1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الانتخابات الإيطالية: توقعات أولية بتقدم برودي على بيرلوسكوني

هشام العدم١٢ أبريل ٢٠٠٦

توقعات تشير إلى أن إيطاليا ستودع حقبة برلسكوني وستستقبل تيار الوسط بقييادة منافسه رومانو برودي. السياسة الخارجية والملفات الاقتصادية كانت في خضم الحملة الانتخابية

https://p.dw.com/p/8FKu
برودي بعد إعلان النتائج الأوليةصورة من: AP

أفادت توقعات أولية بأنّ الاتحاد اليساري بزعامة رومانو بروندي قد حقق اليوم الاثنين فوزا بالأغالبية في مجلسي النواب والشيوخ في إيطاليا بحصوله على 50 الى 54% من الأصوات مقابل 45 الى 49% من الأصوات لائتلاف سيلفيو برلوسكوني. ولا شك أنّ هذا الفوز الذي حققه تيار الوسط لم يكن مفاجئا كما يرى العديد من المراقبين السياسيين، إذ إنّ شخصية برلسكوني الإشكالية ومواقفه من بعض القضايا الخارجية وخاصة موقفه من الحرب على العراق قد ساهمت بشكل ما في تقويض فرصه بالفوز. إذ إنّ الشارع الإيطالي خرج معبرا عن رفضه لتلك السياسة في مظاهرات ضخمة ولكن يبدو أنّ برلسكوني لم يحسن قراءة رسائل الشارع لتكون صناديق الاقتراع خير جواب وأبلغ رسالة له. يبدو أنّ السيناريو الذي شهدته أسبانيا يعيد نفسه اليوم في إيطاليا وذلك عندما عاقب المقترعون الأسبان خوسي ماريا أثنار على سياسته المؤيدة للحرب على العراق.

وكذلك العوامل الداخلية وعلى رأسها الاقتصادية كانت عاملا مهما في تحديد وجهات الناخبين. ففي هذا السياق اتهم حزب تيار الوسط الذي يتزعمه برودي تحالف اليمين بأنّه يعمل على إثراء الأغنياء على حساب الفقراء، وذلك من خلال سن تشريعات تصب في هذا الاتجاه وكذلك تحالف برلسكوني مع أحزاب أقصى اليمين قد شكل مخاوف لدى الجالية المسلمة وخصوصا بعد موقف الحكومة من نشر صحيفة بادانيا الناطقة باسم حزب رابطة الشمال وصحيفة‏'‏ ليبرو‏'‏ اليمينية الرسوم المسيئة للرسول دون أن تحرك الحكومة ساكنا وهو الأمر الذي شجّع روبرتو كالديرولي وزير الإصلاحات الدستورية وعضو الرابطة في التمادي ووصفه الرسوم الكاريكاتورية بأنها شكل من أشكال حرية الفكر التي يجب حمايتها‏. وكذلك عزمه إقامة معرض يضم الرسومات المسيئة للرسول الكريم في الساحة الرئيسية لمدينة بيزارو شمالي إيطاليا. هذا كله قد يكون قد دفع الناخبين لحجب أصواتهم عن برلسكوني لتصب في خانة برودي.

صعاب وتحديات

وعلى الرغم من كل ذلك, فإنّ مهمة برودي لن تكون سهلة، لاسيّما وأنّه يقف على رأس ائتلاف تبرز فيه خلافات حول نقاط عدة من برنامجه السياسي. وفي هذا السياق قال الخبراء السياسيون اليوم الاثنين ان برودي "عليه ان يثبت قدرته على تشكيل حكومة فعالة تتمتع في الوقت نفسه بميزات أوروبية". أما المتحدث السابق باسم برلوسكوني فقد قال إنّ حسن اختيار الوزراء سيكون أفضل دليل على أنه يمكن ليسار الوسط تعيين مسؤولين قادرين على إرساء الاستقرار في الأسواق ودفع الاقتصاد الوطني إلى الأمام وإخراجه من دوامة قلة النمو. وإزاء ذلك يتعين على برودي ان يحترم الوعود التي قطعها على نفسه بعدم فرض ضرائب على جميع الإيطاليين. وقد تساءل ستيفانو فولي في حديث لصحيفة "ال سولي 24 اوري "بماذا سيتم تمويل الوعود؟ ومن سيدفع لقاء خفض كلفة العمل؟"

من هو برودي؟

Romano Prodi mit EU-Flagge
برودي يقف أمام مرحلة سياسية جديدةصورة من: AP

رومانو برودي يعرف عند الإيطاليين بـ"البروفسور" فهو أستاذ في الاقتصاد ويبلغ من العمر 66 عاما. فهذا الرجل يملك معرفة علمية وخبرة وحنكة سياسية وهو يحسن تقدير الأمور والنظر إليها بعقلانية ورجاحة تفكير. وهو دائم الحركة يتنقل من موقع انتخابي إلى آخر، متخذا من ضرورة العودة إلي قيم الدستور الإيطالي والحرية الدينية والحفاظ على مكتسبات الشعب الإيطاليّ أساسا لحملته الانتخابية. ولد لعائلة من 9 أبناء عام 1939 وتزوج عام 1966 وأنجب طفلين وعرف عنه حبه لعائلته وتعلقه الشديد بها. بعد المرحلة الثانوية تخرج في ميلانو من كلية الحقوق بدرجة امتياز ثم تابع بعد ذلك دراساته العليا ليعمل بعد ذلك أستاذا جامعيا لفترة طويلة. وبلغت ذروة نشاط برودي السياسي بتوليه منصب رئاسة الوزراء (1996-1998) والتي تمّ خلالها تهيئة الرأي العام الإيطالي للتحول نحو اليورو. ولكن التحالف السياسي مع الحزب الشيوعي انقلب عليه ما أدى إلى إسقاط حكومته. واستمرت انتكاسات حزبه السياسية بخسارته للانتخابات البرلمانية العامة سنة 2001 ووصول برلسكوني إلى سدة الحكم. وبعد استقالة المفوض جاك سانتير من رئاسة المفوضية الأوروبية شغل برودي هذا المنصب الرفيع، حيث ظهر اسمه في ظل دعوات مختلفة للتسريع في عملية اختيار رئيس المفوضية والكشف عن عمليات فساد واسعة داخل رئاسة الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وشارك في انجاز العديد من المهمات مثل توسع الاتحاد نحو الشرق وكتابة الدستور الأوروبي. لكن تصريحاته المتعلقة باتفاقية الاستقرار الأوروبية ونعته إياها باقول إنها "غبية" ومطالباته بأن يكون توسيع الاتحاد الأوروبي مدروسة أدت إلى رحيله عن رئاسة المفوضية.

الحرب على العراق

الزيتون يحمل في الانتخابات الإيطالية رمزية ودلالة خاصة تستمد جذورها من القطبين السياسيين اللذين يتنافسان على رئاسة الوزراء. فهذه الرمزية تتمثل ببرلسكوني رجل المال والإعلام والتلاعب، وبرودي رمز الدهاء والتفكير الاستراتيجي، والمعرفة بدهاليز الدبلوماسية والعلاقات الدولية والذي يتزعم ائتلاف شجرة الزيتون الذي يمثل رأس هرم المعارضة السياسية في إيطاليا.

Wahlen Italien Plakate
ملصقات للحملة الانتخابية في أحد الشوارع الإيطاليةصورة من: AP

إنّ موقف برودي الرافض للحرب على العراق قد يكون مفتاح الفوز بالانتخابات. فقد وصف برودي تلك الحرب بأنّها " لازالت توقع الضحايا ولم ننس قتلانا الذين وقعوا في مدينة الناصرية. وأن الاحتلال الحالي يعني المضي في حرب غير مبررة وغير شرعية ولم تنجح في إعادة السلام والأمن." إنّ نظرة للمسرح السياسي الإيطالي تنذر بزلزال سياسي قد يعصف بالملياردير برلسكوني، والذي شكل تحالفه مع الولايات المتحدة في حربها ضد العراق نقطة استقطاب للمعارضة السياسية والشعبية، حيث عجّت آنذاك الساحات الإيطالية بآلاف المتظاهرين الذين نددوا بالغزو الأمريكي والتدخل الإيطالي.

مخاوف الجالية الإسلامية

يبدو أنّ العامل الديني حاضر في الانتخابات الحالية، فقد دعا برلوسكوني الكاثوليك إلى عدم التصويت للمعارضة اليسارية، حيث قال إنّ التصويت لليسار "يعني التخلي عن القيم بالنسبة إلى الكاثوليكية، لأنّ تحالف اليسار في غالبيته الساحقة يريد تقييد الأساقفة وممثلي الكنيسة." كذلك أدّى تحالفه مع اليمين المتطرف إلى تخوّف الجالية المسلمة خصوصا بعد التصريحات المعادية للإسلام والمسلمين على خلفية الرسوم الكاريكاتورية. وتدعو هذه الأحزاب كذلك إلى ترحيل المهاجرين ورفض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. ومهما يكن من أمر، فإنّ فوز تيار الوسط سيضيف لونا جديدا على لوحة الفسيفساء الحزبية الإيطالية وأنّ الخريطة السياسية الإيطالية سيعاد رسمها وفق أجندة ورؤى سياسية جديدة قد تبتعد في كثير من أصولها عن الصورة التي خطت حروفها حكومة برلسكوني. وبذلك فأنّ المسرح السياسي الإيطالي سيشهد لاعبين جدد سيقومون بإعادة رسم الخريطة السياسية الإيطالية من جديد وانعكاس ذلك على السياسات الخارجية التي قد تفك عقد الرباط المقدس الذي أرساه برلسكوني مع الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن يبقى السؤال الأهم هل سيستطيع إصلاح ما أفسده بيرلسكوني خلال السنوات الخمس الأخيرة، ولكن التغيير ما يزال يحدو آمال الناس معتمدين على خبرة برودي مهندس عملية انضمام إيطاليا إلى "اليورو" وإعادة تفعيل دور إيطاليا الإقليمي والدوليّ.