1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الشامي: لدينا أدلة على وفاة سجين في تونس تحت التعذيب

أجرى الحوار: إسماعيل عزام١٠ أكتوبر ٢٠١٤

توفيّ شابان تونسيان، وهما قيد الاعتقال في السجون التونسية، تحت ما تعتبره منظمات حقوقية "تعذيباً" على يد الأمن، ممّا يثير الكثير من الأسئلة عن واقع تونس الحقوقي، وهي الدولة التي انطلقت منها شرارة ما يُعرف بالربيع العربي.

https://p.dw.com/p/1DT5W
صورة من: picture-alliance/dpa

خلّفت وفاة شابين تونسيين في الآونة الأخيرة جدلاً حقوقياً كبيراً بعد أن اتهمت منظمات تونسية أجهزة الأمن بممارسة التعذيب في حق الراحلين، وهو ما يتنافى كليا مع الدستور التونسي لما بعد الثورة الذي يجرّم التعذيب ويشدّد على محاربته. يأتي ذلك، فيما قالت السلطات التونسية إنّ الراحلين توفيا بأسباب أخرى لا دخل لأجهزة الأمن فيها.

وفي مقابلة مع DW"عربية"، يتحدث منذور الشامي، الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب وعضو الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية بتونس، عن ملابسات وفاة الراحلين، مشيرا إلى وجود أدلة على ما اعتبره "تعذيباً" على الأقل بحق واحد منهما. وأكد الشامي أن فكر بن علي لا زال قائماً في المؤسسات الأمنية رغم مرور أربع سنوات على الثورة.

DW"عربية": لنبدأ أولاً بالراحل علي بن خميس اللواتي، ما هي ملابسات وفاته التي جعلتكم تطالبون بإجراء تحقيق شفاف؟

منذور الشامي: القضية بدأت من اتصال والدته بنا منذ أواسط شهر تموز/ يوليو الماضي، عندما أخبرتنا أنه تعرّض لانتهاكات في السجن ولاعتداءات شديدة لدرجة أن صار يشكو لها في كل زيارة خوفه على حياته. وقد راسلنا الجهات المعنية لكي تتدخل. وعلى ما يبدو فقد فتحتْ تحقيقاً في الموضوع، وتمّ عرض الراحل على البحث الطبي. لكن ذلك لم يوقف الانتهاكات بحقه، حيث واصلت والدته إخبارنا بحالته النفسية والصحية المتدهورة.

وفي آخر زيارة منها قبل وفاته، قالت لنا والدته إنّ وضعه الصحي والنفسي ظهر بشكل أفضل. لكن بعد هذه الزيارة بثلاثة أيام، أخبرتنا إدارة السجن أن علي بن خميس فارق الحياة بسبب جلطة، كما ورد في تقرير الطب الشرعي. لكننا نعتبر أن ظروف الوفاة كانت غامضة، لذلك طالبنا بفتح تحقيق معمّق في الموضوع.

لكن الإدارة العامة للسجون والإصلاح نفت أن تكون وفاة علي بن خميس ناتجة عن التعذيب؟

من المعلوم أن الطبيب الشرعي هو من يحدّد أسباب الوفاة. لكننا نعتقد أن هذا الشاب تعرّض لتنكيل شديد خلال شهرين ونصف، وهو ما يجعلنا نطالب بفتح تحقيق حتى ولو وصل الأمر إلى إعادة تشريح الجثة من طرف ثلاثة أطباء شرعيين، كي يكون لتقريرهم المصداقية الكافية.

Tunesien Polizei Sicherheitskontrollen
هل ما زالت سلوكيات القمع التي كان سائدة تحت بن علي قائمة في تونس، أربع سنوات بعد إسقاط نظام بوليسي؟صورة من: picture-alliance/dpa

طيب، وماذا عن وفاة محمد علي السويسي؟

بدأت الانتهاكات في حالة السويسي منذ لحظة اعتقاله من منزله، فقد وقع إفراط كبير في استعمال القوة وتمّ تجريده من ملابسه وضربه أمام الجيران. كما أن أمه، وبعد زيارته في مقرّ الشرطة، أخبرتنا بأنه كان يحس بحالة إعياء شديدة، وأن حالته الصحية كانت جدّ متدهورة.

بعد الاحتفاظ به في مقرّ الشرطة لمدة ستة أيام، قرّرت النيابة العامة إيداعه السجن. لكن إدارة السجون رفضت استقباله بسبب حالته الصحية المتدهورة، وأحالته على مستشفى من أجل تلقي العلاجات. وهناك توفي بعد ثلاثة أيام.

وقد انتقلنا مباشرة بعد وفاته يوم الجمعة إلى المستشفى الذي كان يرقد فيه، لنعاين بشكل واضح مجموعة من الرضوض والبقع الزرقاء في جثته، فضلاً عن وجود جرح غائر مفتوح في مقدمة إحدى ساقيه. الضرب كان بادياً، وهذا ما يجعل المسؤولية في وفاته تعود بالدرجة الأولى إلى الشرطة.

ولكن تقرير الطب الشرعي لا يتوافق مع ما تقول، فقد أكد أن الوفاة ناتجة عن تعفن شديد على مستوى القلب والدماغ بسبب المخدرات؟

صراحة أستغرب هذا التقرير، فقد تمّ اعتقال الراحل لمدة من الزمن، فكيف يمكن أن يستهلك المخدرات أثناء اعتقاله؟ ثم إن كل من حضر إلى المستشفى ذلك اليوم عاين آثار التعذيب الذي نفاه بشكل غير متوقع تقرير الطب الشرعي. لذلك، فنحن نطالب بإعادة تشريح الجثة وإجراء تحقيق نزيه في هذه القضية.

إذن، فأنت تقول إن التعذيب كان واضحاً في حالة السويسي أكثر من حالة اللواتي؟

نعم، فالمعاينة وقعت من طرف أسرته ومجموعة من المنظمات الحقوقية التي التقطت صوراً تثبت وجود تعذيب في جسده.

هناك من يربط بين هذه الوقائع وبين استمرار فكر بن علي في الأمن التونسي، هل هذا الأمر صحيح؟

نعم، فللأسف وقع التغيير في تونس فقط على مستوى المسؤولين، وليس على مستوى القوانين أو المؤسسات. عموماً لم يحدث أيّ إصلاح على المنظومة الحقوقية. وكل ما يحدث هو جعجعة بدون طحين، فلا زالت السلوكيات القديمة التي تنتهك حقوق المعتقل أو السجين تتكرّر بشكل مستمر دون أيّ تدخل.

مثلاً، ما هي هذه السلوكيات؟

من ذلك أن فترة الاحتفاظ تصل إلى ستة أيام كاملة، ولا حق للمعتقل خلالها في إحضار أو حتى الاتصال بمحامي. وكذلك عدم وجوبية الفحص الطبي عند بداية الاحتجاز أو نهايته. وإذا ما أرادت أسرة المعتقل القيام بذلك، هناك إجراءات معقدة تنتظرها.

نسجل كذلك غياب قائمة مستقلة لخبراء طبيين يمكن الوثوق بها بخصوص إجراء الفحوصات الطبية للسجناء، فضلاً عن غياب منظومة لإرسال الشكاوى، وعدم تشكيل الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب. بالإضافة إلى رغبة وزارة العدل في توقيع اتفاقية مع المنظمات غير الحكومية تشمل زيارة أماكن الاحتجاز، إلّا أننا رفضنا التوقيع عليها، لأنها لا تسمح بالزيارات الفجائية.

ونسجل كذلك استمرار منعنا من زيارة بعض مراكز الاحتجاز كمركز "القرجاني". وهو المنع الذي تبرّره وزارة الداخلية بكونه مركز بحث وليس قسم احتجاز، رغم أن المعلومات التي بحوزتنا تشير إلى العكس.

إذن، بعد أربع سنوات من الثورة، لا زلتم تتحدثون عن أن الوضع الحقوقي بالنسبة للسجناء لم يتغيّر؟

نعم، والأخطر من كل هذا، أن تونس لا زالت تعرف ظاهرة الإفلات من العقاب، فالشكاوى التي نرفعها من أجل مساعدة ضحايا التعذيب لا تصل إلى نتيجة، ولا ينتج عنها أي محاسبة، ممّا يزيد من انتهاكات حقوق الإنسان.

لتجاوز هذا الوضع، ماذا تقترحون؟

أولاً، يجب احترام ما ورد في الدستور من مبادئ مهمة، منها عدم سقوط جريمة التعذيب بمرور الزمن. ونحن ننتظر أن تصدر بعد الانتخابات المقبلة مجموعة من القوانين التي تجسّد هذه المبادئ. ثانياً، يجب إلحاق الشرطة القضائية بوزارة العدل أو بالنيابة العامة بدلا في إبقائها في إطار وزارة الداخلية. ثالثا، على الفاعل السياسي أن يُظهر حرصاً على حقوق الإنسان في خطاباته، فلم أسمع أبداً رئيس حكومة تونسية بعد الثورة يؤكد حرص الدولة على احترام هذه الحقوق.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد