1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"بلا حدود" - مبادرة للتقريب بين الشعوب عن طريق التعاون الإعلامي

١٥ ديسمبر ٢٠٠٩

عندما يتعاون إعلاميون عرب وأوروبيون في إنتاج تقارير مشتركة من أوروبا ومن العالم العربي، فبالتأكيد سيصبح المنتج مختلفاً وبعيداً عن الآراء المسبقة المنتشرة لدى الطرفين، وهو هدف مشروع "بلا حدود" الذي تنظمه دويتشه فيله.

https://p.dw.com/p/L2Dq
مشاركون أوروبيون وعرب يتناقشون خلال ورشة العمل في إطار مشروع "بلا حدود"صورة من: DW

يلعب الإعلام دوراً كبيراً في التقريب بين الشعوب وفي تفنيد الآراء المسبقة التي يحملها كل طرف عن الطرف الآخر، لذلك فقد نظمت مؤسسة دويتشه فيله الإعلامية مشروع "بلا حدود" بالتعاون مع القناة التلفزيونية الألمانية "في.دي.ار" والقناة التلفزيونية الألمانية الثانية "زد.دي.اف" وتحت رعاية اتحاد الإذاعات الأوروبية ومنظمة اليونسكو. وانطلق المشروع مع مطلع الشهر الجاري ديسمبر/كانون الأول، ويستمر حتى مطلع العام المقبل.

فكرة المشروع هي الجمع بين التعاون النظري والتعاون على المستوى العملي، والذي يساعد في فهم الكثير عن الاختلافات الثقافية والمهنية، مثلما يؤكد مدير المشروع، أودو برينتسل، من أكاديمية دويتشه فيله الإعلامية قائلاًً: "للمشروع خلفيتان، إحداهما هي البرامج المشابهة التي ترعاها أكاديمية دويتشه فيله منذ سنوات وتجمع بين إعلاميين من ثقافات مختلفة ليتناقشوا حول اختلافاتهم، لكن تبقى تلك المناقشات في إطار نظري. وثانيهما هو مشروع كانت تنظمه القناة الألمانية في.دي.ار منذ سنتين، ويحمل اسم المشروع الذي اتخذناه، وهو "بلا حدود"، والمشروع يقام بين إعلاميين من خلفيات ثقافية مختلفة، يعملوا معاً في تقارير متنوعة، وأردنا ضم الفكرتين معاً".

"فرصة لإعادة تقييم النظرة الشخصية للأمور"

Boundless 2009 Teilnehmer
رغم الجدول المشحون للمشاركين، كان هناك برنامج ثقافي ووقت حر لتحقيق المزيد من التعارف الشخصيصورة من: DW

كانت الفكرة من ضم المشروعين معاً هي تكوين فرق عمل، كل منها مكون من اثنين من الإعلاميين أو الإعلاميات، أحدهما عربي والآخر أوروبي، ويشترك الشخصان في عمل واحد نصفه ينتج في بلد أوروبي والنصف الآخر في بلد عربية، حتى لا يقتصر التعاون بينهما على الجوانب النظرية، وحتى يتعلم كل منهما أن ينظر لطريقة تفكير الآخر وفهمه للرموز الإعلامية عن قرب، كما تؤكد يوليا باير، المشاركة في التنظيم للمشروع والمتخصصة في علم الإثنيات والباحثة في مجال تأثير الخلفيات الثقافية على الرسالة الإعلامية، حيث تقول: "في مجال الإعلام خاصة، تتأثر طريقة تقديم الشخص لموضوع ما بمواقفه ومبادئه في الحياة، حتى ولو بشكل لا إرادي. وعندما يعمل الشخص مع شخص آخر من ثقافة مختلفة، تظهر أسئلة غير متوقعة كأن يسأل أحدهما الآخر، لماذا تستخدم تلك الصورة بالذات؟ وما الذي تعنيه بالنسبة لك؟ أو يسأله لماذا تعبر عن أمر ما بهذه الطريقة؟ وتلك المواجهات تجعل الشخص يواجه نفسه، ويعيد نظرته للأمور وتقييمه لها".

وهو ما لاحظه هاني الملاذي، الذي يعمل كمذيع ومعد للبرامج في الهيئة العربية للإذاعة والتلفزيون في سوريا، حيث قال: "لم تكن الاختلافات التي واجهناها اختلافات ثقافية، بقدر ما كانت اختلافات في طريقة نقل الصورة وعرضها، فكل منا لديه إطلاع على ثقافة الآخر، لكن السؤال الهام الذي واجهناه هو كيف نقدم سيناريو يلقى الإقبال من الجانبين؟".

"فرصة لزيارة بلد عربية"

بدأ المشروع بورشة عمل لمدة أسبوع، سعى خلالها المنظمون إلى مساعدة المشاركين على التعارف واختيار الموضوعات التي سيشتركون في إنتاجها. وبالتأكيد لم يكن التوافق في الرؤى سهلاً في البداية، حيث أن هناك فروقاً ثقافية كبيرة كما تؤكد انتصار حسن، الإعلامية اليمنية. فانتصار تؤكد أن الأمر استغرق الأسبوع كاملاً للتمكن من تقريب الآراء والاتفاق على عمل واحد، كما أنها تتوقع أن تكون الصعوبات أثناء التنفيذ العملي للمشروع أكبر وأكبر، لكنها تضيف: "بالتأكيد هناك صعوبات واختلافات ثقافية كبيرة، لكن كل طرف سيسهل الأمر على الطرف الآخر، وهذه ميزة كبيرة لاشتراك إعلامي أوروبي مع إعلامي عربي في العمل نفسه".

وتشاركها الرأي إيلينا سينجر، إحدى المشاركات الألمانيات، وهي تعمل في قناة دويتشه فيله التلفزيونية، والتي ترى أن هناك فروقاً شخصية تضاف إلى الفروق الثقافية والاختلاف الكبير في طريقة العمل وطريقة اختيار الموضوعات والشكل الذي تقدم به. سينجر مهتمة بالتعرف على بلد عربي، كما أنها سعيدة لأنها تعمل مع زميل سوداني في مشروعها، وهو ما سيتيح لها الفرصة للسفر إلى السودان والتعرف عليه بطريقة جديدة، وهي تتمنى أن تساعدها تلك الزيارة في تغيير أفكارها المسبقة عن الدول العربية كما أنها تتمنى أيضاً أن ترى ألمانيا بعيون جديدة، عن طريق زميلها السوداني.

"رؤية جديدة لبلد تعرفت عليها"

Boundless 2009 Teilnehmer
التعارف الشخصي يقرب بين الشعوب والثقافات المختلفةصورة من: DW

وعلى عكس سينجر، التي لم تزر أي دولة عربية من قبل، أرادت يانا توشتيش، التي تعمل في قناة في.دي.ار الألمانية أن تعود مرة أخرى إلى القاهرة التي عاشت فيها لعدة أشهر، ولكن لتختبرها هذه المرة بطريقة مختلفة. توشتيش، ذات الأصول الصربية وجدت صعوبة كبيرة أثناء رحلتها إلى مصر، لأن طرق العمل مختلفة تماماً، كما عجزت عن التعاون مع قناة عربية، حيث تقول: "لقد ذهبت إلى هناك كصحفية تحت التدريب، وأردت بشدة أن أعمل في قناة تلفزيونية مصرية، لكنني للأسف وجدت صعوبة كبيرة، فقد كان هناك تشكك من جانب العاملين المصريين تجاهي لمجرد كوني أجنبية".

ولم تواجه توشتيش صعوبات على المجال العملي فقط، لكنها واجهت أيضاً صعوبات على المستوى الشخصي، وهي تعتقد أن الأمر سيختلف تماماً هذه المرة عندما تذهب مع زميلة مصرية، إذ سيعتبرها المصريون ضيفة هناك وليست مجرد "غريبة" جاءت لتعمل وحدها. وهي تتمنى أن تتعرف على طريقة العمل الإعلامي في مصر، فقد شعرت بمدى المعاناة التي يعانيها زملاؤها حيث تقول: "هنا في ألمانيا الصحفيون مدللون، وكل شيء يسهل لهم، فبمجرد مكالمة هاتفية يمكنني أن أصل إلى أي شخص وبسهولة وتحدد موعداً للتصوير. أما في مصر، فالوصول للأشخاص أصعب، كما أن كل شيء يحتاج إلى تصريح".

"السفر المتكرر يساعد على الانفتاح وتقبل الآخر"

Boundless 2009 Teilnehmer
محاضرات مكثفة للتعرف على أفضل الطرق للاتفاق وللتعاونصورة من: DW

ستشارك مع يانا زميلتها المصرية سمر شعيشع، التي تعمل كمخرجة في القناة التلفزيونية الأولى في التلفزيون المصري، والتي زارت ألمانيا من قبل أيضاً. وتؤكد سمر أن تلك الزيارات المتكررة والسفر، يساعد على الانفتاح على الآخر، وهو ما جعل العمل بينها وبين زميلتها الأوروبية في غاية السهولة، على حد وصفها. وتشير الإعلامية المصرية ضاحكة إلى أنه من المثير للدهشة هو أنه بدلاً من أن تعطي هي اقتراحات موضوعات مصرية وتعطي يانا اقتراحات من ألمانيا، كان العكس هو مايحدث: "لقد كنت أنا أعطي اقتراحات عما يمكن أن نتحدث عنه عن مدينة كولونيا، بينما كانت زميلتي تعطي اقتراحات عما يمكن تصويره في مصر".

ويشاركها الرأي الإعلامي السوري هاني الملاذي، الذي يضيف أن هناك عاملاً هاماً يجعل الوضع أسهل بالنسبة للعرب في الاندماج في مجتمع أوروبي، وهو في رأيه الإعلام الأوروبي القوي، الذي يعبر بالفعل عن الحياة في الدول المختلفة بشكل مفصل. من ناحية أخرى، يرى هاني أنه سيصبح من المفيد أن يتمكن الكثير من الإعلاميين الغربيين التعرف على الدول العربية عن كثب عبر مشاريع مثل هذا المشروع، لأن التعرف على واقع الحياة في دولة ما هو الوسيلة الوحيدة في رأيه للتخلص من الأفكار المسبقة.

أما يوليا باير، التي تابعت سير العمل في الأسبوع الأول بكل دقة، فهي تؤكد أنه لم توجد خلافات لكن بالتأكيد وجدت اختلافات ومناقشات قوية وتضيف: "رغم أننا هنا كنا نتدرب فقط، إلا أن الشخص يكتشف أن لديه قيم يدافع عنها بقوة، دون وعي منه، وبالتأكيد تؤثر تلك القيم دون وعي أيضاً على ما يقدمه من تقارير صحفية عن موضوع ما".

الكاتبة: سمر كرم

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات