1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فتاوى حسب الطلب!

سالم مشكور١٥ مايو ٢٠١٤

كتب سالم مشكور أنّ الفتاوى السياسية تنقلت خلال سنوات من بغداد الى دمشق مرورا بتونس وطرابلس الغرب ومصر لتشيع، باسم الدين، القتل والدمار والوحشية بأبشع صورها، ولترسم صورة مليئة بالهمجية لدين رسالته المحبة والتسامح والبناء.

https://p.dw.com/p/1C0Qz
Mitglieder von Tehreek-e-Taliban Pakistan (TTP)
صورة من: Aamir Qureshi/AFP/Getty Images

وراء تلك الفتاوى، مشاريع سياسية، دأب راسموها ومنفذوها على استخدام الدين ورجاله، وسيلة لخداع وتجنيد قطعان المغفلين الذين جمّدوا عقولهم وضمائرهم وتحولوا مطايا بيد تجار الدين. فتاوى بالعشرات أصدرها هؤلاء بتكفير المسلمين والدعوة الى قتلهم باسم الله والدين وبعناوين الجهاد، أغلبها صدرت من أرض الحرمين الشريفين، تحت سمع وصمت الحكم الرسمي، بل وبتحريك من بعض أجهزته.

اليوم بتنا نسمع من ذات الابواق الكريهة فتاوى تحرّم القتال في ذات المناطق التي أفتوا سابقا بـ"الجهاد" فيها. وكما كانوا يستخدمون الروايات في تبرير فتاوى القتل السابقة، لم تعجز كتبهم المليئة بالروايات الموضوعة عن سرد ما يفيد منها الآن بتحريم هذا القتال. بالأمس كنت أشاهد مقابلة تلفزيونية لأحد شيوخ الضلالة وهو يبرهن بالأدلة الشرعية حرمة قتال الحاكم في سوريا مثبتا أنه حاكم لم يحارب الشعائر ولم يمنع الدين.

هكذا وبكل بساطة يكفّرون ثم يمنحون صفة الإسلام لذات الأشخاص أو الجهات. وبين التكفير والأسلمة تراق دماء عشرات الآلاف من السوريين، بهذه الفتاوى دون أن يبرر أحد من هؤلاء سبب هذا التبدل.

السياسات تتغير، فتتغير الفتاوى، حرام الأمس يصبح حلالا أو بالعكس، وكافر الأمس الذي تم تجنيد قطعان البهائم من أصقاع الارض لقتاله، يصبح مسلما لا يجوز الخروج عليه، مع أنه هو ذاته، لم يكفر سابقا، ولا هو أعلن إسلامه الآن.

نفس الجوقة التي كانت تصرخ داعية الى الجهاد، تتبارى اليوم في الحديث عن حرمة قتال المسلم. كل ما في الامر ان السياسة السعودية تغيرت، أو بالأحرى، تغيّر الدور السعودي في المنطقة ولم يعد مسموحا له المساهمة في إدارة القتل في سوريا، فيما يركز آخرون، في دورتهم الفتوائية الجديدة، على تحريم قتال السعوديين في البلدان الأخرى، وكأنهم يقولون ان فتاواهم السابقة تبقى سارية على غير السعوديين. كما أن اقتصار تحريم القتال في الساحة السورية، يعني ضمنا ان ارتكاب جرائم القتل الجماعي والفردي في ساحات أخرى كالعراق ومصر وليبيا، لا يزال يصنف في خانة "الجهاد"، فالسياسة التي توجّه هؤلاء لم تتغير في هذه البلدان، وبالتالي فان "الموقف الشرعي" لم يتغير.

الفتوى الدينية لطالما كانت أداة بيد السياسيين، تخدم مشاريعهم وخططهم ، في مجتمعات فطرية، لا يزال أغلب أفرادها يرون في رجل الدين ممثلا لله، كلامه كلام الله، ومخالفته معصية لأوامر الله.

في ستينيات القرن الماضي أراد عبد الناصر مغازلة المعارضة الدينية الإيرانية ضد نظام الشاه، فأوعز إلى الأزهر بالاعتراف بالمذهب الأمامي الجعفري وتدريسه في جامعته كما أنشأ دار التقريب بين المذاهب في القاهرة.

وفي المراحل اللاحقة وبعد وصول رجال الدين الإيرانيين الى السلطة كانت السياسة المصرية على تناقض معهم، فأوقف تدريس المذهب الشيعي وأغلق دار التقريب، وبات الانتماء الى المذهب الشيعي جريمة يعاقب عليها.

كثير من رجال الدين، يساهمون في تحويل الدين الى أداة سياسية، ونجاحهم في هذا يعود الى تفشي الجهل وضعف الوعي، وتجميد العقل لدى قطاعات واسعة من الناس، الأمر الذي يحوّلهم الى أدوات للقتل والجريمة خدمة لسياسات دول وأجهزة مخابرات محلية ودولية.