1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حركة كفاية المصرية ـ قصة موت غير معلن!

٨ أكتوبر ٢٠١٠

استقطبت الجمعية الوطنية للتغيير بزعامة البرادعي وجوها بارزة من حركة كفاية ما دفع البعض إلى التساؤل عن مصير الحركة. فهل انتهت مهمة كفاية بمجيء البرادعي أم أنها مستمرة في أداء دورها؟ دويتشه فيله سألت بعض المعنيين والخبراء.

https://p.dw.com/p/PYnI
يرى إسحاق أن كفاية رفعت سقف النقد ليطاول الرئيس مبارك شخصياصورة من: AP

يرى المنسق العام لحركة كفاية عبد الحليم قنديل أن الحديث عن موت الحركة هو إشاعة مثيرة للسخرية تقف وراءها الأجهزة الأمنية . والدليل على ذلك "المظاهرات الهامة عند قصر عابدين، قبل أسابيع، التي نددت بالتوريث". ويضيف قنديل، في حوار مع دويتشه فيله، أن" التعتيم على أنشطة الحركة مؤامرة تتوافق مع توسيع النظام لتغطية أنشطة جماعات أقل مناوأة له منها". ويكشف السياسي المعارض أنه شخصيا، وعبر تاريخه في كفاية ومنذ كان متحدثا أول باسمها، تعرض للتنكيل إلى حد حرمانه من نشر أي مقالة له في الصحف.

ويتساءل قنديل قائلا: على أي مقياس يحسب تراجع كفاية؟ فالحركة شهدت تزايدا في عدد أعضائها كما انضمت إليها شخصيات بارزة كالشاعر سيد حجاب والمؤرخ عاصم الدسوقي. كما طورت كفاية رؤيتها السياسية إذ أن لديها خطة واضحة تختلف عما كانت تطالب به عند تأسيسها في عام 2004. فالحركة تدعو إلى سنتين انتقاليتين للرئاسة وتكوين جمعية عمومية وطنية لتعديل الدستور. ومازالت كفاية، حسب قنديل، تضم معظم التيارات المؤسسة فيها بمنحى أكثر ديمقراطية.

أما عن من خرجوا منها فيصفهم قنديل بالخاسرين. فانضمام البعض لـ "هوجة البرادعي" صاحبه ميل إصلاحي لا يستقيم مع الحركة. فالجمعية الوطنية للتغيير لها "وجاهة الشخصية العامة وهي أحد أمراض الحركة السياسية المصرية منذ القدم". كما يتهم قنديل البرادعي بأنه قريب من الدوائر الأمريكية؛ وإن كنا نحاول كسر احتكار السلطة في مصر "فمن باب أولى كسر تعضيد أمريكا وإسرائيل السافر لها، هذا ليس تخوينا ومن يراه هكذا فليصطفل بنفسه".

كفاية تفقد تماسكها بسيطرة القوميين والإسلاميين

George Ishaq / Ishak
جورج اسحاق المنسق العام السابق لحركة كفاية، من أبرز الشخصيات التي انضمت إلى حركة البرادعيصورة من: Creative Commons/flickr/Hossam el-Hamalawy

"دور كفاية التاريخي كان على ثلاثة مستويات"؛ هكذا يبدأ جورج إسحاق المنسق العام الأول لحركة كفاية وأحد أبرز شخصياتها الذين انضموا إلى حركة البرادعي، كلامه. ويعدد إسحاق، في حوار مع دويتشه فيله، هذه المستويات بالقول: " أولا كسرت كفاية ثقافة الخوف. ثانيا أحيت حق التظاهر السلمي. وأخيرا رفعت سقف النقد للنظام ليطاول قمته ممثلا بالرئيس مبارك". لقد أدت الحركة هذا الدور وتحولت الآن إلى لاعب مثلها مثل العديد من الحركات التي استفادت من ريادتها.

ويعود إسحاق إلى بدايات تشكل كفاية قائلا: "الحركة كانت تتكون من ستة أشخاص يمثلون كل التيارات السياسية". يومها "اشترطنا أن يخلع الجميع عباءتهم الحزبية بعيدا، لكن مع وصول عبد الوهاب المسيري إلى قيادة الحركة (توفي عام ألفين وثمانية) عادت النزعة الإيديولوجية للظهور وهو ما خلخل تماسك كفاية وأدى إلى ضمور حركتها".

أما عن استيعاب البرادعي لعناصر من كفاية فيقول إسحاق: "وصل البرادعي إلى مصر وكفاية في حالة خلافات بين أعضائها؛ ورغم محاولاتنا لتقليل الخلافات إلا أن الجناح القومي الإسلامي كان مسيطرا، لذلك انتقلنا للجمعية الوطنية لأنها كانت المكان الأكثر توافقا". ويرى إسحاق بأنه كليبرالي وممثل لتيار يعتبره الناس مرادفا للعلمانية كان أكبر الخاسرين. كما أن سيطرة التيار القومي المحافظ بلهجته الإقصائية لم تكن تسمح بالحلول الوسطى التي تعرفها مصر.

"البرادعي سيغرق أيضا"

Wael Abdel Fattah
يرى وائل عبد الفتاح أن جمعية البرادعي ستتحول إلى كفاية رقم اثنينصورة من: Hany Dawish

من جانب آخر يرى المحلل السياسي وائل عبد الفتاح أن أزمة كفاية منهجية؛ فهي حركة احتجاجية جاءت بعد ثلاثين عاما من تكلس السياسة في الفضاء العام. ويوضح عبد الفتاح، في حوار مع دويتشه فيله، بأن كفاية كانت حركة احتجاج على الأحزاب السياسية القائمة أيضا، أو في أحسن الأحوال كانت بمثابة "حديقة خلفية لعناصرها النشطة". وبما أن معظم ناشطيها كانوا أسرى جمود المشهد السياسي فسرعان ما حولوا كفاية إلى ساحة للتعبير المستتر عن أحزابهم أو تياراتهم".

ويضيف عبد الفتاح بأن كفاية استهلكت شيئا فشيئا في حروب المواقع؛ فهي لعبت دورا في توسيع المسرح السياسي إذ جرى من خلالها توسيع الهامش الديمقراطي وعبرها دخلت أجيال جديدة من الفاعلين إلى الساحة ما حولها إلى مطمع في حد ذاته. ثم سقط الجميع في فكرة التوافق بين متعارضين: التوافق بين اليسار والإسلاميين، وبين الليبراليين والقوميين؛ لقد أرادوها نافذة للإطلال على الجماهير. وما يحدث الآن هو مصيرها المحتوم فالشخصيات المفتقدة لدور قيادي في تياراتها استولت عليها، خاصة إذا ما ترادف ذلك مع كون هذا التيار(القومي المحافظ) هو الأكثر تعبيرا عن ديماغوغية السياسة في مصر.

ويلخص عبد الفتاح الأمر بأن كفاية أصبحت "شاهد قبر"، موضحا أن الجمعية الوطنية للتغيير بزعامة البرادعي هي "كفاية2" . فهذه الجمعية تضم المعترضين من حركة كفاية على أرضية مطالب البرادعي، دون برنامج سياسي. ويعرب عبد الفتاح عن اعتقاده بأن هذا يعني أن "البرادعي نفسه سيتحول إلى ضحية وسيغرق مثلما غرقت كفاية".


شعبوية بلا ضفاف

Amr Abdel Rahman
يرى عمرو عبد الرحمن أن كفاية كانت تحمل تناقضا منذ تأسيسهاصورة من: Hany Dawish

من جانبه يرى الباحث عمرو عبد الرحمن أن هناك تناقضاً رئيسياً كان حاكماً لحركة كفاية منذ تأسيسها. وأن هذا التناقض أخذ في التفاقم إلى أن انتهى الأمر بتفكك الحركة ذاتها. والمقصود هو التناقض ما بين الخطاب القومي- الإسلامي، وما يصاحبه من ميل شعبوي أصيل في الحركة، وما بين حساسيات ديمقراطية جديدة تسعى هي نفسها لتفكيك ما استقر في المجال الإيديولوجي المصري من مسلمات؛ أي التجمعات الشبابية والنسائية على وجه الخصوص التي تشكلت بشكل سابق على ولادة كفاية ولكنها انضمت لها لاحقا.

ويضيف عبد الرحمن، في حوار مع دويتشه فيله، بأن هذه التيارات المتباينة التقت حول شعار فضفاض قائم على توازن هش. إذ بينما تولت الرموز القومية والإسلامية موقع الصدارة الإعلامية كان جسم الحركة الفاعل ينتمي في المجمل لأنصار المنطق الثاني. وسمح الظرف الموضوعي بالإبقاء على هذا التوازن حتى انتهاء الانتخابات البرلمانية لعام 2005. فهذه الانتخابات، حسب عبد الرحمن، أفضت إلى إعادة اكتشاف الحقائق البديهية الخاصة باستقطاب المجال السياسي المصري ما بين حزب يمثل جهاز الدولة وقوة إسلامية حاضرة في المجتمع حضوراً يتجاوز التظاهر اليومي.

ومن هنا كان من الطبيعي أن تبدأ اللحمة التي سمحت لتلك التيارات المتعارضة في التعايش داخل كفاية في التفكك. إذ تحول السؤال المطروح من سؤال يخص وقف مشروع التوريث إلى سؤال حول كيفية تأسيس تيارات ديمقراطية في مصر تملأ الفراغ ما بين الإسلاميين والدولة. ومنذ هذه اللحظة "بدأت كفاية في التحلل".

هاني درويش ـ القاهرة

مراجعة: أحمد حسو