1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

60 عاما على تحرير معسكر "أوشفيتس" النازي

يطل علينا الماضي الألماني في أبشع صوره، فقبل ستين عاماً من الآن كانت أفران معسكر "أوشفتس" النازي ما تزال تلتهم أرواح الأبرياء. وهي تشكل نقطة سوداء في تاريخ البشرية، لا تكف ألمانيا عن الإشارة إليها واستخلاص العبر منها.

https://p.dw.com/p/6A9V
مدخل معسكر آوشفيتسصورة من: dpa

بمناسبة مرور60 عاماً على تحرير معسكر أوشفيتس Auschwitz النازي، أكبر معسكرات الموت التي أنشأها نظام هتلر وقضى فيه اكثرمن 1.5 مليون إنسان، قامت "لجنة أوشفيتس الدولية" اليوم الثلاثاء 25 يناير/كانون الثاني بتنظيم حفل ضخم في صالة المسرح الألماني ببرلين. وبهذه المناسبة ألقى المستشار الألماني جيرهارد شرودر كلمة أعرب فيها عن مدى إحساسه بالخجل من الماضي الألماني النازي.

الوقوف بحزم ضد النازية الجديدة

Bundeskanzler Gerhard Schröder, Gedenktag zur Befreiung des KZ Auschwitz
المستشار الألماني شرودر يلقي بكلمته في الأحتفالصورة من: AP

في الـ 27 من يناير/كانون الثاني 1945 دخلت القوات الروسية معسكر "أوشفيتس" الواقع جنوب مدينة كراكاو البولندية، وحررته من يد الألمان منهيةً بذلك فصلاً من أحلك فصول الحكم النازي. واليوم أحيت ألمانيا ذكرى الضحايا بالوقوف دقيقة حداد على أرواح الآلاف من الضحايا اليهود والبولنديين وغيرهم. وفي هذا السياق أقيم حفل رسمي في المسرح الألماني حضره المستشار جيرهارد شرودر والأمين العام للمؤتمر اليهودي العالمي إسرائيل سينجر ورئيس البرلمان الألماني فولفغانغ تيرزه وغيرهم من الضيوف، كما أستضاف الحفل عدداً من الناجين من معسكر الموت من عدة دول. ودعا شرودر إلى الوقوف بحزم ضد الدعاية النازية الجديدة وحملاتها المضللة، داعياً كل القوى الديموقراطية إلى مواجهة النازيين الجدد. ويأتي هذا الإعلان على خلفية تزايد قوة الأحزاب النازية في الحياة السياسية الألمانية، حتى أن بعضها استطاع الدخول إلى بعض البرلمانات المحلية كما هو الحال في برلمان ولاية سكسونيا. كما أعاد المستشار الألماني التأكيد على المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق ألمانيا في هذه القضية، قائلاً بأنه يشعر بالخجل أمام ضحايا "أوشفيتس" وأولئك الذين نجوا منه. ووجه شكره للجالية اليهودية التي قررت العودة بعد الحرب إلى ألمانيا مرةً أخرى، منوهاً بأن الجالية اليهودية الحالية في ألمانيا هي ثالث أكبر جالية يهودية في أوروبا.

إنشاء الأمم المتحدة يرجع إلى الإرهاب النازي

على صعيد آخر أحيت الأمم المتحدة للمرة الأولى في تاريخها ذكرى تحرير معسكر أوشفيتس، وبهذه المناسبة ألقى وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر كلمةًً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وصف فيها الإبادة الجماعية لليهود في "أوشفيتس" بأنها أكثر اللحظات سوادا في التاريخ الألماني على الإطلاق. وجدد فيشر تمسك ألمانيا بالمضي قدماً في محاربة ظاهرة العداء للسامية والعنصرية وكراهية الأجانب. وقال: "ننحني اليوم أمام ضحايا الحكم النازي الإرهابي ونحن إذ نحيي ذكراهم اليوم نشعر بعظيم الأسى". ثم أكد فيشر على تمسك ألمانيا بتحمل تبعات المحرقة النازية قائلا: "إن حق دولة إسرائيل في الوجود وأمن مواطنيها سيظل إلى الأبد موقفاً ثابتاً للسياسة الألمانية."

وفي هذا السياق نوه كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة في كلمة له في الجمعية العامة بأن فكرة تأسيس منظمة الأمم المتحدة خرجت إلى النور بعد الأهوال التي رآها العالم في الحرب العالمية الثانية، مضيفا أن العالم فشل منذ كارثة "أوشفيتس" فشلا ذريعا في منع الكثير من عمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبت في بقاع أخرى في العالم مثل كمبوديا وراوندا ويوغسلافيا السابقة، غير أنه اعتبر أن مأساة الشعب اليهودي هي مأساة فريدة من نوعها.

بين الذكرى والنسيان

هناك أصوات عديدة ظهرت في ألمانيا طالبت بتحرير الأجيال الألمانية الجديدة من عقدة الذنب والتعامل بشكل مختلف مع الماضي النازي، على اعتبار أن الصلة قد انقطعت بين الجيل الجديد وجيل مرتكبي الجرائم النازية، وبالتالي لا يُعقل مطالبة الأجيال الحالية مرارا وتكرارا بالتكفير عن هذه الجرائم. ولعل أخر هذه الأصوات كان للكاتب الألماني مارتن فالسر الذي أثارت تصريحاته عند استلامه جائزة دور النشر الألمانية للسلام عام 1998 ضجة كبيرة في الأوساط الأدبية والسياسية الألمانية ، حينما اعتبر إن التذكير الدائم والمبتذل بجرائم النازية يجعلها تفقد فرادتها ويحول دون إدراك مدى بشاعتها، غير أن هناك الكثير من الأصوات التي تعارض هذا المنطق جملة وتفصيلا. معتبرة أن موقف فالسر يدفع الماضي النازي إلى حيز النسيان، ويجعله يقترب من موقف اليمين المتطرف الداعي إلى التسامح مع الجرائم النازية بل وتبريرها. وتبرر المنظمات الأهلية الداعية إلى إحياء ذكرى ضحايا النازية والتذكير المستمر بالماضي النازي عملها بأن تناسي ذلك الماضي يفتح المجال لإنكاره وبالتالي إلى تكراره، والأمر هنا لا يتعلق بخلق حالة من الشعور بالذنب بل بخلق حالة إيجابية من العمل ضد كافة أشكال التمييز والعنصرية. وتشير تلك المنظمات إلى أن من قام بالجرائم ليس فقط من أعضاء الحزب النازي الحاكم أو جهازه العسكري، بل كانوا أيضا مواطنين عاديين وعلى قدر من التعليم. هؤلاء قاموا بجرائمهم دون عذاب ضمير، ثم عادوا بهدوء إلى منازلهم، لذلك تعتبر هذه المنظمات أن هناك حاجة دائمة لاستخلاص العبر من الماضي والتذكير به لضمان عدم تكراره.