال "الرقابة الذاتية المفرطة" التي يمارسها الصحافي في كتاباته، والابتعاد عن مواضيع الفساد المرتبطة بالدوائر العليا في السلطة، خاصة وأن القانون لا يجبر الإدارات والمؤسسات على الامتثال لحق الصحافي في الوصول إلى المعلومة. كما تنص المواد أيضا على عقوبات مالية في حال قدرت السلطات، أن ما كتبه الصحافي يكشف " سرا قضائيا" بخصوص قضايا شخصية مثل الإجهاض والطلاق و..، وعلى عقوبات أيضا في حال كتب صحافي مقالا يُفسر على أنه"إضرارا بالسياسة الخارجية ومصالح البلاد الاقتصادية".

ويرى الصحافي رياض بوخدشة الناشط بمبادرة "كرامة الصحفي"، أن القانون تحدث في بدايته عن حق المواطن في الإعلام "لكنه لا توجد به أي مادة تنص على كيفية تجسيد هذا الحق، وأن الإجراءات الرقابية الموجودة في المشروع لا تضمن للمواطن أي شيء يتعلق بالحق في الإعلام إذا كان الصحافي والصحيفة مهددين بالتوقيف والزوال، فالقانون في جوهره لا يكرس الحريات الإعلامية ولا يضمن تطوير المهنة وحماية الصحافي مهنيا واجتماعيا".

"الإعلام جوهر الإصلاحات السياسية"

Nacer Mhal
ناصر مهل وزير الاتصال الجزائريصورة من: DW

وقد قلَل ناصر مهل وزير الاتصال الجزائري من الانتقادات الموجهة لمشروع القانون الجديد، وأكد أن هذا الأخير، وبعد المصادقة عليه من طرف الغرفة الثانية للبرلمان سيضيف الكثير للمشهد الإعلامي الوطني لا سيما من خلال فتح مجال السمعي البصري على القطاع الخاص الوطني، وأوضح مهل في كلمة له عقب مصادقة نواب المجلس الشعبي على مشروع قانون الإعلام أن هذه الخطوة "تندرج ضمن برنامج الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية والتي تهدف إلى تدعيم المسعى الديمقراطي وفتح آفاق جديدة في ممارسة الحريات الجماعية والفردية". واعتبر وزير الاتصال ان "هذه الديناميكية السياسية شاهد على الالتزام الصارم والمتواصل للارتقاء ببلدنا إلى مصاف الدول الديمقراطية ليصبح تحترم فيه القيم العالمية لحقوق الإنسان والحرية خاصة حرية التعبير".

بينما يرى الدكتور ناصر جابي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر "أن النظام السياسي في الجزائر لا يعول كثيرا على الإعلام في تعزيز مشروعيته وأركانه، فهو مركز على وسائل أخرى مثل المال والتوزيع الاجتماعي للخدمات"، ويضيف جابي في حوار لموقع دويتشه فيله "وهذا ما يفسر الوضعية الكارثية التي يوجد عليها قطاع الصحافة العمومي، فجرائد الحكومة لازالت ضعيفة التأثير والتوزيع كـ"الشعب" والمجاهد، وحتى التلفزيون لا يهمه وضعه، بالرغم من الأهمية التي يعطيها له في بعض المناسبات".

ويؤكد جابي "أن الإعلام في الجزائر لا يشكل أي خطر على مشاريع السلطة ومصالحها، والدليل أنها مررت القانون الجديد بالرغم من المعارضة الواسعة له من طرفي المهنيين" موضحا ان الاعلام في الجزائر يخضع لهيمنة السلطة، وهي "تلجأ إليه عند الحاجة فقط، لذلك فهي تسعى من وراء القانون الجديد الإبقاء على حالة الضعف التي هو عليه"، مشيرا أن ضعف منظومة الإعلام الداخلية تكاد تكون خاصية لدى أغلب الأنظمة العربية التي سقطت فالقذافي مثلا صرف مليارات الدولارات على إعلاميين عرب وأجانب في الخارج لكنه لم يبن منظومة إعلامية تدافع عنه عندما كان في أمس الحاجة لذلك.

Djabi Nacer
جابي ناصر: "الاعلام في الجزائر يخضع لهيمنة السلطة، وهي تلجأ إليه عند الحاجة فقط".صورة من: DW

ومن جهته يشير الإعلامي مروان الوناس أن حرية الإعلام في الجزائر لا تزال "رهينة المصالح التجارية والتوجهات السياسية للبلاد، كما أن الوضعية الاجتماعية الكارثية للصحافي والتعسف المهني المفرط الممارس في قاعات التحرير يجعل الكلام عن الحرية الإعلامية في الجزائر درب من الوهم الذي تسوقه بعض الأطراف في السلطة"، ويضيف الوناس ان"حرية التعبير لا تزال أسيرة وضع محكوم بالفوضى جراء ضعف القوانين المنظمة للعمل الإعلامي، والنشاط النقابي يكاد ينعدم في قطاع الصحافة لاستحالة تشكيل نقابات مهنية قوية في ظل الظروف التي سادت القطاع منذ سنوات".

و حول التحركات المزمع القيام بها لسحب القانون أو إدخال التعديلات التي يطالب بها الصحافيون، يقول رياض بوخدشة "نحن نتعامل مع وزارة فاقدة للصلاحيات، لذلك قدمنا طعنا في قانون الإعلام المصادق عليه في 14 ديسمبر الحالي إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني، وجددنا التمسك برفع مراسلة تظلم لرئيس الجمهورية". وفيما يتعلق بخيارات التحرك المطروحة، يضيف بوخدشة "أنها متعددة قدمها صحافيون، وسنناقشها خلال الجمعية العامة التي تعقد يوم الأربعاء 28 ديسمبر، وتتمثل هذه الخيارات في الإضراب والذهاب إلى أيام بدون صحافة أو اعتصام مفتوح بساحة حرية التعبير إلى غاية تحقيق المطالب"، وبالموازاة طرحت المبادرة فكرة جمع توقيعات 1000 صحافي من مختلف المؤسسات الإعلامية للمطالبة بمراجعة القانون، و"فتح نقاش موسع لدراسة واقع المهنة و المهنيين، والعمل بكل الوسائل المشروعة لإقناع الحكومة على سحب القانون وتعويضه بآخر يكون ثمرة نقاش وطني عميق وجاد يكرس الحقوق و الحريات".

توفيق بوقاعدة – الجزائر

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد