1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السيستاني وجائزة نـوبل

١١ يونيو ٢٠٠٩

قاسم المرشدي

https://p.dw.com/p/I7Im

. بعد أن رفض تفرد الشيعة بالحكم

قليلا ما يتداخل المرجع الديني السيد علي السيستاني في الشؤن السياسية في العراق.

فالسيستاني الذي لايبرح دارته المتواضعة في زقاق قديم في مدينة النجف،

لا يؤمن بالنظرية القائلة، ان للراجل الدين وصاية على الناس،

وكذلك الحوزة العلمية ( المعاهد الإسلامية )، في العراق ، لا تؤمن في غالبها الاعم، بنظرية ولاية الفقيه المطبقة في ايران منذ عام 1979م.

فقد حافظت الحوزة العلمية في العراق منذ أسسها الشيخ البغدادي أبو عبدالله محمد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد، في بغداد، قبل أكثر من ألف ومائتي عام،

ثم ارسى دعائمها ورسخها البغدادي الاخر السيد أبو القاسم علي بن حسين الشهير بالسيد المرتضى ( علم الهدى )، في النجف الاشرف ـ (حافظت) على مسافة بينها وبين السلطة، والسياسة بصورة عامة،

مع وجود بعض الاستثناءات التي طرحت فكرا مغايرا للمشروع الديني والفكري، الذي انكبت عليه الحوزة عبر تأريخها الطويل كـ

الكاتب والمفكر الإسلامي العراقي، مرجع الدين السيد محمد باقر الصدر الذي تصدى للشأن العام، وقيادة المجتمع، فأقدم صدام حسين على خطيئة إعدامه عام 1980م.

ان السيستاني الذي لا يبدي أي اهتمام للكامرا والاضواء، ظهر للناس في حوادث حساسة غاية في الخطورة، كادت ان تعصف بالعراق كبلد.

فقد شوهد إلى جانب المراجع الثلاثة الاخرين، وهو يحث العراقيين على الهدوء والتعقل، والصبر، وترك القانون يأخذ مجراه، بعد ان فجر الارهابيين مسجد وقبة مرقد الاماميين العسكريين في مدينة سامراء عام 2006م.

ان هذا العظيم، بذل جهودا استثنائية من اجل وئد الفتنة، فلم يترك مناسبة الا واكد فيها:

\{ (حتى لو قتلت انا وولدي هذا ـ سيد محمد رضا ـ فلا تأخذوا بثأري .. فتدمروا العراق)،

( لا تقولوا اخواننا السنة، بل قولوا أنفسنا أهل السنة) \}

السيستاني ضد تفرد الاغلبية الشيعية في حكم العراق

نعم، فقد اوضح الاستاذ حامد الخفاف ممثل السيد السيستاني،

( ان سماحة المرجع يؤكد، ان العراق لا يحكم باغلبية طائفية او قومية انما صناديق الاقتراع هي التي تقرر، وبالتالي الغالبية السياسية في البرلمان هي من تحكم ).

موقف جريء ، شجاع وحكيم، وخلاصة الديمقراطية هي ( حكم الشعب )،

فربما يصل للحكم على هذا الاساس، غير الإسلاميين،!

ولكن عبر صناديق الاقتراع. هذا هو السيستاني!!

هذا التسامح الذي اشاعه الامام السيستاني، كان الضمان الاهم للوحدة العراقية، بعد ان حاولت ممارسات الصداميين والتكفيريين، والعصابات والمليشيات،

ان تقسم العراق الى دويلات.

ان استقلالية منهج السيستاني وفرضه للارادة الوطنية العراقية على كل الاطراف، حتى على التي تبدو قريبة من منهجه قد اكسبه سلطة معنوية مضافة.

وان رؤية سماحته اثبتت جدواها، وانتمائها الى المعاصرة وقبول حكم الشعب، وانتخاباته كخيار لتحديد النظام السياسي.

ومن هنا فإن اي قارئ مبتدأ في السياسة يدرك ان العراق قد اكتشف في الامام السيستاني ليس العالم والمفكر الذي اعطى ـ نظرية الاعلم ـ من الاحياء المؤهلة للمرجعية الشيعية، حقها وصدقيتها فحسب،

بل واكتشف فيه رجل سلام من طراز استثنائي،

فلولا حكمته وسعة صدره، وافقه الواسع، لكانت ردود الافعال على الجرائم التي ارتكبت في العراق قد غيرت خارطته.

هذا وكثير غيره وضع مصداقية

جائزة نوبل لهذا العام على المحك.

قاسم المرشدي / زيورخ

q.qufi@hotmail.com