1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل نسيتم أسود الانتفاضة؟

عباس العزاوي٢٢ أبريل ٢٠١٣

يطالب عباس العزاوي بمرارة الحكومة العراقية والدوائر المرتبطة بشون المبعدين والمهجرين بإنصاف من شاركوا في انتفاضة 1991 التي يسميها الإسلاميون الشعبانية مقارنا ذلك بالمكاسب التي أحرزها رموز النظام السابق .

https://p.dw.com/p/18Ktz
صورة من: AP

ليس من طبعي ان اقفز على أي موضوع من سقفه متخبطاً بين تفاصيله ودهاليزه المظلمة ، بل اعتبر ان للكل قضية بداية وعقدة ونهاية كما القصة او الرواية ، ولكل شكوى أسباب ومعطيات تدفعنا احيانا لقول ما لا يصلح قوله، وان كذب فريق وفريق يشتمون ، فقد بات واضحاً ان خصومنا بعد السقوط أكثر دهاء وسفالة ممن كانوا قبله وبصحبتهم كمية لا باس بها من المتخبطين والحمقى من ذوي العقول المشوشة، ومن الخائفين الكثير، بدأوها بفوضى وقتل وتفجير واستمرت بخلق مشاكل وعقد ومزايدات ،صعب على بعض الضعفاء والمترددين التصدي لهم أو إيقافهم عند حدود الحق والصواب، وكل هذا كان ممكن ان يحدث وفق مبدأ العدالة ، فليس من المنطق ان نترك ملايين الضحايا السابقين والشهداء وأبناءهم وننشغل بافرزات مشاكل جديدة خلقها البعض وراح يصرخ .. الظليمة، الظليمة، من قوم جاءونا بالاحتلال ودمروا حياتنا وافقدونا السيادة والاستقلال!.

حقوق ذوي الضحايا أم..

قبل فترة تحدثت سيدة ناشطة في حقوق الإنسان عن سياسة الدولة في التعامل مع ذوي الضحايا والشهداء والمهجرين بعد السقوط ، وفي ثنايا كلامها الحق الذي أرادت به باطل شاءت أن تقول بان حكومتنا تراعي ضحايا النظام السابق فقط ، ذكرتها وكأنها عار على الدولة أن ترعاهم " يا به شنو أهل ضحايا النظام السابق أولى بالتعيينات " ومع عدم قناعتي بهذا القول فضلا عن وقوعه ، لكني أتساءل ، أين المشكلة أن تعوض الدولة أبناء من عاشوا 40 سنة في القهر والجوع والتهميش! ضعوا تحت كلمة التهميش ثلاثة خطوط حمراء، ولماذا الآن أصبحوا خارج نطاق الإنسانية التي تتباكى عليها هذه الناشطة، ومن له المصلحة بان يبقى المعذبون سابقاً على حالهم وعلينا فقط مراعاة من تضرر الآن.

هل كان أبي مخطأً حين حارب النظام البعثي وقُتل أو هرب أو غيبته ظلمات المقابر الجماعية؟

هل كان خائناَ حين تركني عرضة للخوف والجوع والحرمان، لأنه أعلن رفضه للحكم الجائر؟

وهل العدالة تقتضي ان يعوض ويعين ابن الضابط السابق والمدير السابق والمسؤول السابق والرفيق السابق لان أبيه كان مطيعاً وخاضعاً ذليلا للنظام واستطاع ابنه إكمال الدراسة بأمان وحرية ورفاهية ليكون مهندساً أو أستاذا او تكنقراط ولابس أرباط وقندره؟

وأنا ابن الشهيد المحروم والجائع والأمي والمظلوم طوال هذه السنين أن أكون خارج اهتمام الدولة وجمعيات حقوق الإنسان ونشطائها؟ أي عدالة عوراء هذه التي لا تبصر الجميع.

ذكرى الانتفاضة مرت تتعثر بالخجل

مرت علينا هذه السنة ذكرى انتفاضة الشعب العراقي في الجنوب عام 1991 ضد الحكم البعثي ، وسط اهتمام إعلامي عراقي خجول وبسيط لا يرقى لمستوى هذه الثورة التي أسقطت هيبة النظام البعثي وأيقظت الغافلين والنائمين والركع السجود للنظام العفلقي، ونقلت أدوات الصراع إلى ساحات المواجهة الحقيقية والتحدي الكبير لأكذوبة قوة السلطة وسيطرتها ، وقد استبسل الكثير من شبابنا الأبطال في محاربة أزلام النظام وزبانيته في سوح الوغى وسقطوا في طريق الحرية ، وكعادتنا في الشرق أن نكرم الموتى بالخطب الرنانة ونترك الأحياء وان نهلل للشهداء في مجالس تأبينية وننبذ ذويهم وأبنائهم ونتركهم عرضة للجوع والحاجة، هذه الثورة المجيدة التي نهضت فيها 14 محافظة في الوسط والجنوب والشمال ضد اعتى نظام دكتاتوري عشائري طائفي ،واستطاع العراقيون فيها اذلال حكومة البعث ودفع اغلب قياداتها لارتداء الملابس النسائية للخروج من اوكارهم سالمين، هذه الثورة يريد لها البعض ان تُطمر كغيرها من صور التضحيات التي قدمها أبناء العراق ابان الحكم البعثي ، ولكن لماذا؟

اعتقد ان السبب بات معروفاً لكل ذي بصيرة ،لان اغلب المتصدين للعمل السياسي الآن لا دخل لهم ولا دور في تلك الثورة وإبرازها يعني كشف تاريخهم " النضالي" المزيف الذي يدعون! .

ليس هذا فحسب بل ما نراه اليوم هو تجاهل واضح وكبير بحق أبطال الانتفاضة الشعبية ،الأموات منهم والأحياء الذين تشردوا بسبب موقفهم الثوري الخالد والذي سجل انعطافه مهمة وكبيرة في تاريخ العراق المعاصر ، ولم يقتصر هذا التجاهل على المماطلة في سن قوانين تعيد لهذه الشريحة المظلومة بعض من حقوقها ، بل وممارسة الطعن بها من قبل البعض واعتبارهم خارجين عن القانون ويحتاجون الكثير من الأدلة لإثبات وطنيتهم وانتمائهم ،في الوقت الذي نرى المساعي الكبيرة لبعض الكتل والأحزاب لإعادة وتأهيل قتلة الشعب العراقي من البعثيين الكبار وأجهزة القمع الصدامي وفدائيي صدام باعتبارهم جزء من الشعب وكبادرة لإثبات حسن النوايا!

أما أبناء الانتفاضة فليسوا جزءا من الشعب العراقي لأنهم ابتعدوا عن العراق فترة طويلة! وسقط حقهم بالتقادم ، ثم أنهم لم يفخخوا ولم يقتلوا أبناء جلدتهم ليفرضوا شروطهم على الحكومة فأي منطق يحكم الأشياء في العراق الجديد!؟.

مشروع جهادي أم ثورة عفوية؟

في لقاء مع السيد المالكي "خارج المألوف" * بين بان شرارة الانتفاضة انطلقت بفصيل من مجاهدي حزب الدعوة في الاهوار، بمعنى ان الثورة في الاساس تعود للحزب الذي يقود البلاد الان ، وهذا دليل على إن أبناء الانتفاضة الشعبية في العراق اشتركوا في المشروع الجهادي الوطني الذي تبناه الحزب عبر الكفاح المسلح ضد حزب البعث اي الأهداف والنوايا واحدة ، فلماذا هذا التجاهل ؟ علاوة على ان اغلب من في السلطة الآن ، من أعضاء حزب الدعوة والمجلس الأعلى والوفاق وغيرهم كانوا ضيوفاً دائمين في معسكري الارطاوية ورفحاء لتسجيل أسماء العراقيين هناك لإغراض لا يعلمها إلا الله والراسخون في جمع الدعم المادي والمعنوي من دول العالم!! فهل تحول هؤلاء؟ من أبطال يستحقون عناء الذهاب إليهم في الصحراء الى أناس مشكوك بهم ولا حقوق لهم ، ولا يعرف المسؤولون كيفية معالجة مواقفهم القانونية في الوضع الراهن ، فهل هم سجناء سياسيون؟ أم هم محتجزون ، ام مهاجرون؟ ام مهجّرون ؟ أم ماذا بحق السماء؟

الآن فقط لا يعرف احد موقعهم من الإعراب بعد أن كانوا الرصيد الثمين الذي أرادوا له البقاء في جحيم الصحراء ليحلب بعضهم أبقار الخليج وغيرها بأسمائهم وعذاباتهم.