1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

احتفالات المرأة التونسية بعيدها تنغصها المخاوف من تراجعات عن مكتسباتها

١٣ أغسطس ٢٠١٢

حقوق المرأة التونسية تعتبر رائدة في العالم العربي بفضل قانون الأحوال الشخصية الذي صدر منذ أكثر من نصف قرن. واحتفالات التونسيات التي تقام اليوم، بعد عام ونصف من الثورة، تنغصها مخاوف من تراجعات عن حقوقهن المكتسبة.

https://p.dw.com/p/15oaS
Tunesien, Frauen, Frauenrechte, Islamisten, Ennahda Partei, Salafisten. Copyright: DW/Tarek Guizani, via Moncef Slimi DW Arabisch
صورة من: DW/Tarek Guizani

تحتفل المرأة التونسية يوم 13 آب/اغسطس من كل عام بعيدها الوطني وتحيي فيه أيضا ذكرى صدور قانون الأحوال الشخصية، المجلة الرائدة في الوطن العربي. لكن احتفال هذا العام تشوبه حالة من القلق والريبة إزاء النوايا الفعلية للسلطة الحاكمة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية إلى جانب ما ترمي إليه التيارات الإسلامية المتشددة إزاء وضعه المرأة ومكتسباتها التي حصلتها على مدى عقود من النضال.

ويسود اليوم شعور قوي لدى الكثير من المنظمات النسائية في تونس بأنهم يستعدون لخوض معارك نضالية جديدة حتى يحافظن على ما تحقق لهن في الماضي وتحديدا منذ صدور قانون الأحوال الشخصية في 13 آب/اغسطس من عام 1956.

وسبب ذاك الشعور هو الجدل المتصاعد داخل المجلس التأسيسي ومنظمات المجتمع المدني بشأن بعض الفصول في الدستور المرتبطة بالمرأة فضلا عن الدعوات الصريحة للسلفيين بتطبيق الشريعة ومراجعة وضع المرأة برمته في تونس.

هل يتراجع الدستور الجديد عن مكتسبات المرأة؟

تقول الناشطة المستقلة زكية ضيفاوي وهي عضو سابق في حزب التكتل من أجل العمل والحريات، في حديث مع DW "قبل خمس سنوات وعندما كنا نحتفل بالذكرى الخمسين لصدور قانون الأحوال الشخصية كنا آنذاك نطالب بتطوير ومراجعة بعض بنود المجلة، خاصة فيما يتعلق بقوانين الميراث. اليوم في الذكرى الخامسة والخمسين أصبحنا نطالب بالإبقاء على ما هو موجود حتى لا نفقد المكاسب القديمة".

Tunesien, Frauen, Frauenrechte, Islamisten, Ennahda Partei, Salafisten. Copyright: DW/Tarek Guizani, via Moncef Slimi DW Arabisch
جيهان اللغماري صحافية ومحللة سياسيةصورة من: DW/Tarek Guizani

ويعتبر قانون الأحوال الشخصية ويطلق عليه في تونس مجلة الأحوال الشخصية لأنها تضم القوانين الخاصة بالأسرة، صمام الأمان لحقوق المرأة التونسية التي تتمتع بوضع متحرر تحسدها عليه المرأة في باقي الدول العربية. ولكن المجلة لم تسلم من الانتقادات في السابق. فقد اعتبر تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر في شهر أيار/مايو الماضي لتقييم وضع حقوق الانسان في تونس بعد الثورة، أن قانون الأحوال الشخصية يكرس معاناة المرأة من التمييز عبر القوانين المرتبطة بالميراث وحضانة الأطفال أساسا.

وقبل أيام وجهت اتهامات إلى لجان بالمجلس التأسيسي بضرب مكاسب المرأة التونسية والإخلال بمبدأ المساواة بين الجنسين، لدى تصويتها على أحد فصول الدستور الجديد. الاتهامات كانت موجهة ضمنا إلى نواب عن حركة النهضة الاسلامية. ومثلا قالت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إنها "فوجئت بالمنحى الذي اتّخذته المناقشات داخل لجان المجلس الوطني التأسيسي والتي أبرزت نيّة واضحة في التراجع عن مكاسب المرأة".

انتقادات للإسلاميين والعلمانيين

وعلى الرغم من التطمينات التي أكدها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في أحد تصريحاته بشأن حقوق المرأة وضمان عدم المس بمكاسبها إلا أن شكوك تراود الكثير من النشطاء والمنظمات. وترى زكية ضيفاوي ان خطاب الغنوشي لا يعدو أن يكون "خطابا للتسويق" ولو أنها تعترف بأن مجلة الأحوال الشخصية كان مشروعا يطبخ في الأصل بين رواد الفكر الاسلامي أمثال الشيخ محمد عزيز جعيط في تونس منذ أربعينات القرن الماضي. لكن زكية لا تحمل حركة النهضة والإسلاميين وحدهم التهديد الحالي لحقوق المرأة فهي تخص كذلك العلمانيين والحداثيين بنصيب في ذلك.

وتقول زكية "عقلية الرجل لعبت دورا في حرمان المرأة من مبدأ المناصفة الفعلية داخل المجلس التأسيسي والسبب في ذلك أن جل الأحزاب اليسارية والعلمانية عملت بهذا المبدأ على مستوى القائمات المترشحة للانتخابات وليس على مستوى رئاسة القائمات وهو ما انعكس على نتائج الانتخابات وعدد النساء داخل المجلس التأسيسي".

ولا يشفع في الواقع وجود حزبين علمانيين، وهما حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل من أجل العمل والحريات كشريكين في الحكم إلى جانب حركة النهضة الاسلامية، ذلك ان الحزبان متهمان أصلا بالانحراف عن مبادئهما العلمانية وبالتبعية لأكبر حزب في البلاد لأسباب تتعلق بالسلطة. وأدى ذلك بالنتيجة إلى حدوث موجة استقالات وانشقاقات داخل الحزبين، ولكن ايضا ساهم ذلك في اضعاف التيار الحداثي في البلاد ومنح التيار الاسلامي مزيدا من النفوذ والقوة في الشارع.

تكامل أم مساواة بين المرأة والرجل؟

وترى الإعلامية والمحللة السياسية جيهان اللغماري، وهي مراسلة وكالة بلومبرغ في تونس وصحفية بجريدة "التونسية" في حديثها مع DW "إن محاولة ما يطلق عليه"أسلمة" تونس من خلال بعض الدعوات السلفية إلى تطبيق صريح للشريعة، ومراجعة قانون الأحوال الشخصية والسماح للتونسيين بتعدد الزوجات وانتهاك السلفيين لجزء كبير من الحريات الفردية والعامة على غرار اللباس والنشاط الفكري والفني ومختلف أنشطة التعبير الحرّ، هي بعض مظاهر التراجع التي تشكل خطرا على مكاسب المرأة التونسية بعد مرور عام ونصف من الثورة". لكن الخطر الأكبر بالنسبة للغماري يتمثل حسب رأيها "في محاولة التقليص من حقوق المرأة في مسودة الدستور المرتقب، حيث ينص مثلا الفصل 28 على 'التكامل' بين الرجل والمرأة عوض 'المساواة'، وهو ما يتعارض مع ما جاء في الفصل 22 من نفس المشروع الذي قام على مبدأ المساواة".

Rached Ghannouchi, Parteivorsitzender von Ennahdha am Abend seiner Wiederwahl, 16.07.2012, Tunis Ort: Le Kram, Tunis, Tunesien Fotos: Sarah Mersch
راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسيةصورة من: DW

وكانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان قد عبرت عن رفضها القاطع لصيغة الفصل 28 التي تبنّتها لجنة الحقوق والحريات، واعتبرت فيها استنقاص من كرامة المرأة ومن دورها في المجتمع. وقد دعت اللجنة إلى تبنّي فصل جديد يضمن المساواة التامة بين الجنسين في كلّ الحقوق والحريات. كما طالبت بدسترة كافة حقوق المرأة وفقا للمعايير الدولية ورفع التحفظات عن الإتفاقيات المصادق عليها.

*****ACHTUNG!!! DIESE BILDER NUR IM ZUSAMMENHANG MIT DEM BEITRAG "HELDINNEN FÜR EINEN FRÜHLING" NUTZEN!!!!!!******* Demonstration für Frauenrechte in Tunis. Heldinnen für einen Frühling ? Als die Tunesier am 14. Januar 2011 Präsident Ben Ali außer Landes jagten schrien tausende Frauen und Männer auf der großen Demonstration in Tunis gemeinsam gegen das Regime an. Spezielle Anliegen von Frauen waren damals noch kein Thema, schließlich sind die Tunesierinnen seit der Unabhängigkeit Mitte der 1950er Jahre weitestgehend gleichgestellt – und stolz auf ihre Rechte. Doch ein Jahr nach der Revolution fürchten viele Frauen um diese Errungenschaften. Zugeliefert am 14.2.2012. Copyright: DW/S.Mersch.
صورة من: DW/S.Mersch

وقال عبد الحميد الجلاصي عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة الاسلامية والنائب السابق لرئيس الحزب إن "الموضوع برمته مفبركا وان بعض الأطراف السياسية تعمد إلى اختلاق مواضيع وهمية" وصفها بالشيطنة وتريد احتكار مفاهيم الحرية وحقوق المرأة وابراز حركة النهضة كطرف مهدد لها.

ويقول الجلاصي في حوار مع DW "إن المرأة من منظور حركة النهضة تشارك الرجل التونسي في كل المجالات السياسية والإجتماعية من ذلك انها متواجدة بمجلس الشورى في الحزب وتمثل نصف الكتلة النيابية لحركة النهضة بالمجلس التأسيسي. مشيرا إلى حوار الغنوشي منذ 24 عاما تحديدا عام 1988 حينما أكد ان "مجلة الأحوال الشخصية تندرج ضمن باب الإجتهاد الإسلامي".

ويضيف الجلاصي "إن قضية حقوق المراة مبنية اليوم على مغالطات وان هناك تعمد من بعض الاحزاب لتحويلها إلى فزاعة باختلاق موضيع تعدد الزوجات والتراجع عن مكاسب المرأة ونمط العيش واللباس والتمييز بين الجنسين".

صراع بين مشروعين

وفيما يخص الجدل الدائر حول المساواة في الدستور فإن عبد الحميد الجلاصي يشير إلى ضرورة النظر إلى الدستور كوحدة كلية حيث ينص في جوهره على المساواة في الحقوق والواجبات وأن مقترح النهضة ضمن الفصل 18 كان يؤكد على الشراكة في التنمية والتكامل في الأسرة".

ويرفض الجلاصي مقارنة النهضة مع التيار السلفي ويشير إلى ان معالجة الحزب لقضايا المرأة تنطلق من منظار تجديدي".

وسواء كان دفاع الجلاصي في محله أم لا فإن مجرد إثارة النقاش حول حقوق المرأة ودورها، بعد عدة عقود من إثارته على يد المفكر التونسي الشهير الطاهر الحداد صاحب كتاب "إمراتنا في الشريعة والمجتمع"، يعتبر خطوة إلى الوراء واستنزاف للوقت الثمين التي تبدو تونس بحاجة ماسة إليه للانطلاق في برامج التنمية والتشغيل في كامل المحافظات والإسراع في نفس الوقت بصياغة الدستور الجديد للبلاد.

وتعتبر جيهان اللغماري ان ما يحدث اليوم في تونس هو صراع بدأ يتمظهر بين مشروعين متناقضين "الأول مشروع ماضوي يعتمد على قراءة نقلية متكلسة والثاني ينظر الى المستقبل بعيون تحديثية دون اغفال القيم الإسلامية ويعتمد على مدرسة المقاصدية".

طارق القيزاني - تونس

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات