1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أجواء ما بعد الحرب: انطباعات من جنوب لبنان وشمال إسرائيل

كارين فيشر - راينر زوليش/إعداد: طارق أنكاي٦ سبتمبر ٢٠٠٦

بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، انتهت مرحلة الحرب وبدأت مرحلة البناء، لكن آثار الصدمة النفسية، التي خلفتها الحرب مازالت قائمة. مراسلو دويتشه فيله زاروا منطقة الصراع وتحدثوا مع سكان جنوب لبنان وشمال إسرائيل.

https://p.dw.com/p/95IR
القنابل الإنشطارية تهديد مستمر لحياة اللبنانيينصورة من: AP

خلفت الحرب بين ميليشيات حزب الله وإسرائيل أثاراً مأساوية على كلا الجانبين، إذ قصف خلالها حزب الله المدن الإسرائيلية مستهدفاً المدنيين بقذائف الكاتيوشة واستخدمت فيها إسرائيل الأسلحة الفتاكة كالقنابل الانشطارية. الحرب حصدت دون تمييز أرواح الأبرياء من الجانبيين وخلفت جراحاً عميقة ومعاناة إنسانية طالت اللبنانيين والإسرائيليين على حد السواء. وبجانب الدمار والخراب، الذي لحق بالبنية التحتية والمساكن أحدثت ضراوة المواجهات صدمات نفسية ستلازم الشعبين طوال حياتهم وستزيد من عمق الهوة بينهم. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها توجه مراسلو دويتشه فيله إلى جنوب لبنان وشمال إسرائيل في جولة تفقدية قادتهم إلى مسرح العمليات العسكرية.

لبنان ما بعد الحرب

Israel Libanon Luftangriffe auf Libanon Trümmer
الحرب دمرت البنيان والإنسانصورة من: picture-alliance/ dpa

كانت مدينة صيدا اللبنانية المطلة على البحر الأبيض المتوسط تعج بالسياح والزوار قبل اندلاع الحرب. لكنها تبدو اليوم مهجورة. لقد خلفت الحرب وضعاً جديداً في المدينة، التي كانت تعيش على عائدات السياحة، ليجد سكانها أنفسهم بين عشية وضحاها بدون عمل أو مصدر رزق. وعن هذه الأوضاع يقول نجيد، أحد اللبنانيين، الذين تحدث إليهم مراسلو دويتشه فيله: "إننا نجلس في المنزل وننتظر، لا يوجد عمل، ليس فقط بالنسبة لي ولكن هناك 20 عائلة أخرى لا تجد عملاً". لقد تحولت صيدا من مدينة سياحية إلى مدينة بؤساء. وفي فناء إحدى البنايات السياحية، التي كانت تشهد في السابق تنظيم الفاعليات الثقافية، تم تشيد مركز لتوزيع المساعدات الإنسانية تابع للصليب الأحمر اللبناني. ويقوم المركز بتزويد ما يزيد عن 250 عائلة في اليوم الواحد بطرود المواد الغذائية الأساسية، مثل الدقيق والسكر والشاي وغذاء الأطفال. ويذهب معظم تلك الإعانات إلى الأسر الفقيرة. وعنها تقول رجاء، وهي فتاة تمارس العمل الخيري ضمن طاقم الصليب الأحمر اللبناني في مدينة صيدا: "إننا نتواجد هنا في أفقر أحياء صيدا. أغلب الناس هنا فلاحون لا يملكون الكثير من الإمكانيات. لذا فهم لا يجدون ما يقتاتون منه. لكننا عموما، لا نعاني في مدينة صيدا من قلة المواد الغذائية، لأن اتصالنا ببيروت لم ينقطع حتى خلال أيام الحرب."

بضعة كيلومترات فقط من مدينة صيدا، في اتجاه الجنوب اللبناني، اصطدم مراسلو دويتشه فيله بصورة قاتمة تعكس قسوة أيام الحرب. فعندما يصل المرء إلى تلك المنطقة سرعان ما يدرك أنه يتواجد في مكان كان ميداناً للحرب. بعض القرى دمرت عن بكرة أبيها، ليس فقط من قبل الطيران الإسرائيلي، لكن كذلك جراء المواجهات البرية الضارية بين مقاتلي حزب الله والقوات الإسرائيلية. غير أن معاناة تلك القرى والمناطق المجاورة لا تقتصر على الدمار، الذي لحق بالبنية التحتية ونزوح الآلاف من سكانها. فتلك المناطق ما زالت تعاني من تبعات الحرب وإن توقف دوي المدافع. فالمواد المتفجرة والذخائر والقنابل الانشطارية ما زالت متناثرة في شتى أنحاء القرية وتفتك بحياة السكان بين الحين والآخر.

الجانب الإسرائيلي

Tiberias Hisbollah-Raketen schlagen in Nordisrael ein
منزل إسرائيلي تعرض لقصف من حزب اللهصورة من: picture-alliance / dpa

وعلى الجانب الآخر، وبالتحديد في المدن الإسرائيلية المتاخمة للحدود اللبنانية، وجد فريق دويتشه فيله سكان الشمال الإسرائيلي وقد انتزعت منهم أيام الحرب الشعور بالأمن والطمأنينة، وذلك بعد أن حصدت أرواح عدد كبير من المدنيين العزل القاطنين في تلك المدن. ولم تسلم حتى المدارس من قذائف الكاتيوشا، التي كان حزب الله يمطر بها مدن شمال إسرائيل يومياً. ورغم عودة الكثير من الإسرائيلين النازحين إلى ديارهم لمعاودة حياتهم اليومية ظلت آثار الصدمة في حياتهم اليومية وإن بدأت المياه تعود في تلك المناطق تدريجياً إلى مجاريها. غير أن كيرياط شمونة، أحد مدن الشمال في إسرائيل، والتي يبلغ عدد سكانها 24000 نسمة، لا يزال سكانها يعيشون تحت وطأة الخوف من قصف جديد يشنه حزب الله.

لقد عاشت تلك المدينة طوال فترة الحرب في حالة من الهلع بسبب صواريخ حزب الله، التي كان من الصعب التكهن بموقع سقوطها. وليس ذلك بعجيب، فلقد سقط أكثر من 800 صاروخ على شوارع وبنايات المدينة الإسرائيلية. لكن بالرغم من شدة الصدمة تحاول المدينة أن تمارس حياتها العادية. لم يسقط في مدينة كيرياط شمونة قتلى لكن أكثر من 100 جريح بعد أن أصابت قذائف الكاتيوشة أكثر من 2000 منزل. ويقول أحد سكان المدينة: "لقد اعتدنا على الحرب والإرهاب منذ أمد بعيد". سكان تلك المدينة يعيشون منذ عام 1968 تحت هاجس الخوف من الهجمات. وفي هذا السياق يقول مواطن إسرائيلي آخر: "لقد قصفت المدينة منذ عام 1968 بأكثر من 5000 صاروخاً! لا يوجد أي منزل إلا وقد تعرض إلى أضرار جراء القصف".

القوات الدولية

Italienische UN-Soldaten der UNIFIl Mission im Libanon bewachen den Strand von Tyre
القوات الدولية أمام مسؤوليات كبيرةصورة من: AP

ربما يكون تواجد قوات "اليونيفيل" في الجنوب اللبناني عاملاً أساسياً للحفاظ على وقف إطلاق النار بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، إلا أن تلك القوات لن تتمكن من إرجاع السكينة إلى نفوس سكان شمال إسرائيل، الذين يشعرون بتهديد مستمر. واعتبرت يوليا، التي فقدت أبيها بعد سقوط قذيفة كاتيوشا أمام السيارة التي كان يستقلها، أن وجود القوات الدولية "اليونيفيل" لن يُبدد مخاوفها، إذ قالت: "لا أدري ما إذا كنا سنشعر بالأمان"، بعد انتشار القوات الدولية على الشريط الحدودي. لكن بعض الاسرائيلين رحب رغم ذلك بمجيء القوات الدولية، حيث اعتبر مدير إحدى مدارس كيرياط شمونة أن سكان المدينة وأطفالهم سينعمون بالأمان الآن، لأن تلك القوات ستحميهم من أي هجوم يشنه حزب الله عليهم. تفاؤل لا يشاطره رغم ذلك كافة الاسرائيلين. فثمة مخاوف مازالت تسيطر على سكان شمال إسرائيل، إذ يشكك معظمهم في قدرة القوات الدولية على المدى البعيد في الحد من تهريب الأسلحة إلى حزب الله، الذي يتبنى مشروع تدمير إسرائيل.

أما على الجانب الآخر، فيعول معظم اللبنانيون على وجود القوات الدولية ويعلقون آمالاً عريضة في أن تستطيع تلك القوات حمايتهم من الاجتياح الإسرائيلي. وفي هذا السياق يقول أحد اللبنانيين، الذين تحدث إليهم مراسلو دويتشه فيله: "بدون وجود القوات الدولية سيكون الوضع أسوءاً. فحزب الله لا يستطيع السيطرة على الوضع في الجنوب اللبناني. فكل ست أو سبع سنوات تُعاود إسرائيل هجومها على لبنان. لقد عانى سكان الجنوب كثيراً، لذا أرحب بقُدوم القوات الدولية الآن وليس في وقت لاحق".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد