1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل ينجح البعث في إشعال حرب أهلية؟؟

عبد الخالق حسين٢٣ مايو ٢٠١٣

يعيد د.عبد الخالق حسين تحليل المشهد العراقي في ضوء قراءة تفيد أن البعث وأنصاره الخفيون يقفون وراء كل أزمات العراق.

https://p.dw.com/p/18cTl
صورة من: picture-alliance/AP Photo

كلما حصل تصعيد جديد في العمليات الإرهابية في العراق راح الإعلام العربي وعدد من الكتاب، ويعزونه إلى صراع جديد بين الكتل السياسية الحاكمة، رغم أن الإرهاب متواصل منذ إسقاط حكم البعث وإلى الآن، مع صعود وهبوط في الخط البياني له. فبعد انسحاب القوات الأمريكية، أوَّلوا أية عملية إرهابية إلى انسحاب الأمريكان، رغم أن ذروة الإرهاب كانت إثناء وجود هذه القوات. وتكرر نفس الشيء بعد اعتقال عناصر من حماية طارق الهاشمي، ومن ثم رافع العيساوي لضلوعهم في الإرهاب، حيث حصل تصعيد غير مسبوق في الأزمة هذه المرة على شكل اعتصام في المناطق الغربية، رافقته أعمال عنف من قتل واختطاف وتفجيرات رغم ادعاءاتهم بأنه اعتصام سلمي!.

"محاولات تسعى لتضليل الرأي العام"

فريق آخر من الكتاب، اتخذوا الأسهل في تفسير ظاهرة تصعيد الأزمة العراقية بين حين وآخر، وهو: المحاصصة الطائفية، و"تشبث" المالكي بالسلطة، فطالبوا بسحب الثقة منه، ولما يئسوا من الوسائل الديمقراطية لإسقاطه، لجأوا إلى تصعيد الضغوط عبر التظاهرات والاعتصامات وشن الحملات الإعلامية ضده، مطالبينه بالاستقالة!!

وفريق ثالث من الكتاب اعتادوا على الانتهازية، والتظاهر بالحيادية والعقلانية، والحكمة، فمسكوا العصا من وسطها، يساوون بين المعتدي والمعتدىَ عليه، ولا شك أن المحايد في هذه الحالة يخدم المعتدي، لذا فقدوا مصداقيتهم.غني عن القول، إن الغرض من كل هذه المحاولات هو تضليل الرأي العام، والتعتيم على السبب الرئيسي للأزمة، لإغراق البلاد في فوضى عارمة لتحقيق أجندات أجنبية، وتكرار السيناريو السوري في العراق.

ما هو السبب الرئيسي للأزمة؟

منذ سقوط البعث راح الإعلام العربي، والسياسيون الذين فشلوا في الانتخابات، وعدد غير قليل من كتاب عراقيين وعرب من الذين لا يريدون الاستقرار للعراق، يروجون ليل نهار بأن الشيعة ما أن تخلصوا من حكم البعث وهيمنوا على السلطة حتى وتحولوا من مظلومين إلى ظالمين، فانفردوا بالسلطة وراحوا ينتقمون من العرب السنة، ويمعنون في تهميشهم وعزلهم، ودليلهم الذي تعكزوا عليه في خطاباتهم التحريضية، هو أن معظم المعتقلين بتهمة الإرهاب هم من السنة! علماً بأن رئيس الوزراء، السيد نوري المالكي شن حرباً ضد مليشيات جيش المهدي في البصرة وبغداد وهم شيعة. ولكن ماذا على الحكومة أن تفعل إذا كان أكثر الإرهابيين والبعثيين الذين تلوثت أيدهم بدماء العراقيين هم من السنة؟ فهل الحل هو جلب عدد مساوي لهم من الشيعة واعتقالهم بتهمة الإرهاب من أجل تحقيق التوازن في هذا الأمر؟ علماً بأنه لا يتم اعتقال أي متهم إلا بأمر قضائي، وأن أغلب أعضاء الهيئات القضائية العليا هم من السنة؟

نؤكد مرة أخرى أن الاستقطاب الطائفي الحالي ليس جديداً وهو من الثمار السيئة لسياسات البعث الساقط خلال 35 سنة من حكمه الطائفي الفاشي الجائر. فالبعث منذ اغتصابه السلطة للمرة الثانية عام 1968، تبنى العشائرية والطائفية لتثبيت حكمه، ولسوء حظ أهل السنة أن معظم البعثيين الذين تلوثت أيديهم بدماء العراقيين هم من المناطق الغربية. كما ونجح البعثيون بعد انهيار حكمهم طرح أنفسهم كممثلين شرعيين عن العرب السنة، ولذلك لم يتركوا أية مفردة طائفية بذيئة إلا واستخدموها ضد الشيعة وبمنتهى البذاءة والعلنية وبشكل غير مسبوق. وراحوا يحاربون العملية السياسية والديمقراطية باسم أهل السنة. ومما زاد في الطين بلة، هو تدخل حكومات أجنبية في الشأن العراقي، فراحوا يرسلون آلاف الإرهابيين لشن حرب الإرهاب على الشعب العراقي باسم الدفاع عن حقوق العرب السنة، وحتى تدمير أضرحة أئمتهم لإشعال الفتنة الطائفية وبالتالي إشعال حرب أهلية بين السنة والشيعة، لأن البعث لن يتورع في توظيف أخس الوسائل لتحقيق أغراضه.

"مشاركة قادة السنة جاءت لإفشال التجربة الجديدة"

في أول الأمر امتنع السياسيون السنة من المشاركة في العملية السياسية وقاطعوا الانتخابات البرلمانية الأولى عام 2004، ولكن بعد ذلك انتبه عقلاؤهم، فرأوا أن من مصلحتهم المشاركة الفعالة بها، وأن لا يعيدوا الأخطاء التي أرتكبها زعماء الشيعة بعد تأسيس الدولة العراقية في العشرينات من القرن الماضي. لذلك شاركوا في السلطة، وكان غرض البعض منهم، وخاصة من الذين تسللوا من خلفيات بعثية، أن يفشلوا العملية السياسية من الداخل. ففي النظام الديمقراطي لا بد وأن تكون نسبة المشاركة في السلطة وفق ما تفرزه صناديق الانتخابات، الأمر الذي يرفضه الذين أدمنوا على احتكار السلطة خلال 80 سنة لذلك شنوا حملة إعلامية شعواء لتشويه صورة الديمقراطية بغية التخلص منها في محاولة منهم لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. لذلك استغل البعثيون تعقيدات الوضع، فطرحوا أنفسهم كمدافعين عن المكون السني، لا لإنجاح العملية السياسية، بل لتخريبها من الداخل، ولذلك كان ما كان من دور البعض منهم في الإرهاب وهم يحتلون أعلى المناصب في الدولة، من أمثال: طارق الهاشمي، وأسعد الهاشمي، ومحمد الدايني، وأخيراً رافع العيساوي وغيرهم.

من كل ما تقدم، نستنتج أن العلة ليس في كون الحكومة مبنية على المحاصصة الطائفية، أو تهميش أهل السنة، وأن لهم مطالب مشروعة...الخ، بل لأن هناك تحالف اندماجي بين البعث والقاعدة لنشر الإرهاب وإرباك السلطة والأجهزة الأمنية، ودفع المواطنين إلى اليأس من جدوى الديمقراطية، وبالتالي إعادة العراق إلى هيمنة البعث مرة أخرى بعد أن تبنى هذا البعث أيديولوجية "القاعدة" فكراً وتطبيقاً ولحكم العراق بصيغة طالبانية.

ولذلك نؤكد لأصحاب النوايا الحسنة، أن أي تنازل تبديه الحكومة لقادة الاعتصام لن يحل المشكلة، بل يزيدهم إمعاناً وتأليباً وتصعيداً في المطالب التعجيزية، لأن أغراضهم كما قالوها صراحة هي ليست المطالب المشروعة، بل المطالب غير المشروعة وهي :(إسقاط الحكومة، وتقسيم العراق، وإقامة الاقليم السني والحرب.)