1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هيئة الإعلام العراقي و "ثقافة الحذاء"!!

٢٤ ديسمبر ٢٠٠٨

سهيل أحمد بهجت

https://p.dw.com/p/GMdU

لم أكن أرغب أن أكتب مجددا في قضية الحذاء الذي أهان شرف العراقيين، فكثير من الإعلاميين العراقيين استنكروا هذا الاستغلال الفاضح للحرية و الديمقراطية العراقية و استهداف اسم العراق و المواطن العراقي عبر احتقار و إهانة أبسط المقومات الأخلاقية للضيافة و التعامل مع الآخر، لكن الذي دفعني للكتابة مجددا هو أن الأشرار و أعداء العراق المقيمين داخله من بعثيين و قوميين و شيوعيين يحاولون الآن الإساءة للديمقراطية العراقية عبر الآليات المتاحة للديمقراطية نفسها.

فنجد قنوات البعث التلفزيونية كالبغدادية و بغداد و الرافدين و الرأي و موقع مركز النور و غيرها تروج لبطولة "الحذاء" الذي لا يعكس أي شرف أو أخلاقيات أحد أقدس المهن (الصحافة و الإعلام) بل يعكس الضعة و الجهل و الانحطاط و التبعية للعروبة النازية و غيرها من المناهج القومية الإجرامية، فالزيدي أبو حذاء لم يقم بأي عمل شجاع و هو لم يقل كلاما يستشف منه أنه مثقف أو مطلع على السياسة و الثقافة، فالحذاء و السب و الشتم لا تعكس سوى عقلية البعث المقبور و توابعه الإشتراكية و القومية و العنترية، و نحن لم نصل إلى هذه الكارثة إلا لأن الحكومات المتعاقبة بعد إسقاط الصنم لم تقم إلا بمحاولات لإرضاء شريحة دمرت العراق و أهلكت العراقيين ألا و هي شريحة البعثيين و أزلام النظام المقبور، و قد سبق لأحزاب قومية متنفذة أن تبنت أيتام البعث البائد و نصبتهم مسؤولين و إعلاميين و مليارديرية يبيضون المال العام الذي هو ملك الشعب، بينما لا يزال الضحايا و المهمشون و الذين دمر النظام البعثي حياتهم، يعانون من المآسي و الصعوبات.

فلماذا يحصل الزيدي و أذنابه على المنح و الدعم المادي و الدورات التدريبية خارج العراق؟ بينما مئات الصحفيين الذين خرجوا للتو إلى العمل بعد أن كانوا في عداد الأموات أيام المجرم صدام و بعثه الإرهابي لا زالوا إلى الآن يعتمدون على خبراتهم المتواضعة و مداخيلهم الصغيرة لنشر أفكارهم و أعمالهم، أليس هذا عارا على رقاب النظام الجديد الذي يفترض به أن يكون حرا و ديمقراطيا ؟ و المصيبة أنه حتى المنابر الإعلامية التابعة للدولة و لهيئة الإعلام العراقي ـ التي لا ننكر أن فيها من هو شريف و عراقي أصيل ـ أصبحت تجد في هؤلاء البعثيين نجوما لشاشاتها و إقلاما لتسويد صفحاتها، مما يعني أن الحرية مهددة الآن بأن يستغلها الصعاليك و المغامرون فيسيئوا إليها أولا و يستفيدوا من هذه الإساءة في تحجيم الحرية و إعادة ثقافة الصراع و التعارك بدلا من النقاش و التعارف، و أخشى أن تتكرر تجربة الجمهوريات التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي فكان أن سيطر الشيوعيون على نظم المنطقة تحت أسماء وطنية و قومية مرسخين الفساد و الدكتاتورية القديمة تحت يافطات و عنوانين جديدة.

لو لم يكن الإعلام العراقي في غالبيته مسيطرا عليه من عقول ملوثة و مريضة من نمط الزيدي و غيره من جلاوزة العهد البائد، لما وقع المالكي و ضيفه ضحية إهانة من نمط إهانات الشوارع و الأزقة أو حسب التعبير الشعبي "العجايا"، و إلا فماذا كان يفعل الزيدي في بيروت مع وفد إعلامي عراقي ذهب لتعلم و دراسة أحدث أساليب "الصحافة"، و لا أستبعد أنهم كانوا يتلقون دروسا من مروجي العنف من أمثال حزب الله و غيره، و السؤال الذي يطرحه نفسه هو عن كل هذا الاستغراب و التعجب الذي أبداه السيد رئيس الوزراء مما حدث من إهانة مع أنني كنت أتوقع حدوث أمر كهذا مع كل هؤلاء الصحفيين "الملوثين" من خريجي صحافة و إعلام البعث، فهل ينتج البعث إلا كل ما هو قذر؟! و هل تنتج ثقافة الكراهية و المؤامرة و العبودية إلا مزيدا من الإحراج و الإهانات للعراقيين شعبا و حكومة، و لا أستبعد أن ننعت نحن العراقيون بـ"أبو حذاء" بعد هذه الفضيحة.

لا أستطيع هنا أن ألقي باللوم على الأستاذ المالكي وحده، بل على الأحزاب و البرلمان و المتاجرين بالأنفال و حلبجة و المقابر الجماعية و ضحايا السجون، فهذه الأحزاب الأثيمة تتغنى كثيرا بالضحايا و لكنها تكرم و تكافيء الجلادين و خبراء السحل و التعذيب، و لو كان منتظر الزيدي شيعيا ـ كما يزعم مركز النور ـ لفعلها في وجه صدام و رمى حذاءه في وجه الطاغية، لكنه و عائلته كانوا يمصون الدم العراقي مع غيرهم من المصاصين، و من المفارقات أن قناة الرأي لصاحبها الإرهابي مشعان الجبوري تروج لأبو حذاء الزيدي و تعرض مظاهرات مدينة الثورة التابعة لمتدى على أنها مظاهرات "الشعب و الجماهير" مع أن أؤلئك المتظاهرين هم أنفسهم من تنعتهم القناة بـ"المليشيات الصفوية" و "عملاء إيران"، غير أن السقوط الأخلاقي وصل إلى حد لا ينفع بعده حديث أو كلام.

Website: www.sohel-writer.i8.com

Email: sohel_writer72@yahoo.com