1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الحوار الحالي بين الشرق والغرب يعمق الفوارق ويقود إلى طريق مسدود"

٤ أبريل ٢٠٠٦

في إطار منتدى الشباب العربي الذي شهدته العاصمة الأردنية عمان التقى موقع دويتشه فيله باللغة العربية مع الأمير الحسن بن طلال وحاوره حول شؤون الاغتراب والاندماج وعلاقة الدين بالدولة والحوار بين الحضارات.

https://p.dw.com/p/8C5l
الأمير الحسن بن طلال في حوار مع موقع دويتشه فيلهصورة من: DW/Zahi Alawi

تحت رعاية الأمير الحسن رئيس منتدى الشباب العربي شهدت العاصمة الأردنية عمان خلال يومي 2 و 3 أبريل/ نيسان الجاري انعقاد "مؤتمر الشباب العربي في المهجر". موقعنا التقى الأمير هناك وحاوره في شؤون الاغتراب والاندماج وعلاقة الدين بالدولة والحوار بين الحضارات.

ينظر الأمير الحسن بن طلال إلى الحوار بين الشرق والغرب بصيغته الحالية على أنه حوار عقيم لا يقود سوى إلى تعميق الفوارق وخاصة بين الفقر والغنى. وبناء عليه لابد من حوار آخر "يؤمن بقداسة الروح البشرية وبنبذ الإرهاب". وفي هذا الإطار يطالب الأمير بإقامة صناديق مدعومة من أوروبا لتأهيل الشباب وتشغيلهم ومحاربة الفقر في العالم العربي والإسلامي. كما يطالب بصيغة هلسنكي جديدة تقرب بين أوروبا والعالم العربي كتلك التي قربت بين غرب أوروبا ووسطها. وقد أكد الأمير على التواصل مع الشباب من أصول عربية في بلاد المهجر من أجل ما أسماه التلاقي مع مجتمعاتهم الجديدة وتعزيز التعاون معها. ويزيد من أهمية ذلك الدور الذي يلعبه هؤلاء في تطوير هذه المجتمعات. ودعا الأمير إلى استمرار هذه المساهمة "بعيدا عن القوالب الضيقة التي تحاول تصوير العربي كشخص متعصب ومتزمت." وهنا ينبغي عليهم عدم الوقوع في فخ المحاولات الرامية إلى تصوير الصراع وكأنه مواجهة عربيةـ إسلامية للغرب. فالمسألة ليست صراع حضارات وإنما صراع ثقافات لا بد من تأطيره والسيطرة عليه كي يكون مصدر غنى بدلا من أن يكون سببا للفرقة والتفرقة. وعن علاقة الدين بالدولة يرى الأمير الحسن بن طلال إن على المؤسسات الدينية السمو فوق السياسة والاهتمام بمعالجة القضايا الاجتماعية الملحة.

فيما يلي النص الكامل للمقابلة:

Prinz Hassan Bin Talal und Dr. Ibrahim Mohamad
الزميل إبراهيم محمد في حوار مع الأمير الحسن بن طلالصورة من: DW/Zahi Alawi

دويتشه فيله: بعضهم يخشى في ألمانيا وأوروبا من أن تعيق مؤتمرات كهذه عملية اندماج الشباب من أصل عربي في مجتمعاتهم الجديدة، أليس لهذه الخشية مبرراتها؟

الأمير الحسن: لا على العكس، عندما طرح المفكر الألماني هانس كون ميثاق الحقوق والواجبات جرى الحديث عن أهمية صنع ثقافة المشاركة. وهذه الأهمية تجدها في محاور المؤتمر، مثلا من خلال مشاركات من فرنسا عن الدور الإيجابي الذي لعبه شباب من أصول عربية في تهدئة أحداث العنف التي شهدتها ضواحي باريسية مؤخرا. وهناك مشاركات من ألمانيا عن شروط توفير عمليات اندماج ناجحة لأبناء الأقليات على أساس الإقرار بهوياتهم الثقافية بعيدا عن التعصب والتزمت. مثل هذه المؤتمرات تعزز الارتباط بالمهاجر والتواصل مع الوطن الأم في نفس الوقت.

دويتشه فيله: أليس الشباب العربي في أوطانهم أولى بمؤتمر كهذا على ضوء المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة التي يواجهونها ؟

الأمير الحسن: قضية الشباب قضية فوق قطرية، نحن ندرك أن الشباب من ذوي الأصول العربية يعتزون بهوياتهم الأمريكية والألمانية وغيرها، كما وأن ولائهم الأول للدول التي يقيمون فيها. وفي هذا الإطار لا بد من القول أن التواصل الثقافي معهم مهم لأننا جزء من عالم واحد عليه الاتفاق على مشروع عالمي للسلام من أجل مواجهة التحديات المشتركة.

دويتشه فيله: ما هو المطلوب من الشباب ذوي الأصول العربية لتحسين فرص اندماجهم في مجتمعاتهم الجديدة؟

الأمير الحسن: الشباب من ذوي الأصول العربية ساهموا في تطوير الغرب. وهذا المساهمة يجب أن تستمر بعيدا عن القوالب الضيقة التي تحاول تصوير العربي كشخص متعصب ومتزمت. وهنا ينبغي عليهم عدم الوقوع في فخ المحاولات الرامية إلى تصوير الصراع وكأنه مواجهة عربيةـ إسلامية للغرب. فالمسألة ليست صراع حضارات وإنما صراع ثقافات لا بد من تأطيره والسيطرة عليه كي يكون مصدر غنى بدلا من أن يكون سببا للفرقة والتفرقة. مطلوب منهم أيضا إما العمل على المساواة بين الحقوق والواجبات أو الانكفاء على النفس وهذا لا يخدم أحدا من الطرفين.

دويتشه فيله: كيف تعاملت مع أزمة الرسوم الكاريكاتورية على ضوء فهمك للصراع على انه صراع ثقافات وليس صراع حضارات؟

الأمير الحسن: قلت حينها أن مسؤولية التحرير الصحفي ينبغي أن تجمعنا بدلا من أن تفرقنا. وحتى لو حدثت مسائل كتلك التي أدت إلى الأزمة، لا ينبغي عدم نسيان أن أغلبية الناس في العالم الإسلامي تحترم الآخر، لكن المشكلة أن الأخبار السيئة أكثر رواجا. وفي كل الأحوال لا أرى من الحكمة أن يؤدي أمر كهذا إلى مزيد من الشعبوية والاستقطاب أيا كان الطرق المتأثر به.

دويتشه فيله: يدعي كثيرون في الشرق والغرب أن الحوار بين العالم العربي وأوروبا وصل إلى طريق مسدود، ما هو رأيك بهذه الإدعاءات؟

الأمير الحسن: الحوار الحالي، أي الحوار الذي يقوم على مطالبة الغرب بحقوق اقتصادية ومطالبة العرب بحقوق ثقافية ذو طريق مسدود لأنه لا يؤدي سوى إلى تعميق الفوارق لاسيما في مجال الفقر والغنى. وعليه لا بد لنا من حوار يؤمن بقداسة الروح البشرية وبنبذ الإرهاب. وهنا لا بد من التذكير بأن عددا كبيرا من ضحايا 9 سبتمبر/ أيلول هم من المسلمين. ربما يكون مصطلح التلاقي على مختلف المستويات أفضل من مصطلح الحوار. ومما يتطلبه ذلك إقامة صناديق مدعومة أوروبيا لدعم الشباب وتأهيلهم ومحاربة الفقر في العالمين العربي والإسلامي. وفي هذا الإطار لا بد من القول إن صيغة هلسنكي التي قربت بين شرق أوروبا وغربها هي نفس الصيغة التي يمكن أن تقرب بين أوروبا وجيرانها في حوض المتوسط الجنوبي الشرقي وفي العالم الإسلامي.

دويتشه فيله: رئيس البرلماني الألماني السابق فولفغانغ تيرزه طالب في حوار سابق مع موقعنا العالم العربي بمزيد من الانفتاح على صعيد الحوار الجماهيري، هل تعطيه الحق في ذلك؟

الأمير الحسن: هذا تماما ما نحاول فعله هنا للتذكير بأن هناك مجتمع مدني. ربما تكون الحكومات هنا أسيرة مواقف معينة بسبب انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان الفلسطيني، لكنني أقول أن هناك حركات ومنظمات أيضا داخل إسرائيل نفسها تريد نقل الحوار إلى مستويات أوسع في منطقة الشرق الأوسط. ومن شأن ذلك أن يضع الحوار مع أوروبا على أسس جديدة. وفي هذا الشأن أتوقع من المراقب الأوروبي عامة والألماني خاصة مزيدا من التفهم على صعيد استيعاب ودعم الحوار على المستوى الجماهيري مع العالم العربي تماما مثلما فعل تجاه الحوار مع شعوب وسط وشرق أوروبا.

دويتشه فيله: لديكم تصور خاص لدور الدين في المجتمع، هل لكم أن تشرحوا لنا هذا التصور بإيجاز؟

الأمير الحسن: الدين سواء كان يهوديا أو مسيحيا أو مسلما يجب أن يسمو على السياسات اليومية. أعتقد أنه على المؤسسات الدينية أن تدعم دورها الإيجابي في مكافحة الفقر الذي يشكل أكبر التحديات. يجب علينا في غرب آسيا مثلا توفير 25 مليون فرصة عمل خلال السنوات العشر القادمة للشباب. إن عمل الكنائس والمساجد جنبا إلى جانب في أفريقيا وشرق آسيا لتحسين أوضاع الأطفال ومحاربة العوز والحرمان يصب أيضا في إطار سعينا نحو تحقيق ما يمكن تسميته الأمن الناعم أو الأمن الإنساني الذي يعرّف احتياجات وحقوق الناس على أرض الواقع ويحاول توفيرها.

دويتشه فيله: هل تؤمن بفصل الدين عن الدولة مستقبلا على غرار ما هو عليه الحال في أوروبا؟

الأمير الحسن: لا بد للدولة المدنية أن تقوم، لكن المصطلح الأوروبي بهذا الخصوص قد لا يفهم لدينا. العلمانية مثلا تعني للكثيرين لدينا اللادينية. أكرر أن على الدين أن يسمو فوق السياسة وأضيف أن خدمة الإنسانية ورفاهيتها من القواسم المشتركة التي تجمع العلمانيين والدين.

دويتشه فيله: هل هناك من دور معين تنتظره من ألمانيا على صعيد الحوار بين العالم العربي وأوروبا لاسيما وأنها أكبر بلدان الاتحاد الأوروبي؟

الأمير الحسن: للاستشراق الألماني تاريخ عريق يعود إلى القرن التاسع عشر عندما قدم أوائل المستشرقين الألمان والناطقين بالألمانية من النمسا والدانمرك وغيرهما للتعرف على تراثنا وثقافتنا. أعتقد أن النظرة الاستشراقية الألمانية هذه تتميز عن الاستشراق المعاصر الذي يُتهم بالاستحوازية برؤويتها الغيرية أو الأكثر واقعية. وعليه لا بد من العودة إلى أصولها بما يعطي لألمانيا ميزة في مجال دفع الحوار البناء بين أوروبا والعالم العربي.

أجرى الحوار د. إبراهيم محمد - عمان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد