1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أحزاب محبطة وديمقراطيون منهكون!

١٢ سبتمبر ٢٠٠٧

يجب الدفاع عن الديمقراطية في كل يوم ليس من قبل الأحزاب السياسية فحسب، بل من قبل المواطن كذلك الذي يشكل طرفاً مهماً فيها. النائب البرلماني عن حزب الخضر أوميد نوريبور يتحدث عن تجربته السياسية وعن العلاقة بين الحزب والمواطن

https://p.dw.com/p/Bf8K

بصفتي نائبا في البرلمان يطرح علي كثيرون هذا السؤال "ماذا حدث لأحزابنا؟ هل تعتقد أن الأحزاب ما تزال تمثل الشعب، وتعرف بمتاعب المواطنين والمواطنات؟"، ثم يستمر النقاش ليتركز حول "نهاية ديمقراطية الأحزاب" التي كثيرا ما تم التنبؤ بها.

وفي الحقيقة، لا تهتم الأحزاب بالمواطنين بالقدر الكافي، ولا يولي المواطنون ديمقراطيتهم الاهتمام الكافي. فمن ناحية لا يمكن للمرء أن يمرر ببساطة هذا الاعتقاد السائد بأن الأحزاب والسياسيين هم بالدرجة الأولى السبب وراء كل الأوضاع البائسة للسياسة الحالية. ومن ناحية أخرى يتحمل المواطنون قدرا من المسؤولية تجاه الديمقراطية، فلا يمكننا القول بأنه "ينبغي على الدولة أو الساسة إصلاح الأمور". فالديمقراطية لا تعمل بهذه البساطة.

أنا بأعوامي الاثنين والثلاثين أرى نفسي إلى حد ما شابا ألمانيا، قضى سنوات نشأته الثلاث عشرة الأولى في إيران، أي في بلد لا تعتبر فيه أمور كحرية التعبير وحرية الصحافة ودولة القانون وحق الانتخاب الحر أمورا طبيعية بشكل مطلق كما هو الحال في ألمانيا. لكن الناس هنا في ألمانيا ينظرون إلى هذه الإنجازات باعتبارها أمورا طبيعية، وللأسف ما هو طبيعي أو عادي لا نكترث به.

ديمقراطيون منهكون؟

Omid Nouripour, MdB, Bündnis 90/Die Grünen
النائب البرلماني عن حزب الخضر اوميد نوريبورصورة من: Bundestagsfraktion Bündnis 90/Die Grünen

سيقول البعض "أي عدم اكتراث ذاك الذي تتحدث عنه، نحن جميعا ديمقراطيون عن قناعة وليس علينا بالضرورة أن نتصرف كل يوم وكأننا نخترع الديمقراطية من جديد". هذا صحيح. لكن هناك مواقف تتسم بالحدة والتطرف ولا يتطلب الأمر عندها اختراع الديمقراطية من جديد كل يوم، بل الدفاع عنها مجددا كل يوم. على سبيل المثال هذه الأنباء المتكررة عن اعتداءات اليمنيين المتطرفين على الأجانب، أو من يبدو مظهرهم أجنبي. وإن استعملنا تعبيرا حذرا نقول إنه يتم التعامل مع هذا الأمر بتساهل. لو تركنا المجال لليمنيين المتطرفين فإن ذلك لا يعني فقط أننا لا نكترث ونتخلى عن كل أشكال التضامن البشري والشجاعة الأدبية، بل نحن بذلك نتخلى في آخر المطاف عن حرياتنا وحقوقنا الديمقراطية، لأن إيديولوجية اليمنيين المتطرفين مؤسسة على الاستبداد والكراهية والعنف- هذا العنف موجه حاليا ضد ذوي المظهر المختلف، وغدا ضد من يريدون أن يعبروا بكل بساطة عن آراءهم.

لم أسمع إلى الآن كذلك صرخة المواطن الديمقراطي الحق عندما يتعلق الأمر بوضع قيود على حماية البيانات الشخصية عبر تخزين بيانات المسافرين، أو جمع كم كبير من البيانات من خلال ما أعلن عنه من تفتيش لأجهزة الكمبيوتر الشخصي، الأمر الذي يجسد اختراقا مرعبا للحريات الشخصية، وكذلك فيما يتعلق بحقوق الأقليات. يقول بينامين فرانكلين: "من يتخلى عن الحرية لكسب الأمن، سيفقدهما معا في نهاية المطاف". مع ذلك أرى أنه لا يمكن للديمقراطية أن تعمل بنجاح إلا من خلال خلق التوازن بين الحرية والأمن. لذلك فإنه من وجهة نظري تتطلب الديمقراطية الناجحة ألا يكل المواطن عن الدفاع قيمه الديمقراطية وحرياته.

أحزاب محبطة

Deutschland Terro Sicherheit Online Durchsuchung
المطالب بتفتيش أجهزة الكومبيوتر الشخصي عبر الإنترنت ما زالت محل خلاف بين ساسة ألمانياصورة من: AP

تعتبر الأحزاب بشكل عام السبب الأساسي للسخط على السياسة وعلى الديمقراطية، فهي لم تعد ذات مصداقية (هل يعني هذا أنها كانت ذات مصداقية في يوم من الأيام). إنها تعد بالكثير وتفي بالقليل. وهي ليست بقادرة على حل المشكلات التي نواجهها، وعملها يتحدد في المقام الأول بمصالحها أو بمصالح جماعات الضغط المرتبطة بها. ويسعى مسؤولوها وراء السلطة ورموز المكانة الاجتماعية (كسيارات الفارهة المرتبطة بالمنصب). وهم يغتنون بلا حياء من أموال دافعي الضرائب من خلال الزيادة المنتظمة لمخصصاتهم في البرلمان.

هذه الصورة موجودة منذ وقت طويل. ونظرا للفضائح الكثيرة التي تم كشفها (كفضيحة التبرعات الخاصة بالاتحاد المسيحي الديمقراطي التي تورط فيها المستشار الألماني الأسبق هيلموت كول) يصعب على المرء وضع حجج معارضة لهذا التقييم.

الخبراء كبديل عن الأحزاب؟

إذا قلنا ذلك عن الأحزاب، فمن يمكنه أن يمسك بدفة الحكم إذن؟ نسمع أحيانا مطالبات بأن يحل الخبراء محل سياسيي الأحزاب، باعتبار أنهم موضوعيون ويعرفون ما هو ضروري، على نقيض السياسيين ولكن كم من الموضوعية تحتمل الديمقراطية؟

تنتج الأحزاب آراء وتقييمات مختلفة وتصل إلى نتائج متعلقة بالحقائق والتطورات الآنية، فهي لا تقدم "الحقائق"، حتى لو رغبت في ذلك. التعددية الديمقراطية تعتبر مؤسسة بشكل أو بآخر على تنوع الآراء والتقييمات الذاتية التي يستطيع الناخب أن يختار من بينها. وبالطبع يمكننا أن نختلف إن كانت الأحزاب في الوقت الحالي تقوم بهذه المهمة على نحو جيد أم لا.

لو قام الخبراء فقط بصنع السياسة، سيصبح فجأة ما هو "صحيح وموضوعي" في السياسية والعلم أمرا مقصورا فقط على نخبة من المختصين. وستتحول الديمقراطية إلى "حكم الخبراء"، الذي لن يستطيع المواطن فهمه ولن يستطيع التأثير عليه.

لذلك فأنا أرى أنه لا يمكن تصور الديمقراطية بدون أحزاب. مع ذلك فالديمقراطية تتخطى مفهوم الحزب. قد يحلم كثير من واضعي سياسات الأحزاب بأن يحتفظوا بالديمقراطية لأحزابهم وحدها، لكنهم لن يتمكنوا من ذلك. وهذا يبين أن نظامنا الحزبي ليس جامدا بل تنعكس التغيرات الاجتماعية على خريطة الأحزاب. وهكذا يمكننا فهم الضعف الذي نال من حزبي القاعدة العريضة (الحزب المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي) واستيعاب خمسة أحزاب داخل البرلمان.

ومن وجهة نظري فإن الأمر يتوقف على تعضيد الحريات والقيم الديمقراطية داخل الأحزاب وداخل المجتمع. لو تمكنا من ذلك وأظهرت الأحزاب انفتاحا أكثر على الأفكار الجديدة وعلى مؤيدين جدد لها، فمن الممكن لهؤلاء الديمقراطيين المنهكين أن ينشطوا من جديد وأن تتقوى قاعدة أعضاء الأحزاب.

اوميد نوريبور

إعداد: أحمد فاروق

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد