1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التشدد الأمريكي تجاه إيران ... مأزق للدول العربية أيضا؟

محي الدين حسين
٢٢ مايو ٢٠١٨

التهديدات بفرض "أقوى العقوبات في التاريخ" على إيران، وحثّ الإيرانيين على "عدم تحمل زعمائهم" تثير تساؤلات حول تداعيات التشدد الأمريكي تجاه إيران على الدول العربية، فهل يأتي يوم عليها لتقول: أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض؟

https://p.dw.com/p/2y84a
Saudi Arabien - Präsident Trump zu Besuch
صورة من: picture-alliance/abaca/Balkis Press

بعد يوم واحد من إعلان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن تعهدات الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاتفاق النووي بعد الانسحاب الأميركي غير كافية، أعلنت الولايات المتحدة عن استراتيجيتها الجديدة حيال إيران. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو في عرضه "الاستراتيجية الجديدة" لبلاده "لن يكون لدى إيران مطلقاً اليد الطولى للسيطرة على الشرق الأوسط"، مشيراً بصفة خاصة إلى تدخل إيران في دول مثل سوريا ولبنان واليمن.

شروط "قاسية" ورفض إيراني
وحدد بومبيو قائمة تضم 12 شرطا للتوصل إلى "اتفاق جديد"، معتبراً أن تلك الشروط "قد تبدو غير واقعية"، لكنه شدّد على أنها مطالب "أساسية". وبالإضافة إلى دعوته لتوقف إيران عن تخصيب اليورانيوم، ووضع حد للصواريخ البالستية، شدد بومبيو على ضرورة أن تنسحب إيران من سوريا وتتوقف عن التدخل في نزاعات المنطقة وتمتنع عن دعم ما وصفها بالجماعات "الإرهابية". ورغم أن بومبيو لم يدعُ صراحة لتغيير النظام الإيراني إلا أنه حث الشعب الإيراني أكثر من مرة على عدم تحمل زعمائه.

وقد رفضت إيران الشروط الأمريكية على الفور، وقال الرئيس روحاني "إن حقبة هذا النوع من خطابات التهديد، قد ولت نهائياً، ولاسيما لنا في إيران"، مضيفاً "قد سمعنا هذا مئة مرة وطالما تجاهلناه"، كما أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أنه لا يمكن لأحد أن يجبر بلاده على الخروج من سوريا.

واشنطن تهدد طهران وسط تمسك أوروبي بالاتفاق النووي

التشدد الأمريكي سبب لقلق العرب؟
التهديد الأمريكي لإيران بفرض "أقوى عقوبات في التاريخ" إذا لم تلتزم بشروطها القاسية للتوصل إلى "اتفاق جديد"، ودعم بعض الدول العربية للموقف الأمريكي، يثير تساؤلات فيما إذا كانت الضغوط التي تمارسها واشنطن على طهران تصب في مصلحة الدول العربية، أم أن تلك الدول ستصبح يوماً ما ضحايا هذه السياسة المتشددة، خصوصاً مع تدخل بعضها في أزمات دول عربية أخرى كما هي الحال مع إيران.

وأعربت الإمارات والبحرين عن دعمهما للاستراتيجية الأميركية حيال إيران. وأشاد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش بـ "مقاربة" بومبيو عبر عدة تغريدات، لكنه أشار إلى أن "توحيد الجهود هو الطريق الصحيح لتدرك طهران عبثية تغولها وتمددها"، مضيفاً أن المنطقة عانت من الخطاب والفعل الإيراني الذي لا يحترم السيادة والشأن الداخلي. بدورها، أعلنت البحرين أنها تجد نفسها "في موقع واحد مع الولايات المتحدة في مواجهة الخطر الإيراني، والتصدي لمحاولات إيران لتصدير العنف والإرهاب".



لكن الباحث محمد عز العرب، خبير شؤون الخليج في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية لا يستبعد أن يتغير الموقف الأمريكي المنحاز لبعض الدول العربية عند تغير المصالح الأمريكية على المدى البعيد. ويضيف لـDWعربية: "أمريكا لا تنحاز إلا لمصالحها وتتجه لدعم سياسات بعض الدول في إطار تلك المصالح التي تراعي الحفاظ على أمن إسرائيل، وقد تنحاز من أجل تحقيق أهدافها تلك إلى نظم حكم سلطوية حتى".

ويشدد الباحث المصري على أن "ما تقوم به أمريكا هو دعم تصدير السلاح الآن بدعوة مواجهة إيران"، مشيراً إلى أن السياسة الأمريكية الحالية لن تؤدي لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.

لكن المحللة السياسية الأمريكية الإيرانية هولي داغريس ترى في حديث مع  DW أنه وبالنظر إلى التحالف الوثيق بين بعض الممالك العربية وعلى رأسها السعودية وإدارة ترامب، فإن الحديث عن قلقها من إمكانية تغير الموقف الأمريكي تجاهها أو خوفها من تغيير أنظمتها ليس سوى "فكرة ثانوية".

"تداعيات سلبية على بعض الدول العربية"
من جانبه يرى المحلل السياسي والدبلوماسي الإيراني السابق سيد هادي أفقهي أن دعم بعض الدول العربية للضغوط الأمريكية على إيران سيكون له تداعيات سلبية على تلك الدول نفسها. وقال افقهي لـ DW عربية: "بعد أن تنتهي أمريكا من حلب بعض الدول العربية فإن عروش حكامها قد تهتز"، مشيراً إلى أن "الرغبة الأمريكية بتغيير المعادلات الإقليمية والوضع الاستراتيجي في المنطقة يتعارض مع المصالح الروسية والعربية"، محذراً الدول العربية من "التصفيق لما يقوم به ترامب".

نيران عقوبات ترامب قد تكوي الشركات الأوروبية العاملة في إيران



وفيما إذا كانت العقوبات الأمريكية المرتقبة ستؤثر على تمويل إيران لوكلائها في الدول العربية، قالت الخبيرة في الشؤون الإيرانية هولي داغريس إن "إيران إذا أرادت القيام بشيء فستجد له طريقة ما رغم العقوبات". وأضافت: "عندما تدخلت إيران في سوريا كانت البلاد تعاني من أسوأ عقوبات في تاريخها"، مشيرة إلى أن طهران تمكنت من الالتفاف على العقوبات بطرق عديدة، سواء من خلال العمل مع وسطاء أو اللجوء للسوق السوداء أو التجارة مع الدول التي لا يستطيع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الوصول إليها.

وفي هذا السياق يعتقد الخبير محمد عز العرب أنه في حالة قيام الولايات المتحدة بخطوات تصعيدية فإن خيار التشدد لدى إيران قائم إما بشكل مباشر أو من خلال وكلائها في المنطقة، ويضيف: "قد تزيد إيران من دعم وكلائها في سوريا واليمن ولبنان والعراق بغرض إثبات وجودها ومقدار قوتها".

ويرى سيد هادي أفقهي أن "الحل الوحيد" لمعالجة الخلافات بين إيران وبعض الدول العربية هو الحوار، ويختم متسائلاً: "إذا استطاعت إيران أن تتفاهم مع القوى الكبرى للوصول إلى الاتفاق النووي، فكيف لا يمكنها التفاهم مع جيرانها؟".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد