1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الجزائر: الصحفيون بين خيار السجن أو الغرامة المالية

١٦ يونيو ٢٠١١

مع الإعلان في الجزائرعن مشروع تعديل قانون العقوبات والذي يقضي بعدم متابعة الصحفي جنائيا اتضح أيضا أن مشروع القانون يبقي على العقوبات الجزائية في حق الصحفيين. هذا القانون يضع الصحفيين في موقف لا يحسدون عليه.

https://p.dw.com/p/11acS
صعوبات متعددة تواجه الصحفيين في الجزائرصورة من: DW/T.Bougaada

حسب نص مشروع تعديل قانون العقوبات الذي صادق عليه مجلس الوزراء في الثاني من مايو/ أيار الماضي، وأحاله وزير العدل الطيب بلعيز على لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالغرفة السفلى للبرلمان، فقد تم إلغاء عقوبة سجن الصحفي بسبب كتاباته، ولكن مع الإبقاء على العقوبات الجزائية في حقه بل ومضاعفتها. لم يتوقع الصحفيون أنهم سيتحملون وحدهم مسؤولية دفع الغرامات المالية التي قد تصدرها المحاكم ضدهم، مثلا في قضايا الجُنح المحتملة في العمل الإعلامي كالقذف والتشهير بالهيئات الرسمية الممثلة في شخص رئيس الجمهورية والجيش والبرلمان والهيئات القضائية.

وتضمّن التعديل في مادته الثالثة إلغاء المادة 144 مكرر 1 من قانون العقوبات الصادر في 2001. و وقد حملت هذه المادة المؤسسة الإعلامية نفس العبء القانوني الذي يقع على عاتق الصحفي المتابع كما يؤكد النص القانوني:''عندما تُرتكب الجريمة المنصوص عليها في المادة 144 مكرر، بواسطة يومية أو أسبوعية أو شهرية، فإن المتابعة الجزائية تُتّخذ ضد مرتكب الإساءة، وضد المسؤولين عن النشرية وعن تحريرها، وكذلك ضد النشرية نفسها''.

ويستغرب الصحفي بجريدة "الخبر" عثمان لحياني الصيغة التي جاء بها مشروع التعديل، حيث قال لدوتشيه فيله " إنه من غير المعقول ان يحمل الصحفي في مشروع القانون الجديد المسؤولية دون المؤسسة الإعلامية التي يعمل بها. فالصحفي فعلا هو الذي يكتب الموضوع محل الشكوى، لكنه لا ينشره على جدار في الشارع بل يكتبه لمؤسسة إعلامية وبموافقة رئيس التحرير ومدير النشر! "

و يشاطره في هذا الموقف مدير جريدة "الأحداث" العيد بسي الذي أثنى من جهة على نص مشروع القانون المتعلق بإلغاء حبس الصحفي، إلا أنه اعتبر في نفس الوقت أن مستويات الغرامة ضد الصحفي "مبالغ فيها". وفي حديثه لدوتشيه فيله قال بسي "أنا مع الإبقاء على العقوبة الجزائية على أساس أن تتحملها المؤسسة الإعلامية. فلا يعقل أن يدفع الصحفي غرامة تصل إلى 750 ألف دينار جزائري، وكلنا يعلم الوضع المزري الذي يعيشه الصحفي الجزائري".

السجن أفضل من الغرامة المالية

Messaoud Handa
الصحفي الجزائري مسعود هدنة يشكو الوضع المعيشي الكارثي للصحفيينصورة من: DW

العقوبات الجزائية الكبيرة التي جاء بها مشروع قانون العقوبات ضد الصحفي المدان تتراوح بين 50 ألف دينار و750 ألف دينار جزائري (7500 يورو). وقد اعتبرها أغلب الصحفيين "تعجيزية" حيث ليس باستطاعة أحد القيام بأدائها حتى ولو كان في منصب رئيس التحرير. ويؤكد نائب رئيس تحرير يومية "الأنباء" مسعود هدنة أن " الوضع المعيشي الكارثي الذي يتخبط فيه الصحفيون يجعل الالتزام بدفع هذه الغرامات الجزائية ضربا من الخيال، فكيف يمكن لصحفي لا يتجاوز دخله الشهري في أحسن تقدير 35 ألف دينار أن يدفع غرامة في مستوى 750 ألف دينار جزائري"، ويذهب الصحفي عثمان لحياني أبعد من ذلك حين يقول "إن اغلب زملائي يفضلون السجن لمدة شهرين لو خيروا بينه وبين الغرامات التعجيزية".

غير أن رئيس تحرير جريدة "الشروق اليومي" محمد يعقوبي، يرى أن إلغاء السجن والتشديد على العقوبة الجزائية يدفع الى الرفع من مستوى المهنية واحترام أخلاقيات المهنة بشكل أكبر والى التأكد من صحة الخبر قبل نشره. ومن تم فهو يعتقد أن العقوبة الجزائية "ستحد من العبثية التي أصبحت السمة البارزة لدى أغلب الصحف الجزائرية".

الصحفي مواطن كغيره

وفي موقف مخالف لمن تحدثوا إلى دوتشيه فيله، اعتبر مدير جريدة "الجزائر" هابت حناشي أن قانون العقوبات في مواده المتعلقة بالجنح الصحافية لا يحتاج الى تعديل، وقال إنه ضد "إلغاء التجريم"، لان الصحفي هو في نهاية الأمر "مواطن كغيره، ويجب معاقبته عندما يخرق القانون"، ويرى هابت بأنه " قبل تطبيق القانون يجب أولا وضع تعريف دقيق لمفاهيم جُنح الصحافة والقذف والتشهير في حق الهيئات الرسمية، لأن هذه المفاهيم مطاطية ويمكن تطويعها بما يخدم الطرف المشتكي على الصحفي، وكثيرة هي القضايا التي أدين فيها صحفيون دون ارتكاب جنحة القذف والشتم". ويضيف هابت في حديثه مع دويتشه فيله أنه لا ينبغي على الصحفي أن يشعر بأنه أنه يتمتع بحق الكتابة عن الآخرين دون أن يطوله العقاب في حال تجاوز حدوده المهنية.

قانون يُكسّر قلم الصحفي

Presse Freiheit in Algerien
الصحافة - مهنة المتاعب أحياناصورة من: DW

من جهته، اعتبر الصحفي عثمان لحياني أن مشروع القانون في صيغته المصادق عليها من طرف مجلس الوزراء يهدف إلى "زيادة الرقابة الذاتية" على الصحفي، حتى لا يفكر أصلا في الكتابة حول مواضيع شائكة قد تكلفه عقوبة غرامة لا طاقة له بها: "فالوضع الهش لأغلب الصحف الجزائرية لا يكفي حتى لتكاليف أتعاب المحامي - وآلاف القضايا شاهدة على هذا الوضع- فكيف لهذه الصحف أن تدفع غرامات في مستوى 750 ألف دينار نيابة عن الصحفي".

كما يرى رئيس تحرير "الشروق" محمد يعقوبي، بأن التصديق على مشروع القانون بصيغته الحالية سيحد من رغبة الصحفي في فتح ملفات الفساد التي يتورط فيها مسؤولون في الدولة. في حين يعتقد نائب رئيس تحرير يومية "الأنباء" مسعود هدنة أن "الهدف من مشروع القانون هو تقليم أظافر الصحفي، وخلق مناخ اللاثقة بين الصحفي ومؤسسته الإعلامية وبالتالي بينه وبين القراء، على حساب المصداقية التي هي بمثابة رأس مال كل صحفي يحترم نفسه ومهنته ".

الكرة في ملعب البرلمان

ويعتقد عدد كبير من الصحفيين أن الكرة أصبحت الآن في ملعب البرلمان. ولذلك فهم يدعونه إلى العمل على إعادة المادة 144 إلى نصها الأصلي وتحميل المؤسسة الإعلامية مسؤولية نشر ما يكتبه الصحفي العامل لديها، حيث إن القرارالنهائي في نشر المقال أو عدم نشره يعود في كل مؤسسة إعلامية الى رئيس التحرير أو مدير النشر. من جهته طالب رياض بوخدشة، الناشط الإعلامي في المبادرة الوطنية من أجل كرامة الصحفي، البرلمان بتعديل نص المادة بما يتوافق مع روح الخطاب الداعي إلى ضرورة الرفع من مستوى النوعية الإعلامية، والمساهمة بشكل بناء في حل مشاكل المهنة.

توفيق بوقاعدة

مراجعة: عبدالحي العلمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد