1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق: توجس من الربيع العربي

ملهم الملائكة ٢٥ يناير ٢٠١٣

تطورت التظاهرات في العراق إلى أعمال عنف حين أقدم متظاهرون في الفلوجة على إحراق سيارة عسكرية أعقبها اشتباكات وسقوط ضحايا. العراق يعيش اليوم ـ وفق خبراء ـ أفقا سياسيا يبدو مسدودا بالأزمات والفساد وغياب المرونة السياسية.

https://p.dw.com/p/17RQJ
صورة من: Reuters

عودة العنف إلى العراق مقرونة دائما بتنظيم القاعدة الذي استعاد قوته في مناطق غرب البلاد، وهو يطارد اليوم قيادات الصحوات وأبناء العراق بالاغتيالات، كما يسعى لتأجيج الحرب الطائفية الراكدة تحت الرماد من خلال تفجيرات تستهدف مناطق شيعية، آخرها تفجير انتحاري وقع الأربعاء ( 23 كانون ثاني/ يناير 2013) في حسينية بقضاء طوز خورماتو ونفذه رجل يرتدي لباس رجال الدين وعمامتهم وقد أسفر عن مصرع أكثر من 42 قتيل.

من جهة أخرى يحذر خبراء مختصون بشؤون الشرق الأوسط من أن انضمام العراق إلى نادي الربيع العربي قد يأتي مقرونا بانزلاق البلد سريعا إلى نفق الفوضى في ظل التركيبية الطائفية والإثنية المعقدة.

"مهما بلغ فساد الحكومة لن يتحقق إجماع على معارضتها"

وربما يظن البعض أن الربيع العربي إذا وصل العراق قد يغير أوضاعه إلى الأحسن، لكن البلدان التي شهدت الربيع العربي ما زالت غير مستقرة، والعراق الذي أطلق عاصفة التغيير في المنطقة قبل 10 سنوات، ما زال غير مستقر، فالخوف يتعاظم من تفاقم الأوضاع التي يدفع المواطن ثمنها، وقد لا يريد كثير من العراقيين اليوم التغيير الثوري مهما كان شكله خوفا من النتائج.

ويرى بعض خبراء السياسة أن العراق يدخل إلى ميدان الربيع العربي، لكن تظاهرات العراق ما زالت مقتصرة على مناطق غرب العراق ذات الأغلبية السنيةولم تبلغ بعد مستوى الجموع المليونية، لذا فإن القول هنا إنها تمثل إجماع الشعب ضد الحكومة والنخب السياسية يبدو مجافيا للحقيقة، لكن الصحفي ليث محمد رضا، المحرر في جريدة العالم البغدادية، والذي شارك من مكتبه ببغداد في حوار العراق اليوم من DWعربية نفى إمكانية تحقق إجماع كامل أو شبه كامل في معارضة الحكومة مهما بلغ فسادها وضعف أدائها بسبب مشاركة اغلب الشخصيات والقوى السياسية في العلمية السياسية من خلال مناصب حكومية أو مقاعد برلمانية.

Anti-Regierungsdemonstration in Ramadi im Irak
ملثمون في تظاهرات الفلوجة.صورة من: picture-alliance/dpa

واعتبر ليث محمد رضا أن المالكي يدفع باتجاه سريان "عدوى" الربيع العربي إلى العراق "لأنه يتصرف كما تصرف القادة الذين أسقطتهم شعوبهم، فهو يشتم المعارضة، ويحتقر التظاهرات ويرد عليها بتظاهرات مؤيدة لبقائه في السلطة "، لافتا إلى أن الخطر هنا يكمن في الربيع العربي في العراق، الذي يراد له أن يكون مشابها للنموذج السورين فيتحول إلى مواجهات دامية بين قوى متكافئة ويمتد الصراع إلى اجل غير معلوم.

"المشكلة في الدستور الذي يفهمه كل شخص طبقا لمصلحته الخاصة"

ويعتبر البعض أن التنوع التكويني الذي يقوم عليه نسيج المجتمع العراقي وما يتبعه من اختلاف في الرؤى السياسية يصل إلى حد الاختلاف والتقاطع، كل هذا قد يكون ضمانة تحصّن العراق ضد مآسيالربيع العربي، بل أن خبيرا مختصا أوجز ذلك بالقول "إن العراق محصّن ضد مرض الربيع العربي لأنه بلد المشاركة في كل شيء، كما هو حال لبنان". ولكن هذا التوصيف يجعل العراق عرضة لمرض آخر هو اللبننة، وهو تهديد جدي وخطير لأمنه واستقراره ونسيجه. لكن الإعلامي قاسم المرشدي، مدير وكالة أنباء العراق.نت والذي شارك في حوار العراق اليوم من DWعربية اعتبر هذا التوصيف غير دقيق، لأن المحاصصة في لبنان وتوزيع المناصب الرئاسية مثبتة في الدستور، وهو أمر غير موجود في الدستور العراقي. وأكد المرشدي وجود تشابه بين النظامين في البلدين، لكنه ذهب إلى " أن مشكلة العراق الكبرى تكمن في  الدستور الذي يفهمه كل شخص طبقا لمصلحته الخاصة".

Irak Sunniten Demonstration
شعارات اسلامية في تظاهرات الفلوجةصورة من: picture-alliance/dpa

وفي معرض حديثه عن التظاهرات أشار المرشدي إلى أن العراق مقسّم عمليا إلى أكراد في كردستان، والى عرب سنة في المنطقة الغربية، فيما يسود العرب الشيعة في الجنوب والفرات الأوسط " والشيعة مشاركون في السلطة وهم مسيسون أسوة بكل المجتمع العراقي، وهم بالتالي لا يتظاهرون ضد أنفسهم ليسقطوا رئيس الحكومة ووزراءه.

ولفت المرشدي الأنظار إلى أن حركة التغيير في كردستان هي التي بدأت المعارضة الحقيقية للسلطة في الإقليم. كما اعتبر المرشدي أن ما يجري في المناطق الغربية من تظاهرات تعارض الحكومة يمكن اعتباره امتدادا للربيع العربي، لكنه نبّه إلى أنه " لا يمكن التعامل مع العراق بمجمله باعتباره ملفا واحدا، وبالتالي فالربيع العربي لا يمكن أن يصل إلى العراق بالطريقة التي وصل بها إلى ليبيا وسوريا".

"النخب السياسية تُفشل المشروع الديمقراطي لتستر فسادها"

ويبدو أن المشروع الديمقراطي في العراق ينهار ويتصدع، وقد يفسّر البعض هذا على أساس وجود انقسامات كبيرة في مكونات الشعب الواحد، لكن آخرين يرون أن الفساد والتدخلات الإقليمية والعربية في الشأن العراقي هي التي تجهض المشروع الديمقراطي، فيما اعترض الصحفي ليث محمد رضا على وجود مشروع ديمقراطي أصلا، مشيرا إلى انه لا يرى سوى انقساما سياسيا يكرس تفرق الشعب وضعف الدولة، وتوسع الفساد وطرد الكفاءات الوطنية " وهناك سخط علم على الأداء الحكومي. وإذا افترضنا وجود مشروع ديمقراطي، فإن النخب السياسية هي المسؤولة عن إفشال هذا المشروع لأن شفافيته ستكشف فسادها".

Irak Premierminister Nuri al-Maliki
رئيس الحكومة نوري المالكيصورة من: AP

وفي معرض حديثه عن حل للمأزق العراقي أشار الصحفي ليث محمد رضا إلى أن الحل يكمن في تغيير أسلوب الحكم " لأن واجب الحاكم هو تحقيق الرضا الشعبي، وإذا لم ينجح في ذلك، فعليه أن يحرز نسبة معقولة من رضا الشعب، ولا يمكن أن نربط مصير البلد بمصير شخص واحد"

واليوم، وبعد عشرة أعوام، يبدو أن النموذج الديمقراطي الذي صممه الأمريكيون للعراق بعد إسقاط الديكتاتورية قد بدأ ينهار، وهناك من يقول إن الأمريكيين لم يحموا الوليد الديمقراطي بما يكفي كما فعلوا في ألمانيا بعد النازية، وفي اليابان بعد الضربة النووية. فيما اعترض الإعلامي قاسم المرشدي على نفي الصحفي ليث محمد رضا لوجود مشروع ديمقراطي في العراق، مشيرا إلى أن نوع الديمقراطية المثالي الذي يريده الجميع في العراق غير موجود فعلا، لكن في العراق اليوم إعلام حر واسع الانتشار ومساحة كبيرة من حرية رأي تبيح للجميع انتقاد رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وكل النخب السياسية دون خوف، "وهذا نموذج للديمقراطية في العراق".

" المواطن العراقي لا يموت بكردستان العراق"

وذهب المستمع حسين السعيدي في اتصال من بغداد إلى أن "الفدرالية ليست حلا، ونموذج كردستان يجسد فشل الفدرالية رئيس حكومة إقليم كردستان هو زعيم ديكتاتوري متمسك بالسلطة ". واعتبر أن نموذج الفدرالية الصحيح هو النموذج الأمريكي، مقترحا إنشاء دولة" الولايات المتحدة العراقية".

Bombenanschlag in Kirkuk Irak
تفجيرات استهدفت مقرات كردية في كركوك، بصمات القاعدة.صورة من: Reuters

قاسم المرشدي رد على ما ذهب إليه المستمع السعيدي بالقول،" إن المهم فيما يحدث بكردستان العراق هو أن المواطن العراقي لا يموت (ضحية للعمليات الإرهابية)"، مشيرا إلى أن ما تفعله حكومة الإقليم ملموس على الأرض، واتهام رئيس الإقليم بأنه ديكتاتوري يجافي الحقائق التي تدعمها معطيات تحققت بالفعل. كما أشاد المرشدي بالتجربة الفدرالية الناجحة في إقليم كردستان مبينا أنها تجربة يجب أن تكون نموذجا لباقي العراق بما شهده الإقليم من استقرار يحفظ أرواح الناس ودماءهم وأموالهم، معتبرا أن تدفق  الاستثمارات على الإقليم هو دليل حي على توافر الأمن والاستقرار بما يحقق الاطمئنان لرؤوس الأموال الخارجية.

وفي اتصال من بغداد، أشار المستمع أبو سيف إلى أنه لا شراكة في العملية السياسية في العراق، مبينا أن المبدأ السائد هو "أنا شريكك في الصباح وفي الليل اعتقلك". واعتبر أبو سيف أن رئيس الحكومة لا يشرك الآخرين في قراراته مثلما هو الحال في لبنان.

المستمع أبو ضرغام، في اتصال من بغداد يعتقد أن الحل الجذري لكل المشكلات يكمن في اتفاق المالكي والنجيفي (رئيس البرلمان) على حل البرلمان والحكومة، والانتقال إلى حكومة مؤقتة (تصريف أعمال) ، وعليهم إجراء انتخابات جديدة بإشراف لجنة من الأمم المتحدة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد