1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تأملات الشاعرة بلقيس حميد حسن في البرلمان العراقي

٢٢ سبتمبر ٢٠٠٨

ما بين العصبية القبلية والحوار المفتوح

https://p.dw.com/p/FMtJ

بلقيس حميد حسن

منذ ان كان العرب قبائلا , لم يكونوا مؤمنين يوما بالحوار ولا بالديمقراطية , حيث كان السيف هو الفاصل في كل النزاعات وهو العزّة والبطولة والمجد الذي يفتخر به وقد أكد الشاعر ابو تمام على عقلية ذاك الزمان حينما قال
السيف أصدقُ انباءً من الكتب ِ
في حدهِ الحدّ بين الجدّ واللعبِ
فالحوار والكتب بنظر الاعراب قديما, تعتبر لعب وليس جد, والحرب والقتل بالسيف هو الجدّ والعزم والشكيمة.
ولم تختلف نظرتهم اليوم بخصوص الحوار والعقلانية , فقد بقوا على نهج اجدادهم فكل قبيلة- او دولة عربية اليوم- تظهر قوتها لامن خلال الحوار والمحاججة وكسب الرأي العام انما من خلال المقاطعة وكسر رجل كل من يقترب من مرابع الاعداء وخيامهم , والتوقف المهلك والتفتيش بين حدود الدول العربية والمنع من السفر للملايين شاهد على ما أقول , فالحوار عندهم تخاذل وجبن وضعف, ومن حكمة العرب ان من يستعمل عقله عاجز عن الاختصام بالسيف , وعلى هذا الاساس قاطع العرب اي حوار مع اسرائيل منذ اغتصاب فلسطين حتى الان, وكل من اراد الحوار واستخدام العقل لصالح الناس والأرض فالشك والرمي بالخيانة العظمى تهمته الجاهزة وقد يقتل كما قتل السادات .. وكم تشرد الشعب الفلسطيني وتعذب وأبيد بمجازر مرعبة ,واغتصبت ارضه قطعة بعد اخرى حتى لم يعد لهذا الشعب أي أمل في حياة طبيعية مثل بقية البشر على هذه الارض بعد ان أهدرت اسرائيل ابسط حقه في الحياة, والحكام العرب كانوا ومازالوا يقاطعون العدو ويتفرجون على مصائب ابناء فلسطين, والشعوب العربية المغلوبة على أمرها تبكي وتتبرع وتتطوع للشهادة ..
ومنذ اكثر من ستين عاما وحكام العرب يتشدقون بالتضامن مع الفلسطينيين ويتوعدون اليهود بالموت والفناء -على حد قولهم- لانهم لم يفرقوا بين اليهودية كديانة سماوية اقرتها كل الكتب والاديان التي آمن بها العرب جميعا, وبين اسرائيل ككيان غاصب ومعتدٍ. ومنذ ان اعلنت دولة اسرائيل في عام 1948 حتى الان والشعوب العربية تشد الاحزمة على البطون وتدعي كل الحكومات العربية صعوبة مهماتها وتتباكى بسبب العدو الصهيوني الذي اجبرهم على الحروب وشراء السلاح من لقمة الناس , حتى القصور التي شيدها المجرم صدام حسين وعددها اكثر من مائة وستين قصرا فاخرا كانت موقفا ضروريا للوقوف مع الاخوة الفلسطينيين , و حرب الثمان سنوات مع ايران التي حصدت ملايين الشباب ودمرت اقتصاد البلد وبناه التحتية والفوقية كانت من اجل فلسطين , وكل المجازر التي ارتكبها بحق الكرد في حلبجة والانفال كانت دفاعا عن فلسطين والمجازر ضد الشيعة ايضا من اجل عيون الفلسطينيين وغزوه الكويت وقتله اهلها ونهبه البلاد وتعذيبه ودفنه العباد كلها من اجل سواد عيون الفلسطينيين .
مساكين اهل فلسطين الذين رماهم حظهم العاثر بهكذا أهل وقربى وقوم , ومسكينة القضية الفلسطينية حين تصبح ورقة لعب لكل مقامر وكاذب ومحتال و حجة للضغط على الخصوم وان كانوا محقين في مايذهبون اليه .
البرلمان العراقي الذي انتخب بعد سقوط النظام على يد الولايات المتحدة وحلفائها , يريد ان يثبت موقفا قوميا عربيا للفلسطينيين الذين يضربونه بحجر ويعيبون عليه الوقوف مع عدوتهم امريكا , فيضرب هو بذات الحجر عضو البرلمان مثال الالوسي .
عجبا من برلماننا العراقي الذي يرى على الشاشات يوميا ان رجل الفلسطينيين الاول عباس يتصافح ويلتقي مع رجل اسرائيل الاول أولمرت لمناقشة امور عداواتهم العتيقة والتي دارت شعوب العرب عليها وافقرت حالها ورضيت بالخنوع للدكتاتوريات لما يقارب قرنا من الزمان, فلماذا لم يعلن برلمان العراق مقاطعة عباس واعتباره خائنا للقضية وللشعب الفلسطيني؟
لماذا يؤمن عباس الفلسطيني بالحوار مع اسرائيل , ويؤمن معه جميع الفلسطينيين بما فيهم حماس المتطرفة ونقاطع نحن أهل العراق المنكوب النقاش مع اية جهة في وضع عراقي حتى لو كان مع الشيطان , وبذات الوقت الذي لا نستنكر اللقاء وقبول كل ماجاء من الامريكان بحق بلادنا وامريكا معروفة انها هي الداعم الاول والاخير لدولة اسرائيل وسندها في جميع حروبها معنا نحن العرب ؟
هل يريد اعضاء البرلمان ان يثبتوا انهم احق بفلسطين من الفلسطينيين واحرص عليها منهم ؟
وهل على البرلمان العراقي مقاطعة دولة قطر ومصر والمغرب والاردن وغيرها من جميع الدول العربية والعالمية التي تقيم علاقات مع اسرائيل ؟
ام يحاولوا فقط التغطية على مايحصل في العراق من فساد الذمم وضياع الاموال وإبعاد الناس عن التفكير بالامراض المنتشرة والمياه غير الصالحة للشرب والكهرباء المقطوعة ووضع العراق الذي اصبح خربة بعيدة كل البعد عن حضارة العالم في هذا الزمن ؟..
يا أعضاء برلماننا العراقي الموقر , لم يعد الزمن زمن المقاطعات انما هو زمن الحوار والمحاججة واستعمال العقل في المناظرات, انه زمن المنطق وليس زمن العنف والهتافات والمواجهات بالأيدي او السلاح الأبيض وشن الحروب .. لقد التقى الفلسطينيون بعدوهم بعد ان جربوا اخوانهم العرب وجربوا حظهم في حروب كثيرة مع اسرائيل التي لم يفلحوا بها ولم يسترجعوا حقا واحدا من حقوقهم السليبة, فدعوا خناجركم في اغمادها يا أعضاء برلماننا العراقي الكرام وانتبهوا لمايحصل من خفافيش الظلام واتركوا ورقة فلسطين التي اصبحت غير صالحة للعب , لقد كشفت هذه الورقة البائسة من قبل العراقيين بل هي مكشوفة لجميع الشعوب العربية وباتت مضحكة جدا ولا تليق ببرلمان منتخب من قبل شعب مقهور يتصارع من اجل البقاء , لقد سقطت هذه الورقة وانتهت صلاحياتها فابحثوا لنا عن حجة اكثر وجاهة لاستبعاد الالوسي ..