القاعدة في اليمن: الحاضر الغائب

حسب تصنيف وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، فان القاعدة في اليمن أخطر من أفغانستان وباكستان .وقال"جون برينان "مستشار الإدارة الأمريكية لشئون مكافحة الإرهاب إن تنظيمالقاعدة في اليمن يمثل خطراً على الولايات المتحدة يفوق الخطر القادم منالتنظيم الرئيسي ، والمتمركز في المناطق الحدودية بينباكستان وأفغانستان .

كريستوفر بوكك "المحلل بمعهد كارنجي للسلام الدولي قال في هذا السياق " إن استيراد السلفية الجهادية إلى اليمن المتشددة كان له أثر في التصعيد، القاعدة تحاول أن تجعل من اليمن "خزان بشري ".

يعتبر اليمن بلدا تصعب فيه مواجهة القاعدة للأسباب التالية: التضاريس الجغرافية الصعبة، ألعمليات النوعية، والبيئة الحاضنة، فراغ السلطة وكميات السلاح لدى المواطنين.

من جانب آخر، تكتسب اليمن أهمية خاصة للولايات المتحدة بسبب إطلالها على الخليج والقرن الإفريقي، فيما تذكر بعض المصادر من داخل اليمن ان أطراف إقليمية ومنها تركيا سعت عام 2012 إلى تجنيد شباب من اليمن للالتحاق في معسكرات تدريب لغرض القتال في سوريا وقامت خطوط الطيران التركي بنقل إعداد كبيرة منهم إلى تركيا لإدخالهم .

مثلث القاعدة

تقع محافظة مأرب، على مفترق "طريق البخور" أحدالشرايين الرئيسية خارج صنعاء، كما أنها تتضمن أحد حقول النفط الرئيسيةالثلاثة في اليمن.وهناك خط لأنابيب النفط والغاز، وتزحف مدينةمأرب على الصحراء في الاتجاهات الأربعة. القاعدة تُستغل مأرب لانفتاحها الصحراويوارتباطها بالمحافظات الأخرى عبر الصحراء، وصولا إلى السعودية، واتصال بعضعناصرها في تنظيم القاعدة في السعودية، وتساعدهم سهولة التنقل منمحافظة مأرب إلى شبوة ومن شبوة إلى حضرموت، ومن مأرب إلى الجوف، ومن مأربإلى أبين، حيث لا توجد خوانق في الطرق والمنافذ، يمكن السيطرة عليها .ويعتبر وادي عبيدة من ابرز المساحات التي تشهد تحركات وعبور لتنظيم القاعدة في اليمن

عمليات طائرة بدون طيار/ درون

واصلت الطائرات الأميركية من دون طيار غاراتها على عدد من المناطق في محافظة مأرب اليمنية في 22 كانون الثاني 2013 وقالت مصادر محلية في مأرب إن أربع من عناصر تنظيم القاعدة لقوا مصرعهم في غارة جوية جديدة استهدفت سيارة في منطقة العطيف الواقعة على طريق صنعاء - مأرب. ويسود في مأرب تعبير دارج أضيف إلى مفردات استخبارية في مأرب ـ مثلث القاعدة ـ مثل عبارة " شرائح الموت " التي تستخدم من قبل عملاء الاستخبارات ، لتعطي إشارة ، لمركز عمليات طائرة بدون طيار بضرب أهدافها ، البعض من أهل مأرب يرون ان محافظتهم تحولت الى ساحة منازلة مفتوحة بين القاعدة وبين خصومها .

لماذا التركيز على مأرب

أظهرت الضربات الأخيرة والمتواصلة على مناطق في مأرب أن هناك تركيزا على تلك المناطق باعتبارها إحدى البؤر التي تنتشر فيها قيادات وعناصر مهمة من تنظيم القاعدة، خاصة بعد هزيمتهم في محافظة أبين وتركزهم في محافظة شبوة . من هنا يأتي التركيز على هذه " مأرب " وخاصة وادي عبيدة ، كما تعد المنطقة معبرا رئيسيا إلى مقاتلي القاعدة القادمون من السعودية .

أولويات القاعدة في اليمن

في تقرير لمعهد واشنطن لسياسات للشرق الأدنى ذكر إن أولويات القاعدة في اليمن تبدأ بقطاع الطاقة وقطاع السياحة، ثم استهداف المسؤولين . لقد لجأ تنظيم القاعدة إلى التركيز علىاستقطاب دماء جديدة من صغار السن في مثلث القاعدة وفي محافظات أخرى كوسيلة لتعويض الخسائر في صفوفه، وأيضا لتأكيدقدرته على التأثير والتجنيد ، وهي فكرة لا يمكن الطعن فيها من خلال ما تشهده اليمن من تطورات خطيرة.

إن الحكومة اليمنية الانتقالية تحتاج في هذه المرحلة الى دعم عربي وإقليمي في مكافحة القاعدة على أراضيها ، لانتشال اليمن من حالة الدولة الفاشلة إلى دولة إقليمية شريكة على الخليج . مع أيجاد تنسيق السياسات الأمنية في تبادل المعلومات وتعقب حركة المطلوبين وتجفيف البنوك من الأصول المالية الداعمة لتلك التنظيمات.