1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

يزيد شموط: لا أحمل الجنسية الألمانية فقط، أنا ألماني من أصل فلسطيني

١٢ يناير ٢٠١١

يُعد الدكتور يزيد شموط من أنجح رجال الأعمال ذوي الأصول العربية في ألمانيا. في ضوء الجدل عن الاندماج يؤكد شموط، بأن لعب دور فعال في المجتمع الألماني يتطلب التأقلم معه وتبني أفضل ما فيه دون قطع التواصل مع الجذور.

https://p.dw.com/p/zumC
الدكتور يزيد شموط إلى اليسار وعلى يمينه الدكتور هاينر جارج وزير ولاية هولشتاين للشؤون الاجتماعيةصورة من: DANA Gmbh

من مكتبه المطل على مركز مدينة هانوفر كان الدكتور يزيد شموط يتكلم إلى موظفيه بصوت هادئ وبلغة ألمانية متقنه. وقد تمحور حديثه عن انطباعاته بعد لقائه د. هاينر جارج وزير ولاية شليزفيك هولشتاين للشؤون الإجتماعية والعمل والصحة الذي قام مؤخرا بزيارة شركة "دانا" التي يرأسها شموط المقيم في ألمانيا منذ ثلاثة عقود. يروي شموط الألماني من أصل فلسطيني بأنه قدم عندما كان في سن الخامسة عشرة مع والديه الفنانين أواسط سبعينات القرن الماضي من أجل إقامة معرض للفن التشكيلي في ألمانيا. في تلك الإثناء اندلعت أحداث تل الزعتر في لبنان، فكان القرار بأن يكمل دراسته في ألمانيا. وبعد حيازته على الثانوية التحق بجامعة الهومبولدت البرلينية حيث حصل بتفوق على درجة الماجستير والدكتوراه في تاريخ الاقتصاد.

في عام 1994 أسس شموط شركة "دانا" التي تعد حاليا من أكبر الشركات المتخصصة برعاية المسنين في ولايتي سكسونيا السفلى وشليزفيك هولشتاين شمال ألمانيا. تضم الشركة 1600 وحدة سكنية يعمل فيها أكثر من 900 موظفاً. ومن ميزاتها أنها توفر أيضاً شقق سكنية لكبار السن، تجهَّز بممتلكاتهم الخاصة التي طالما اعتادوا عليها في بيوتهم والتي تربطهم بكل ذكرياتهم. وفي زيارة لأحد مباني الشركة بمدينة نويشتات على شاطئ بحر البلطيق يجد المرء صورة تختلف عن الصورة المألوفة حول بيوت كبار السن. فالزائر يجد مساكن تمتزج فيها "مستويات الذوق التي تربط التقنية الألمانية مع الأصالة الشرقية – العربية" حسب دارسة صنفت "دانا" كواحدة من أفضل عشر شركات في ألمانيا على صعيد رعاية كبار السن.

"ضرورة التأقلم في المحيط الاجتماعي"

DANA Haus Kronleuchter
مدخل احد مباني شركة دانا في مدينة نويشتات الواقعه مباشرة على شاطىء بحر البلطيق وتبدو ثريا من الكريستال ذات الطابع الشرقيصورة من: DANA Gmbh

حسب رأي الدكتور يزيد شموط، الذي يعرّف نفسه بالألماني من أصل فلسطيني، فإن أي اندماج في أي مجتمع يبدأ بالتعريف عن النفس في داخل هذا المجتمع وهذا يعني حسب رأيه، "عندما أقول أنني فلسطيني أحمل الجنسية الألمانية، أكون قد نبذت نفسي من هذا المجتمع وأن ما يربطني فيه هو فقط هذه الجنسية وليس انتمائي لهذا المجتمع"، وهذا يتعارض من وجهة نظره مع السعي لبلوغ النجاح والإندماج في المجتمع الذي نعيش فيه، "... حتى نكون الأنجح، يجب أن نكون جزءا من هذا المجتمع!"

يعيش شمّوط مع زوجته وأبنائه الأربعة في جو من الارتياح والتأقلم مع محيطهم. الأبناء يتكلمون اللغة الألمانية بطلاقه، ويجيدون اللغة العربية أيضا. في البيت يتم التحدث عادةً بالعربية كونها لغة الأم لكلا الوالدين، فهم يرون بأنها الطريقة الأفضل في تعليم الأبناء اللغة العربية مع التركيز الدائم على اللغة الألمانية. وتعيش العائلة جو الصداقات والاحتفالات في مناسبات اجتماعية ودينية متنوعة ألمانية أو عربية على حد سواء. ولدى شموط قناعة بأن الأطفال يجب أن يتعرفوا على المجتمع الذي يعيشون فيه من كل جوانبه، فهذا بالنهاية هو مجتمعهم الذي ينتمون إليه.

ويرى شموط بأن لكل مجتمع إيجابياته وسلبياته، "فإذا نجح الإنسان في تبني الإيجابيات والالتصاق بها، فإنه سيعطي نفسه ومجتمعه وعائلته ما هو الأفضل!"، كما يرى بأن أهم ما يمتاز به المجتمع الألماني هو احترام وتقدير العمل والقوانين والالتزام بها. في المقابل يرى أن المجتمعات العربية غنية بالحضارة والتاريخ، وأنه نقل الكثير من قيم هذه المجتمعات للأجيال القادمة، مثل قيم المحبة وارتباط العائلة.

دور فعّال في تطوير قوانين العمل

DANA Angestellte
د. شموط يتوسط بعض موظفي شركة دانا في احدى نشاطاتها الرياضيهصورة من: DANA Gmbh

تأتي زيارة وزير ولاية شليزفيك هولشتاين للشؤون الاجتماعية والعمل والصحة د.هاينر جارج ومجموعه من المسؤولين لشركة (دانا) مؤخرا، في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن موضوع نقص كبير العمالة المتخصصة في قطاع الخدمات المقدمة لكبار السن. وكان الهدف من الزيارة الاستفادة من خبرات شموط في هذا المجال لمعرفة ما هو المطلوب عمله من أجل تطوير عدد العمالة المتخصصة، والذي بدوره قدم مجموعة من الاقتراحات الخاصة بالتغيير في بعض القوانين المتعلقة بتعليم المهنة وسنوات الخبرة المطلوبة من أجل الحصول على إمكانية للعمل في هذا المجال. وقد لاقت اقتراحاته الترحيب من قبل الوزير وطلب تقديم ورقة عمل بها كي تتم الاستفادة منها في صياغة مشروع قانون ليقدم إلى البرلمان، ويتم مناقشته وأخذه بعين الاعتبار حسب قول شموط.

... وفي مناقشة حلول مشاكل الاندماج

ورغم انشغاله وضيق وقته، إلا أن شموط يشغل منذ عدة سنوات منصب رئيس الجالية الفلسطينية في مدينة هانوفر. وفي هذا الإطار ذكر بأنه يبذل قصارى جهده للتعريف بالقضية الفلسطينية. "من خلال خبراتي وعلاقاتي أبذل قصارى جهدي لإيصال الوجه الحقيقي وبشكل حضاري للقضية الفلسطينية داخل الأوساط السياسية والاجتماعية في ألمانيا، وللجالية دورها المميز في ذلك. ويضيف شموط في نفس السياق أنه "وبغض النظر عن أسباب مجيئنا المختلفة إلى ألمانيا كفلسطينيين فإن من واجبنا أن نتأقلم في المجتمع الألماني، عدا ذلك فإننا لن نكون من الفعالين فيه". على صعيد آخر فإن "من واجبنا أيضا أن نُبقي حياً ما ورثناه من موطننا الأصلي من تقاليد وثقافة امتزنا بها". فالجالية الفلسطينية حسب شموط توفر أيضا "المساحة المناسبة التي نحتاجها لأبنائنا كي نعرّفهم على أصولهم، وعلى تراثهم وثقافتهم العربية، إضافة إلى قضيتهم الفلسطينية والدور البناء الذي يمكن أن يلعبوه تجاهها".

Palästinensische Dabka
جانب من نشاطات الجاليه الفلسطينيه في هانوفر حيث تمارس الدبكه الفلسطينيه أيضاصورة من: DANA Gmbh

وبفضل الأنشطة المتنوعة أصبح للجالية الفلسطينية مكانتها المرموقة في الأوساط الرسمية بمدينة هانوفر. وقد قامت في الآونة الأخيرة بالدعوة إلى حوار بين الجاليات الأجنبية المتواجدة في المدينة وبين مسئولي الأحزاب وصناع القرار بهدف مناقشة موضوع الاندماج بشكل جدي. وفي هذا السياق يرى شموط بأنه عندما كانت ألمانيا بحاجه إلى عماله غير ماهرة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ، جاء الكثير من العمال من جنسيات مختلفة إليها. وكان الحديث يومها عن "عمال ضيوف" حيث كان الاعتقاد السائد بأن من جاء للعمل سوف يعود إلى بلده بعد انتهاء عقد عمله. وقد تبين لاحقا بأن هذا أمر غير واقعي. فالجدل الجاري في الآونة الأخيرة حول موضوع الاندماج هو في وجهة نظره قضية اقتصاديه وسياسيه بالدرجة الأولى، لم تتعامل الدولة معها عبر سنين طويلة بالشكل المطلوب. ويأتي هذا الجدل اليوم في ظل حاجة ألمانيا إلى عماله ماهرة ومتخصصة من الخارج، وتحديدا العمالة المتخصصة القادمة من دول غير أوروبية. وهنا يوجد خوف ألماني من التعامل مع العمالة الوافدة من الشرق الأوسط مثلا لاختلاف العادات والدين، وما قد ينتج عنه من تغيير لملامح المجتمع الألماني في العقود القادمة.

لنا عوده – بيليفيلد

مراجعة: ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد