ألمانيا بلد المهرجانات الموسيقية
١٠ يونيو ٢٠١٢
الحياة الثقافية في ألمانيا ذات أوجه عديدة ومن أهمها الموسيقى، وألمانيا مشهورة جداً بمبدعيها العظام في مجال الموسيقى، فمن منا مثلاً لم يسمع بباخ أو بيتهوفن أو برامز أو هيندل أو فاغنر أو شتراوس أو غيرهم الكثير من عباقرة الموسيقى؟ لذلك تعتبر ألمانيا من موقعها هذا من أهم الدول التي تستقطب طلاب الموسيقى ومن كافة أنحاء العالم. يؤم عشاق الموسيقى المهرجانات الموسيقية المختلفة، وأهما على الإطلاق هي مهرجانات الموسيقى الكلاسيكية، مثلاً يقام في مدينة بايرويت مهرجان فاغنر، وفي مدينة بون يقام مهرجان الموسيقار الشهير لودفيج فان بيتهوفن.وتعد الحياة الموسيقية في ألمانيا غنية أيضا بتوجهات معاصرة وديناميكية أخرى، حيث اشتهرت في العقدين الأخيرين مهرجانات موسيقى الجاز وموسيقى البوب والروك والهيفي ميتال.
لا تمر في فترة الصيف عطلة نهاية الأسبوع إلا وهناك فعالية موسيقية ما في مكان ما هنا وهناك، وعادة تكون بطاقات الحجز مُباعة ونافدة قبل أشهر من بدء المهرجانات! وتعطي المؤسسات الثقافية الألمانية فرصة لكل الموسيقيين، سواء الشباب منهم أو الموهيبين للمشاركة في فعاليات هذه المهرجانات المختلفة.
حفلات الروك في الهواء الطلق
ويعتبر مهرجان "هاريكين" لموسيقى الروك، والذي يستقطب سنوياً قرابة ثلاثة وسبعين ألف متفرج في قرية شيسيل الواقعة جنوب مدينة هامبورغ، من أهم مهرجانات الروك في ألمانيا.
فيبكه أوت كانت قبل عامين للمرة الأولى في هذا المهرجان الذي ترك عندها انطباعاً جيداً، حيث تقول: "إن الروح الجماعية التي تسيطرعلى أجواء المهرجان كانت مدهشة بالنسبة لي" وتضيف: "الناس تصبح أكثر مودة وأكثر انفتاحا في التعامل مع بعضها البعض عما هي العادة".
لا داعي للتنقلات الطويلة والمتعبة بين مكان الإقامة والمهرجان، حيث يقع معسكر التخييم بالقرب من مكان المهرجان. هنا يستطيع المرء أن يأخذ في خيمته قسطاً من الراحة بين الحفلة والأخرى. لكن فيبكه أوت ترى أنه يمكن أن يحدث خللاً ما في المهرجانات الكبيرة وتضيع فرصة الاستمتاع بالموسيقيين جميعاً، حيث تقول: "إن أغلب المشاهير من الموسيقيين يعزفون في أماكن مختلفة وفي نفس الوقت، لذلك يتوجب علينا للأسف متابعة أحدهم والتضحية بالآخر".
ويعتبر مهرجان "زوث زايته" في نويهاوزن في جنوب ألمانيا المهرجان التوأم لمهرجان"هاريكين".
ومن بين المهرجانات التي تقام في الهواء الطلق يعتبر مهرجانا "روك ايم بارك" في مدينة نورنبيرغ في جنوب ألمانيا ومهرجان "روك أم رينغ" في منطقة الآيفِل في غرب ألمانيا، المهرجانان الأكثر مبيعاً لبطاقات الدخول، حيث يصل عدد زوار كل منهما إلى مئة وخمسين ألف زائر. ومن الفرق الموسيقية التي ستعزف هناك هذا العام "توتِن هوزن" و"ميتاليكا" و"لينكين بارك".
أكبر مهرجان لموسيقى الهيفي ميتال في العالم
ويعتبر مهرجان "فاكين في الهواء الطلق" ظاهرة فريدة من نوعها في مشهد المهرجانات الألمانية التي تصدح فيها الموسيقى لثلاثة أيام على التوالي تبدأ في نهاية الأسبوع الأول من شهر أغسطس/آب في قرية "فاكين" الواقعة في ولاية شليزفيغ هولشتاين، ففي هذه الأيام الثلاثة تتحول القرية الهادئة إلى مكان يضج بالموسيقى، وخاصة موسيقى "الهيفي ميتال" حيث يصل عدد زوار القرية إلى خمسة وسبعين ألفاً من عشاق الموسيقى! يلتقي هذا العدد الهائل من البشر على بقعة أرض من مئتي هيكتار مخصصة للمهرجان، حيث يستمعون إلى حوالي مائة وعشرين فرقة موسيقية.
وقد وصل في السنوات الأخيرة عدد زوار هذا المهرجان القادمين من خارج ألمانيا إلى الثلث تقريباً. وفي هذا السياق يقول آندريه فريدريكسين الذي يزور هذا المهرجان منذ سنوات: "يسود أجواء المهرجان نوع من التفاهم والود، وليس مهماً أن تكون من ألمانيا أو من روسيا، أو الأرجنتين أو أستراليا...". وفيما يتعلق بالطقس الماطر الذي يداهم أيام المهرجان في بعض الأحيان يقول فريدريكسين: " لا يهمنا البرد ولا حتى المطر، فليس هناك أحوال جوية سيئة، بل على الأغلب تكون الملابس سيئة ولا تناسب الطقس، وفضلاً عن ذلك فأن المشاركة بالمهرجان هو مجرد مزاج وشعور آخر بالحياة".
الموسيقى الكلاسيكية وموسيقى الجاز في الهواء الطلق
يوجد في ألمانيا الرائدة في مجال الموسيقى الكلاسيكية أكثر من مائة مسرح مجهز بأوركسترا سيمفونية، بالإضافة إلى مسارح الأوبرا التاريخية وقاعات الاحتفالات الموسيقية التي تذكّر بالتاريخ الفني المجيد وبالحاضر المتألق لألمانيا. فألمانيا تقدم سنوياً عروضاً في الموسيقى الكلاسيكية وموسيقى الجاز في الهواء الطلق.
ومن أجل مهرجان "برلين كلاسيك" ومهرجان "شليزفيغ هولشتاين" يترك مشاهير الأوركسترا السمفونية دور الأوبرا ومسارح الأوركسترا السمفونية خلفهم ويتجهون إلى الفضاء الرحب تحت غطاء السماء وأضواء النجوم ليعزفوا أمام جمهورهم المتعطش والمتذوق للموسيقى.
في هذا الصيف سوف تعزف أوركسترا الفيلهارمونيكا في العاصمة برلين أعمال تشايكوفسكي.
وفي هذا السياق يقول كريستوف ريك أحد زوار الفيلهارمونيكا الدائم: "سوف تنجح الأوركسترا في خلق جو فريد من نوعه هذا العام أيضاً ". ويضيف: "ففي الساعات المتأخرة من الليل تسود عادة أجواء رومانسية، حيث أضواء الشموع تضفي رونقاً خاصاً على المكان".
وبالنسبة لعشاق موسيقى الجاز يعتبر مهرجان "شتوتغارت أوبِّن" الذي يقام في شهر يوليو/تموز ومهرجان "إلب جاز" في هامبورغ الذي يقام في شهر مايو/آيار والذي يحول ميناء المدينة إلى مسرح كبير، من أهم مهرجانات الجاز في ألمانيا، حيث يشارك كبار موسيقي الجاز في العالم في هذين المهرجانين.
غونّا كيتيلس/ فؤاد آل عواد
مراجعة: سمر كرم