1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رشا حلوة: لنتوقف عن استخدام البلاستيك الآن!

رشا حلوة
١٩ سبتمبر ٢٠١٨

منذ سنوات أصبحت حملات التوعية للتقليل من استخدام البلاستيك من الأولويات في أوروبا. فماذا عن العالم العربي؟ رشا حلوة تجول مع بعض المبادرات العربية في هذا المجال وتتساءل عن مسئوليتنا تجاه عالم المستقبل.

https://p.dw.com/p/35AvB
arabisch Kolumnistin Rasha Hilwi
صورة من: DW/Rasha Hilwi

الحديث عن مخاطر البلاستيك أصبح متكررا في عصرنا الحالي، سواء أضراره على البيئة أو تأثيره على صحة الإنسان. وانتشرت المبادرات وحملات التوعية في عدة دول، واتخذت عملية فرز وإعادة تدوير النفايات أهمية أكبر في أولويات دول كثيرة، كما اتخذت إجراءات كثيرة مؤثرة.

فمنذ أن انتقلت إلى برلين على سبيل المثال، أصبح الذهاب إلى الدكان لشراء منتجات غذائية منوط بحمل كيس من القماش معي أو حقيبة كبيرة لأن الأكياس البلاستيكية غير متاحة. وفي أماكن أخرى، عليك أن تدفع ثمن الكيس البلاستيكي الواحد، وذلك كنوع من التدريب - الناجح - لأن يحمل الزبائن أكياس القماش معهم أو أي شيء غير البلاستيك في زيارتهم القادمة للسوبر ماركت.

على مستوى شخصي، ولأني مقيمة في مدينة تعيش ضمن منظومة عملية الفرز وإعادة تدوير النفايات، أصبح من السهل الانخراط فيها والتدريب الذاتي على التخفيف قدر الإمكان من استخدام البلاستيك، وذلك لأن البيئة المحيطة تعيش على هذا النهج، بما فيها من تشجيع ونظام واضح الملامح، مقارنة بنهج حياتي في بلدي قبل الانتقال إلى هنا.

وخلال كتابتي لهذا المقال، قمت بالبحث عن مبادرات وحملات توعوية في العالم العربي إزاء مخاطر وأضرار البلاستيك، وفي مسار البحث والحديث مع الناشطين في هذا المجال، وجدت الكثير مما يثلج الصدر.

من ضمن الأطر التي تعمل على التوعية إزاء مخاطر البلاستيك، شركة في مصر، بدأت بالعمل رسميًا منذ عام 2017. في حديث مع المدير التنفيذي للشركة، شادي عبد الله، قال: "إن هدف الجمعية هي نشر الوعي حول مخاطر البلاستيك وإيجاد بدائل له". نظمت الجمعية ورشات عمل في محافظات مصر المختلفة، يشارك فيها الكبار والصغار، للتوعية بأضرار البلاستيك على البيئة والصحة، من خلال وسائط فنية وأنشطة مجتمعية. ويضيف عبد الله: "قمنا بحملة في الإسكندرية خلال فترة الصيف، وكانت الرسالة الأساسية هي أن رمي النفايات في البحر لا يعني بأن البلاستيك سيختفي، بل أنه يعود إلينا من خلال الطعام". تعمل أيضًا الشركة هذه الفترة على تأسيس خارطة رقمية توصل الناس بأماكن تبيع منتجات لا تحتوي على بلاستيك، وموقع إلكتروني حول منتجات بديلة، عن هذا يضيف عبد الله: "المنتجات المحلية التي كانت موجودة بالماضي، كلها بديلة للبلاستيك. البلاستيك اختراع جديد، وبالتالي، عاشت الناس بمنتجاتها ما قبله، وبإمكاننا أن نعود إلى هذه المنتجات وأن نعيش".

في تونس أيضًا، ومنذ 2012، هناك مبادرة تنشط في المجال البيئي والتوعوي ضد البلاستيك وأهمية إعادة التدوير، وتنشط الجمعية في كافة مناطق تونس وتعمل بالأساس مع المدارس. في حديث مع مدير الجمعية، حسام حمدي، قال: "الهدف الأساسي للجمعية هو التوعية حول أهمية فرز النفايات وإعادة التدوير. نعمل بالأساس مع المدارس، بحيث نهدف إلى أن تنتج المدارس فيما بعد صفر نفايات. بعد هذه السنوات، كثيرون يعملون على فرز النفايات في البيوت، بما في ذلك الأطفال، لكن المشوار ما زال طويلًا. لأن فرز النفايات يجب أن يتحول إلى ثقافة، وإلى نهج حياة بديهي. وهذه مسؤولية الجميع؛ الجهات الحكومية، المدنية والمواطن أيضًا".

تكمن الأزمة في رأيي في أننا ربما لا نشعر بمسؤولية  تجاه المستقبل، سواء مستقبل العالم من ناحية البيئة والطبيعة والكائنات، ومستقبل النسل البشري. وفي سياق الحديث عن البلاستيك تحديدًا، فالحلّ ليس مستحيلًا، ومحاولة إنقاذ مستقبل العالم بشكل أو بآخر، في هذا الجانب، ليس تعجيزيا أيضًا.

إن لم تكن هناك قرارات سياسية أو حكومية للتقليل من استخدام البلاستيك، فهناك مسؤولية إنسانية ومجتمعية لتحقيق هذا الهدف، وبدائل هذا المنتج الحديث، البلاستيك، ليس بعيداً عن موروثنا الثقافي في العالم العربي خاصة.

في حديث مع جوسلين كادي، مؤسّسة مبادرتين في لبنان لحماية البيئة، قالت: "بدائل البلاستيك موجودة في بيوت جداتنا وأجدادنا. لسنا بحاجة لأن نتعلم طرقًا جديدة ونبحث عن بدائل أخرى له. يكفي أن نعيد بناء علاقتنا مع عاداتنا وتقاليدنا، أن نتذكر كيف كنا نشرب من النبع مباشرة، ونتذكر إبريق الفخار وتعبئة المياه فيه. هناك جيل كامل في العالم لا يعرف إلا أن يشرب مياه في زجاجات بلاستيك! في لبنان لدينا شجر الزنزلخت، وهي شجرة طبيعية للزيت، يمكن أن تُستخدم كصابون لتنظيف الشعر، لدينا الكثير من المنتجات التي يمكن أن نعيد بناء علاقتنا فيها واستخدامها، وهذا يدعو للفخر. لدينا أيضًا صابون بلدي بلا غلاف بلاستيكي. عندما أستخدم كلمة بلدي، أقصد كل ما هو من ثقافة المكان، من طبيعتنا، لا يمكن أن ننظر إلى المستقبل بلا إعادة بناء علاقة مع الماضي".

البلاستيك اليوم موجود في كل مكان وفي كل شيء، والأسوأ، ليس فقط في ما هو خارج أجسادنا، بل فيما نأكل أيضًا. هو كالوحش السهل، سهل الحصول عليه وسهل للاستخدام، والتنازل عنه في هذا العصر يحتاج إلى مجهود وكذلك مسؤولية. والأهم، يحتاج إلى توعية. وهنا تكمن أهمية ما تقوم به مجموعات عديدة في العالم العربي، من أفراد ومؤسسات ومبادرات جماعية، تأخذ على عاتقها تغيير ثقافة الفرد والمجتمع تجاه البلاستيك والنفايات، لأنها تعي بأن مسؤولية الحفاظ على هذه الأرض وكائناتها، هي أوًلًا مسؤولية البشر الذين عليها، لضمان مستقبل أفضل لهم وللأجيال القادمة.

* الموضوع يعبر عن وجهة نظر كاتبته وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد