الأمير بوكلر - شغف بلا حدود بتصميم الحدائق
يحتضن متحف الفن بمدينة بون في الفترة ما بين 18 مايو/ أيار و13 سبتمبر/ أيلول 2016 معرضاً بعنوان "حدائق الأمير بوكلر". المعرض يسلط الضوء على أعمال الأمير "بوكلر" في مجال تصميم الحدائق ويطلع الجمهور على شغفه الشديد بها.
شَهِدَ عام 1815 ظهورعملٍ إبداعي في منطقة "أوبرلوسيتز" الألمانية عندما قام الأمير "بوكلر" بتصميم حديقة في مدينة "باد موسكاو" تبلغ مساحتها 820 هكتاراً وتمتد من أقصى شمال شرقي ألمانيا إلى أقصى شمال غربي بولندا، وقد أدرجتها منظمة "اليونسكو" على لائحة التراث العالمي. وتعود ملكية هذه الحديقة الآن لبولندا وألمانيا.
مهندس الحدائق، الأمير هيرمان لوفيغ هاينريش فون بوكلر موسكاو ولد عام 1785 وتوفي عام 1871، كان ضابطا كبيرا في جيش بروسيا ومولعا بالسفر. أصدر عام 1836 كتاباً من خمسة أجزاء بعنوان "سيملاسو في إفريقيا"، كما أصدر أيضاً مجموعة من الرسائل والتقارير التي ترصد مُجريات وأحداث رحلاته إلى البلدان التي قام بزيارتها وتقَدم كل ما يتعلق بشغفه الأساسي ألا وهو الطبيعة والحدائق.
كان من المفترض أن يقوم المعماري البروسي الشهير"كارل فريدريتش شينكل" ببناء هذه القلعة ضمن حدود حديقة "بوكلر"، إلا أن التمويل المخصص لبناء القلعة سرعان ما شحت موارده ولم يُكتب لرغبته أن ترى النور. وهنا قام الأمير الهولندي "فريدريتش" بإنقاذ المشروع وتمويله ليصبح بالتالي المالك الجديد لقلعة وحديقة "باد موسكاو".
في مقالة "بوكلر" البحثية بعنوان "البستنة والمساحات الخضراء" وضحَ الأمير أهمية الحدائق الطبيعية بقوله "إذا كانت الحدائق تعتَبر المعَبر المثالي عن الطبيعة بأزهى حللها وأحوالها ومناظرها، فإن الحديقة المُلحقة بالمنزل يجب أن تعتبر امتداداً طبيعياً وأساسياً للمنزل، وبالتالي علينا أن نخلق ما يُمكن أن يسمى بالقاعات التي تُطل على السماء".
يلعب المنظور الموضح في الصورة دوراً جوهرياً بالنسبة لبوكلر بعملية تصميم الحديقة، وهذا ما توصل لإنجازه من خلال حديقته الثانية في منطقة "برانيتزيرا" التي تقع في القسم الجنوبي الشرقي من ألمانيا. وقد أخذَ الأمير على عاتقه مهمة إعادة زرع الأشجار الكبيرة الحجم، كما عمل أيضاً على إستنبات الشتلات في حاضنة للنباتات أطلق عليها إسم "جامعة الأشجار".
ساعدت عملية تطور المعدات والتقنيات على إعادة نقل وزرع الأشجار الكبيرة (كما في الصورة). التقنية المتطورة أطلقت العنان لعبقرية "بوكلر". وبلغ ارتفاع بعض الأشجار التي نُقلت وأعيدَ زرعها 21 متراً.
بتكليف شخصي من الإمبراطور "فيلهلم الأول" قام الأمير بوكلر بعملية استصلاح للأراضي الرملية القاحلة في منطقة "بيبلزبرغ"، التي تقع خارج مدينة برلين وتَمَكن من تحويلها إلى حديقة زاهية الألوان. وقد أنجز الأمير المشروع بواسطة تركيب نظام للري بالأنابيب التي قام بتثبيتها داخل التربة. لن يَخطر على البال أن الحديقة تُسقى بطريقة اصطناعية من خلال أنابيب مثبتة تحت الأرض.
إرتقى بوكلر بفن تصميم الحدائق إلى مستويات جديدة. كتب عدة مقالات حول كيفية الوصول إلى التصاميم المثالية في مجال "البستنة والمساحات الخضراء" وقال "يجب أن تبدو الحدائق طبيعية غير مصطنعة، وواقعية لا مغالاة في تصميمها، وقادرة على عكس الطبيعة في جوهرها، ويجب أن تَتضمن دروباً متعرجة وغطاءاً نباتياً كثيفا وجداول تتخلل جنباتها".