1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الحرية والجرأة أهم ما قدمته لي الثقافة الألمانية"

١٤ سبتمبر ٢٠٠٩

الجرأة والابتعاد عن لغة البلاغات العسكرية من أبرز ميزات الأدب العراقي في المهاجر الأوروبية. هذا الأدب وجد في بلدان المهجر مثل ألمانيا فسحة من الحرية عززت فيه الروح النقدية، ومهدت له طريق الإبداع والشهرة.

https://p.dw.com/p/Je8t
بعد استضافته في معرض الكتاب الدولي في فرانكفورت قبل بضعة أعوام، الأدب العربي محور فعاليات مهرجان برلين الدولي للأدب 2009صورة من: picture-alliance / schroewig

"نكتب عن تجاربنا اليومية في الحب والعشق والجنس بجرأة وبلغة مباشرة بدلاً من لغة الأساطير والرموز والحروب والبلاغات العسكرية"، بهذه الكلمات يصف الكاتب العراقي عباس خضر ابداعات الأدباء العراقيين المهاجرين في أوروبا خلال ندوة عن الأدب العراقي في المهاجر أقيمت في إطار مهرجان الأدب العالمي الذي تستضيفه برلين من التاسع ولغاية العشرين من شهر سبتمبر/ أيلول 2009. عباس، الذي يكتب بالألمانية، نال شهرة من خلال كتابه "الهندي المزيف" الذي روى من خلاله معاناته كمهاجر غير شرعي ترك بلاده وهي تئن تحت وطأة القمع والدمار والحروب. "أردت من خلال كتابي تناول تجربتي الشخصية كمهاجر غير شرعي هرب إلى أوروبا على طريق مليئة بالمعاناة حاملا حياتي على كفي مثلي مثل بقية المهاجرين الذين يحاولون سلوك نفس الطريق من أفريقيا والعالم العربي". ويعزي عباس نجاحه في الكتابة إلى الجرأة التي اعتمدها في عرض الأحداث، قائلا: "أعتقد أن الحرية والجرأة أهم ما قدمته لي الثقافة الألمانية"، ويضيف: " في عالمنا العربي تسود لغة تعبير أدبية رمزية وأسطورية لا تحاكي الواقع بسبب غياب حرية الرأي وتسلط مقص الرقابة".

"الكتابة بالألمانية تعطيني نوعاً من الإحساس بالبعد عن الألم"

Abbas Khider
الكاتب العراقي عباس خضر صاحب رواية الهندي المزيف التي صدرت بالألمانية ولاقت نجاحا كبيرا في حديث مع الزميل إبراهيم محمدصورة من: DW / I. Mohamad

ويرى عباس أن الكتابة بالألمانية تعطيه نوعا من الإحساس بالبعد عن الألم الذي عاشه في الوطن الأم وفي الطريق إلى بلد المهجر ألمانيا سيراً على الأقدام من تركيا، بعد رحلة تشرد شملت عدة بلدان شرق أوسطية. كما يضيف أنه يشعر بحرية أكبر عندما يعبر بها مستشهدا في ذلك بمقولة هاينريش بول: "يمكن أن تكون اللغة آخر قلاع الحرية". وعلى غرار عباس يفعل الكاتب العراقي الأصل جبار ياسين حسين الذي يعيش في فرنسا ويكتب عن آلام وتجارب الاغتراب بالفرنسية. يشبه جبار في هذا السياق هذا الوضع بحالة الهنود الذين يكتبون بالإنجليزية رغم أنها لغة مستعمريهم سابقا، وذلك بعد أن طوعوها للتعبير عن ذاتهم وواقعهم.

"مطلوب ثقافة نقدية بدلا من الثقافة الدينية الاتكالية"

وعلى ضوء ذلك يرفض عباس مقولة وجود نزاع بين الثقافتين العربية والأوروبية على الأقل فيما يتعلق بالأدب. "أعتقد أن هناك تلاقح ثقافي يغني تجربة الكاتب ويعطيه مساحة أوسع من الحرية للإبداع"، هكذا يرى عباس العلاقة بين الثقافتين. ومن خلال رؤية مشابهة، يعتبر جبار أن الثقافات تكمل بعضها البعض، فهي تتناسخ فيما بينها وكل منها يمر بمراحل تطور مختلفة. "بالنسبة لنا في العالم العربي يبدو وكأننا في القرن التاسع عشر أو أواخر القرن الثامن عشر، ونحن بحاجة إلى تحطيم الجدران التي تعيق تقدمنا"، عملية التحطيم هذه ينبغي أن تتم في رأيه على أسس خلق وتطوير روح نقدية بدلاً من الثقافة الدينية الاتكالية. وفي حالة العراق يرى جبار بأن بلده الأم "يعاني من فوضى الديمقراطية، ومن ثقافة اللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه التي تعطل روح النقد وتغلق طريق الإبداع".

"جيلي يتفهم الغرب أكثر من جيل آبائي"

Jabbar Yassin Hussein und Samuel Shimon
الكاتب العراقي جبار ياسين إلى اليسار إلى جانب صموئيل شمعون، كاتب وشاعر عراقي كبير يعيش في لندن.صورة من: DW / I. Mohamad

أما الروائي علي بدر، الكاتب العراقي الذي يعيش حالياً متنقلاً بين الأردن وبلده العراق، فيرى أن المشكلة ليست في وجود صراع بين الثقافتين العربية والآوروبية، بل في كيفية استيعاب أفكار الآخر. صحيح أن كل منهما أثر على الأخرى حسب الحاجة قديماً، أما اليوم فإن التأثر لم يعد حسب الحاجة وفقا لعلي الذي يضيف: "الإنتاج يتم في الغرب والجميع يقلده في وقت لا يعير فيه الغربيون اهتمامهم للآخرين، وهو الأمر الذي يجعل معرفتهم بالعالم العربي مقيدة". وفي نفس السياق يرى علي صاحب رواية "بابا سارتر" التي تحدث فيها عن انتشار الوجودية بين المثقفين العرب وعلاقتها بحالة الاستلاب والاغتراب التي عاشها عبد الرحمن أحد أبطال الرواية في بغداد وباريس بأن الأجيال الجديدة في العالم العربي تعرف الثقافة الغربية وتتقبلها بشكل أكبر من الأجيال السابقة بحكم إجادتها للغات ومتابعتها للمحطات التلفزيونية الفضائية وللإنترنت. ويعزي علي هذا التقبل إلى غياب دور الأيديولوجيات على عكس فترة ستينات وسبعينات القرن الماضي، ويقول: "جيلي مثلا يعرف عن الموسيقى الغربية والمأكولات الإيطالية والموضة الفرنسية أكثر من جيل آبائي". وفي تفسيره لذلك رغم المد الإسلامي، يعتقد علي أن هذا المد ربما يكون جزءا من هذا التأثر بالثقافة الغربية، حيث يقول:"هناك جماعات ترى في هذا التأثر تهديداً لهويتها ومن هنا تأتي ردة فعلها الرافضة لها مع أنها تستخدم منتجات الغرب في حياتها اليومية من هاتف وسيارة وتلفزيون وأثاث منزلي وغير ذلك".

"لتقارب مع الغرب يتطلب ترجمة الرواية العربية"

وبهدف تحقيق شيء من التوازن والتقارب في التفاهم مع الغرب يشدد علي على أهمية ترجمة الرواية العربية، كونها النتاج الثقافي الذي يعطي الغرب الصورة الأقرب عما يجري في العالم العربي. ويقول في هذا السياق: "الرواية هي آخر الحصون التي بقيت، لأن العلوم الإنسانية أُفرغت من مضمونها بسبب ربطها بالدولة وسياساتها، أما الرواية فبقيت بعيدة عن السلطات التي تحارب حرية التعبير في العالم العربي".

الكاتب: إبراهيم محمد - برلين

مراجعة: سمر كرم