1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أبو صياح بائع القهوة البدوية منذ عقود في شوارع برلين

٢٥ أكتوبر ٢٠١٦

أبو صياح بائع متجول للقهوة العربية البدوية في عمق العاصمة الألمانية. يقدّم منذ عشرات السنين قهوته بما فيها الهيل لعشاق القهوة الشرقية. وبات اسمه مكتوبا في دليل برلين السياحي. DW عربية رافقت "القهوجي" أثناء عمله في برلين.

https://p.dw.com/p/2RZ37
Strassen-Kaffee-Verkäufer Berlin Deutschland
صورة من: DW/C.Chebbi

لا يمكنك أن تمر في شارع العرب الواقع في حي نويكولن البرليني دون أن تصغي إلى صوت أبي صياح، بائع القهوة المتجول، لقد أضحى هذا الرجل أشهر من نار على علم وبات اليوم يمثل وجها من الوجوه العربية في هذا الشارع الذي لا يعرف الهدوء. اقتربنا منه لاحتساء قليل من القهوة من إبريقه الكبير الذي تفوح منه رائحة القهوة المهللة. يمارس أبو صياح عمله كبائع متجول في شارع زونِن أليه في حي نويكولن ببرلين، حيث تتجمع المتاجر والمقاهي العربية. هنا في هذا الشارع اختار البائع اللبناني الأصل عرض قهوته المهللة لعشاق القهوة العربية البدوية. ومنذ ما يزيد عن ثلاثة عقود من الزمن يبيع أبو صياح قهوته على طول هذا الشارع فبات أشهر من نار على علم.

قهوة عربية في شوارع برلين بنكهة بدوية متميزة

"سُمِّيتُ من قِبَلِ الزبائن العرب بأبي صياح لأني بدأت عملي منذ حوالي 30 عاما بمدح القهوة المهللة الشرقية بصوت مرتفع يسمعها القاصي والداني". بهذه الكلمات أجابنا بائع القهوة اللبناني الأصل على سؤالنا ثم استرسل يقول" أعيش هنا في هذا الحي منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما ومنذ قدومي إلى برلين أمارس هذه المهنة التي كنت أمارسها قبل في لبنان". أبو صياح يصب القهوة لزبائنه الذين يجيؤون خصيصا إليه ليحتسوا قهوته المتميزة في  هذا الشارع كما يقول الزبون الشاب محمد نصير:" أنا من الزبائن اليوميين لأبي صياح. إن القهوة التي نحتسيها لدى أبي صياح ليست كالقهوة الأخرى التي نشربها في المقاهي العربية المجاورة أو في المنزل".

Strassen-Kaffee-Verkäufer Berlin Deutschland
صورة من: DW/C.Chebbi

هذا ما يؤكده الزبائن الآخرون أيضاً، الذين ينتظرون فناجينهم التي وزعَّها أبو صياح عليهم. لا يقتصر بيع القهوة على العرب، بل هنالك من الألمان مَن يعشقون نكهة قهوة أبي صياح كما يقول البائع اللبناني المتجول لـ DW عربية: "زبائني متنوعون وإن كان أغلبهم عرب، هنالك من السياح الذين يأتون خصيصاً إلى هذا الشارع ليحتسوا القهوة العربية بالطريقة الشرقية هنا في برلين، وليس في بيروت أو في مدينة عربية أخرى".  وحتى يكون الجو عربيا قحا، فقد قرر هذا الأخير بيع قهوته الشرقية بلباسه الشرقي الذي يمنح الزبون نكهة على نكهة، "فالناس هنا معجبون بلباسي الشرقي" كما يقول أبو صياح. ليس بصوته الصادح فحسب يسعى البائع المتجول لاستقطاب زبائنه عن بعد بل أيضا بطربوشه الأحمر الموشح بأشكال ذهبية اللون وسرواله الأسود الفضفاض.

فكرة فمشروع فنجاح منقطع النظير

تبلورت فكرة بيع القهوة العربية في الشارع ، كبائع متجول، حينما كان أبو صياح حديث العهد في برلين ولا يملك سوى القليل من المال، إلا أنه أراد أن يكون عنصرا ناشطا في المجتمع وألا يكون عالة على الآخرين، كما قال لنا ثم أضاف: "لقيت تشجيعا كبيرا من قبل أصدقائي وأحبتي الذين ما انفكوا حينها يحثونني على تحقيق هذه الفكرة وهذا المشروع الصغير المنقطع النظير في برلين خصوصا، وألمانيا عموما".

ثم وقف هنيهة عن الكلام ليحيي المارة رافعا طربوشه إلى الأعلى وواصل يقول: " لقد كنت أود دوما أن أقدم شيئا ما يذكّرني ويذكّر أهل بلدي في الحي بالوطن والأهل والتشبث بعاداتنا العربية وبما أن مهنة "القهوجي" مهنتي سابقا في وطني، أسرعت  في تحقيقها بمساعدة الأصدقاء. وقبل أيام  قليلة من البدء في عملي اقتنيت إبريقا وبعض الفناجين واللوازم الضرورية لإعداد القهوة، ومباشرةً بعد الحصول على رخصة البيع باشرتُ مهنتي التي أمارسها اليوم بشغف  في الشارع البرليني".

وها هو أبو صلاح حتى هذا اليوم يمارس مهنته بحماس وشجاعة. ولا تزال هذه الفكرة تحظى بنجاح كبير ولا يزال المارة يتوجهون إليه للتمتع بنكهة القهوة الشرقية. هذا ما يقوله أبو أحمد صاحب مقهى عربي، يعيش في برلين منذ ما يزيد عن العقدين من الزمن ويعرف أبو صياح منذ ذلك التاريخ، أي منذ أن شرع  أبو صياح في ممارسة مهنة البائع المتجول، المهنة غير المألوفة في برلين، حيث يقول: "لقد كان الإقبال على قهوة  أبي صياح منذ اليوم الأول كبيرا، لقد أعجب العرب -لاسيما اللبنانيين- بهذه الفكرة، فنكهة القهوة المهللة الشرقية كانت ولا تزال بالنسبة لنا جزءا من الوطن في الغربة الألمانية، لقد كانت فكرة أبي صلاح مفاجئة سارة للجميع، هذا ما جعل  الكثير ينبهر ويشارك في دعم  هذه المبادرة التي أضحت اليوم جزءا لا يتجزأ من الحياة العربية في الحي".

"القهوة عادة عربية بدوية لها طقوسها  يجب احترامها والتمسك بها"

Strassen-Kaffee-Verkäufer Berlin Deutschland
صورة من: DW/C.Chebbi

وحول إعداد القهوة العربية المميزة قال لنا أبو صياح دون أن يكشف لنا سر المقادير من محتويات البن والهيل والماء... فقال ضاحكا: "أطحن حبوب القهوة بـ"المهباش"  وأحضِّر خميرة القهوة لمدة خمسة أيام  وأضيف إليها حبات الهيل الأخضر ثم أضعها في "الدلة" لتبقى ساخنة ولتحافظ على نكهتها الخاصة كما يريدها الزبائن، ثم أضع الفحم بداخل أنبوب داخل "الدلة " ويقول أبو صياح إن تقديم القهوة عادة عربية بدوية لها طقوسها  يجب احترامها والتمسك بها.

لا يشكل بائع القهوة المتجول منافسة لمقاهي العربية المجاورة والممتدة على طول الشارع بل هو إثراء ونكهة إضافية  للمقاهي العربية المعروفة هناك، مثل مقهى أم كلثوم ومقهى السلام اللذين يتعاونان معه كما يقول صاحب محل أم كلثوم: "نقدم لأبي صياح الجمر كلما أراد ذلك، كما أشتري منه شخصيا قهوته اللذيذة، أنا لا أراه منافسا لي بل العكس ذلك، لقد زاد هذا البائع المتجول بصوته الصادح ولباسه الشرقي وقهوته الشرقية الطابع العربي في شارع العرب، رونقا وجمالا. ويأتي السياح للشارع ليتلذذوا بقهوته، كيف لا وقد بات اسمه مكتوب في الدليل السياحي البرليني".

شكري الشابي - برلين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات