1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ما هي مصلحة إسرائيل في اغتيال سمير القنطار؟

حسن ع. حسين٢١ ديسمبر ٢٠١٥

قال حزب الله إن الأسير اللبناني المحرر سابقا سمير القنطار قد قتل في غارة إسرائيلية على دمشق يوم الأحد الماضي. إسرائيل رحبت بمقتله واعتبرت أنه كان يعد لهجمات ضدها، لكنها لم تصل لحد تأكيد مسؤوليتها عن العملية.

https://p.dw.com/p/1HRJr
Syrien Israel demonstriert seine Lufthoheit in Syrien
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Badawi

قتل القيادي في حزب الله سمير القنطار الذي أمضى حوالي ثلاثين عاما في السجون الإسرائيلية وشارك في القتال في سوريا منذ أكثر من عامين وذلك خلال غارة جوية استهدفته ليل السبت قرب دمشق. وقد حمل حزب الله إسرائيل مسؤولية القيام بالغارة الجوية.

ورحب مسؤولون إسرائيليون بمقتل القنطار (54 عاما)، من دون إعلان مسؤولية جهات إسرائلية في تنفيذ تلك العملية التي تبعها مساء الأحد إطلاق ثلاثة صواريخ كاتيوشا من جنوب لبنان باتجاه شمال إسرائيل، وردت إسرائيل بإطلاق تسع قذائف على جنوب لبنان.

ينحدر القنطار وهو درزي من بلدة عبيه الواقعة جنوب شرق بيروت، وقد اعتقل سابقا في إسرائيل لنحو ثلاثين عاما، ويلقب بـ"عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية"، حيث كان يقضي عقوبة بالسجن المؤبد بعد إدانته بقتل ثلاثة إسرائيليين بينهم طفلة في نهاريا (شمال إسرائيل) في نيسان/ابريل 1979. وكان القنطار يبلغ من العمر حينها 16 عاما ومنضويا في صفوف "جبهة التحرير الفلسطينية". وأفرج عنه وعن أربعة معتقلين لبنانيين في إطار صفقة تبادل مع حزب الله عام 2008.

Iran Mahmud Ahmadinedschad Ehrung Samir Kantar
الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد يقلد سمير القنطار وساما رفيع المستوىصورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Ghasemi

ويعتبر المراقبون أنه إذا تم التأكد من قيام إسرائيل بعملية الاغتيال، فسيكون هناك تساؤل عن دور إسرائيل في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا ومصلحتها في القيام بذلك، وعما إذا كانت عمليات الاغتيال التي طالت شخصيات عديدة من حزب الله وضباط إيرانيين كانوا ينشطون في سوريا، تصب في مصلحة الدولة العبرية.

الواضح هو أن وسائل الإعلام الإسرائيلية هللت ورحبت بعملية الاغتيال التي تمت على الحدود السورية الإسرائيلية في هضبة الجولان، لكن المسؤولين الإسرائيليين التزموا الصمت ولم يعلنوا أي شيء، لا تأكيد ولا نفي، فكيف يشرح ذلك؟

عن ذلك يقول المحلل اسياسي في الإذاعة الإسرائيلية إيال عليمة "أولا إن إسرائيل الرسمية لا تعترف بتنفيذ هذه العملية، فهي لا تنفي ولا تؤكد هذا الموضوع، رغم ذلك نسبت هذه الغارة إلى إسرائيل. والهدف من وراء الغارة يعود كما يبدو بسبب ضلوع القنطار في الجهود الرامية إلى بناء أو تشكيل بنى تحتية عسكرية في هضبة الجولان في المناطق المحاذية للحدود الإسرائيلية السورية بهدف تحويل هذه المنطقة إلى جبهة نزاع أو جبهة قتال".

ويضيف المحلل الإسرائيلي أن هذه الجهود قد بدأت في وقت سابق بدعم إيراني، ففي شهر كانون الثاني/يناير الماضي كانت هناك غارة أخرى استهدفت جهاد مغنية، أحد ضباط الحرس الثوري الإيراني وعدد آخر من القياديين، "فربما تندرج هذه الغارة في مجمل المحاولات الهادفة إلى تحويل الحدود الإسرائيلية السورية إلى جبهة نزاع، وهذا ما تحاول إسرائيل الحيلولة دون حدوثه". إنها إذن ضربة إستباقية، حسب رأي عليمة.

لكن المحلل السياسي اللبناني فيصل عبدالساتر يقول في حديث مع DWإن إسرائيل أعلنت مرارا وتكرارا أنها تسعى إلى قتل سمير القنطار، ليست هذه المرة الأولى التي تعرض فيها القنطار لمحاولة اغتيال، "ففي الثلاثين من تموز 2015 حصلت عملية اغتيال على مقربة من الأراضي الفلسطينية المحتلة في الداخل السوري، في المنطقة المعروفة باسم الجولان، أي مابين الجولان والقنيطرة ، حيث قتل ثلاثة من أبناء هذه المنطقة كانوا يعملون ضمن ما أسسه سمير القنطار من مقاومة شعبية لمواجهة إسرائيل".

حينها أعلنت إسرائيل أنها قامت بقتل سمير القنطار، ثم تبين لاحقا أن القنطار لم يكن متواجدا في المنطقة وقت الغارة الجوية آنذاك. ويستخلص عبدالساتر قائلا:" إذن كانت هناك أكثر من محاولة حيث أدركت إسرائيل أن عمل القنطار في الأراضي السورية، وما يقوم به على مستوى القضية الفلسطينية، قد يسبب لها الكثير من المشكلات، أي أن إسرائيل حاولت منع ظهور جبهة جديدة على الحدود بينها وبين سوريا".

ويشير عبدالساتر إلى أن إسرائيل توجه ثلاث رسائل عبر اغتيال القنطار، الأولى تقول "إن العمل في إطار المسرح الجغرافي القريب من إسرائيل ممنوع". أما الرسالة الثانية فتشير، حسب رأي المحلل السياسي عبدالساتر، إلى أنها "رسالة دعم للجماعات التكفيرية، لاسيما جبهة النصرة ومن يدور في سمائها من فصائل تنظيم القاعدة".

Syrien Flaggen Symbolbild Waffenstillstand Syrische Armee und Hisbollah
حزب الله يقاتل إلى جانب النظام السوري في مناطق عديدة من البلاد.صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Malla

ويضيف عبد الساتر أنه "أصبح واضحا أن تلك الجماعات مدعومة من إسرائيل". أما الرسالة الثالثة، حسب رأي المحلل اللبناني، فهي أن إسرائيل "تباهي وتفاخر بأن قدراتها الأمنية والاستخباراتية وقدرتها على تحقيق الأهداف قوية حتى وإن كانت في العمق السوري أو في أي مكان آخر". أي أن قدرات إسرائيل توازي الترسانة الأمنية والتقنيات العسكرية للولايات المتحدة وروسيا.

ولكن وعلى ضوء تعقيدات الخارطة السياسية والعسكرية في سوريا هناك ما يدعو للسؤال: أين تكمن مصالح إسرائيل وما هي أهدافها، خصوصا بعد التدخل الروسي في الشأن السوري، علما أن روسيا تحتفظ بعلاقات وطيدة مع الدولة العبرية، كما أنها تنسق نشاطها العسكري، على الأقل تلك المتعلقة بتحليق طائراتها الحربية في فضاء المنطقة.

في هذا السياق يقول المحلل السياسي في الإذاعة الإسرائيلية إيال عليمة، إنه رغم قرب إسرائيل جغرافيا من سوريا، فإنها لا تعتبر نفسها جزءا من الجهود الدولية المبذولة لحل الأزمة السورية وتحديد مستقبل الدولة السورية المقبلة. ويتابع عليمة "أن إسرائيل أوضحت منذ بدء الحرب الأهلية السورية أنها لا دخل لها بهذا الموضوع". ويعتقد المحلل الإسرائيلي أن إسرائيل تتصرف بشكل منطقي ويبرر ذلك بالقول" إن وقوف إسرائيل إلى جانب جهة أو طرف في الأزمة السورية قد يمس مصالحها في نهاية الأمر، لذلك حددت إسرائيل خطوط حمراء، كما تراها، والتي تعتمد على منع نقل الأسلحة المتطورة ومنع المس بسيادتها في هضبة الجولان". وهذه الأهداف، حسب رأي عليمة، ربما تبرر عملية الاغتيال التي تمت يوم الأحد ضد سمير القنطار. ويضيف عليمة أنه باستثناء هذه الخطوط الحمراء، فإن إسرائيل لا تتدخل في ما يحدث داخل سوريا.

وبخصوص العلاقات مع روسيا يقول عليمة "في الواقع هناك علاقات جيدة بين إسرائيل وروسيا على كل المستويات". ويتابع عليمة أنه عندما تدخلت روسيا في سوريا قبل أشهر، كانت هناك حاجة ماسة للتنسيق عسكريا بين الجانبين للحيلولة دون وقوع حوادث. لكن عليمة يشير في نفس الوقت أنه لاوجود لمصالح مشتركة بين روسيا وإسرائيل فيما يخص مستقبل سوريا. ويؤكد عليمة أن روسيا تريد دعم بقاء النظام السوري وليس هناك توافقت في هذا الأمر مع المصالح الإسرائيلية.

من جانبه، يعتبر المحلل السياسي اللبناني فيصل عبدالساتر موقف روسيا "محيرا". فهي تدخلت لصالح النظام السوري وتدعمه عسكريا، إلا أن موسكو تلتزم الصمت إزاء عمليات الاغتيال التي تقوم بها إسرائيل أو التي تتهم بها إسرائيل على الأقل. ويضيف عبدالساتر أن ذلك يعتبر خرقا للسقف الذي وضعته روسيا بنفسها في سوريا عندما نصبت مؤخرا صواريخها الجديدة من نوع أس 400على الأراضي السورية، وهي منظومة متقدمة جدا. ويسأل المحلل ماذا يعني أن يأتي هذا الاغتيال بعد نصب هذه المنظومة من الصواريخ الروسية في سوريا؟

عبدالساتر يستدرك قائلا " طبعا نحن لم نحصل على الرواية الحقيقية لكيفية إطلاق هذه الصواريخ التي اغتالت سمير القنطار، حتى هذه اللحظة، فالبعض يقول إنها أطلقت من طائرات عن بعد من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويقول آخرون إن الصواريخ انطلقت من طائرات آباتشي المتطورة، والمحصلة هو أن لا أحد يدري كيف تمت عملية الاغتيال". وفي كل الأحوال ، حسب رأي عبدالساتر، ليس هناك موقف روسي بهذا الشأن، "فهناك فقط تهرب إسرائيل من تحمل المسؤولية، بدليل أن هناك إرتباك في إسرائيل يمكن رصده في ظل ترحيب الإعلام الاسرائيلي بعملية الاغتيال وبين الصمت الرسمي الإسرائيلي، وبين السكوت الروسي والتأييد الأمريكي والصمت العربي والدولي". ويضيف عبدالساتر أن هذا الأمر يعطينا فكرة عن أن "كل ما تقوم به إسرائيل هو مرحب به دوليا ودائما تحت ذريعة أمن إسرائيل، الذي هو فوق كل اعتبار".

ولكن هل يعني ذلك أن روسيا مستعدة أن تضحي بحزب الله مقابل التوصل إلى حل دولي شامل للأزمة السورية؟

عن ذلك يقول المحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر "إن حزب الله لم يكن متوهما يوما ما أن يكون مع هذا الطرف أو ذاك". ويشير عبدالساتر أن "حزب الله بنى إستراتيجيته على فكرة مختلفة تماما، حيث يؤمن بما يقوم به ولديه عقيدة، ولا يتأثر موقفه بموقف هذه الدولة أو تلك". بيد أن المتحدث يشير أيضا إلى أن حزب الله يتفهم المواقف الدولية وعلاقات الدول فيما بينها. ويتابع عبد الساتر أن تاريخ العلاقات الروسية الإسرائيلية لا يشير إلى أية مواجهة حادة بين الجانبين. و لايعتقد عبد الساتر أن تجعل روسيا من حزب الله "كبش فداء"، حسب تعبيره. ويضيف "لا حزب الله يمكن أن يكون "كبش فداء" ولا روسيا أو غيرها تستطيع القيام بذلك".

من جانبه، يقول المحلل الإسرائيلي إيال عليمة "إنه لا يعتقد أن روسيا بكل قوتها لها القدرة على القضاء أو على حل حزب الله في هذه المنطقة، خاصة أننا عندما نتحدث عن حزب الله، فإننا نتحدث عن إيران، لأن حزب الله يعمل بإيحاء و بتمويل من إيران وإرشادا تها". وعلى هذا الأساس يعتقد عليمة أن روسيا سوف تتعامل مع الأزمة السورية انطلاقا فقط من مصالحها، سواء في سوريا بشكل خاص، أو في عموم منطقة الشرق الأوسط. ويختزل المتحدث الإسرائيلي مصلحة إسرائيل في الأزمة السورية في "الهدوء التام على حدودها مع سوريا قدر المستطاع، ولهذا السبب ترفض إسرائيل الانجرار إلى الأزمة السورية، حسب رأي إيال عليمة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد