1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

نجحت الانتخابات والعكس صحيح

عبد المنعم الاعسم ٢٢ أبريل ٢٠١٣

في الوقت الذي يشيد فيه عبد المنعم الاعسم بمستوى المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، ينتقد عجز السلطات عن توفير الفرصة للملايين التي لم تشارك فيها معتبرا ذلك مثلبة كبرى.

https://p.dw.com/p/18Kiz
صورة من: Reuters

من حق الحكومة ومفوضية الانتخابات معا ان تحسب مشاركة ستة ملايين مواطن في اثني عشرة محافظة (من 13 مليون) في عملية التصويت لمجالس المحافظات نجاحا يدخل في رصيدهما، ويدفع عنهما شبهات التدخل او العجز او المحاباة، ومن حقهما ان تعددا امثلة، منتقاة، على هذا النجاح، مثل منع قوى العنف والارهاب من تعكير الاجواء الامنية، وانضباط الاداء "المحايد" لموظفي مفوضية الانتخابات، والتزام توقيتات الافتتاح والاختتام، وتوفير هوامش المعاينة والتغطية لوسائل الاعلام، ومن حقهما ان يقارنا الحصيلة الانتخابية، من حيث نسبة وحرية التصويت واجواء التعبير عن الاراء مع تجارب انتخابية في دول مجاورة او مشابهة للحالة العراقية في اوضاعها وصراعاتها الداخلية.

اقول، يحق للسلطات والمفوضية ان تعلنا انهما نجحتا في تسهيل وصول نصف ممن يحق لهم التصويت الى صناديق الاقتراع، لكن لا يصح ان تتعسفا باستخدام هذا الحق لحد القفز من فوق حقائق تدخل في عناصر الفشل في الوفاء بمسؤوليتهما، في حلقات حساسة وخطيرة، لعل ابرزها، هذا العدد الكبير من المواطنين الذين حرموا من ممارسة حقهم الانتخابي، فان اكثر من نصف الـستة ملايين الذين لم يشاركوا في الانتخابات كانوا يعتزمون المشاركة في التصويت وقد توجهوا فعلا الى المراكز الانتخابية لكن حيل بينهم وبين التصويت لعدم وجود اسمائهم في السجلات، او ان مراكزهم نقلت الى امكنة بعيدة يتعذر الوصول لها في ظل منع التجوال والتهديدات الامنية وتعطل وسائل النقل.

/يجب ان نضيف الى لائحة الفشل ما تركته الاجراءات الامنية المفرطة، وبخاصة في العاصمة بغداد، في اضطرار ملايين الناخبين الى التخلي عن حقهم في المشاركة بالتصويت، وكانت الاحوال كما لو أن المفارز الامنية وقواطع الطرق واجواء الحذر والتعبية الأمنية تقدم نصيحة للمواطنين الآمنين ان لا يقامروا بحياتهم ويخرجوا من منازلهم، وهذا يدخل في عداد المخالفات المشار اليها في المعايير الدولية لحرية الانتخاب، التي تشدد على مسؤولية السلطات التنفيذية والجهات ذات العلاقة باجراء الانتخابات في توفيرالاطمئنان، وعدم اثارة اجواء الهلع والخوف من ممارسة حق التصويت، ولا يقلل من هذه المسؤولية ما يقال ان تلك الاجراءات تستهدف منع الارهاب والعنف والجماعات المسلحة من توجيه ضربات الى العملية الانتخابية، فان الحقيقة الموازية تتمثل في توظيف هذه الاجراءات بطريقة انتقائية بحيث شملت احياء وبلدات ومدنا وحولتها الى ما يشبه المستعمرات الامنية المعزولة.

بوجيز الكلام، ثمة ملايين من الناخبين لم يستطيعوا الوصول الى صناديق الاقتراع، ولم يدخلوا في موصوف المستنكفين عن المشاركة.. وهذا عنوان صارخ لفشل السلطات والمفوضية في مهمتهما.. فيما حقهما في شهادة "نجاح محدود" محفوظ لهما.

********

"إنما مَثَلُ الدنيا مَثَلُ رغيفٍ عليه عسلٌ مَرَّ به ذبابٌ فقطع جناحيه، وإذا مَرَّ برغيف يابس مَرَّ به سليما". سفيان الثوري- فقيه قديم