1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الخاسرون في أزمة الانبار

ياسين مجيد١٦ يناير ٢٠١٤

يرى ياسين مجيد أن فضّ الاعتصام في الأنبار قد كشفت عن (القيادة الحقيقية) التي كانت تتولى الأشراف على الساحة سياسياً وأمنياً ولوجستياً ، وتتمثل بتنظيمات القاعدة وداعش والبعث، ودول وجهات تقف وراءها.

https://p.dw.com/p/1ArXl
Irak Ramadi Sunni Muslim Ahmed al-Alwani Protest Gefecht
صورة من: Reuters

لم يخطر في بال أكثر المتفائلين في داخل العراق وخارجه أن عملية إزالة ساحة الاعتصام في الانبار ستتم خلال فترة زمنية قصيرة جداً ، كما لم تسقط قطرة دم واحدة اثناء عملية اقتحام القوات الأمنية للساحة ، وبما يعني ان عملية ثأر القائد هي أنظف عملية عسكرية – أمنية ينفذها الجيش العراقي منذ تأسيسه ، بل انها الأولى في تاريخ دول المنطقة والعالم ، فتظاهرات ساحة الاعتصام في رابعة العدوية في القاهرة التي استمرت 44 يوماً انتهت بمذبحة راح ضحيتها ما يزيد على 800 متظاهر بين قتيل وجريح ، كما سقط عشرات الضحايا أثناء عملية فض تظاهرات ساحة تقسيم في انقرة التي لم تستمر سوى 17 يوماً ، أما تظاهرات ساحة اللؤلؤة في المنامة فقد انتهت بإزالة الميدان من العاصمة واحتلال قوات درع الجزيرة والجيش السعودي للبحرين.

والأكثر من ذلك ان فض ساحة الاعتصام التي كانت بطول كيلومترين قد كشفت عن (القيادة الحقيقية) التي كانت تتولى الأشراف على الساحة سياسياً وأمنياً ولوجستياً ، وتتمثل بتنظيمات القاعدة وداعش والبعث ، وكانت تحظى هذه (القيادة الإرهابية) بغطاء سياسي من بعض القوى والشخصيات السياسية التي كانت ترتبط بعلاقات وثيقة مع جاهزة المخابرات في بعض الدول الإقليمية التي ترعى الإرهاب في العراق والمنطقة وتحديداً قطر والسعودية، وهم من أكثر الخاسرين في أزمة الانبار.

ما يزيد في الأهمية الإستراتيجية لعملية ثأر القائد محمد ان رئيس الوزراء لم يعتمد الخيار العسكري في إزالة ساحة الفتنة ، انما كان حريصاً جداً على مشاركة الحكومة والشرطة المحلية ورؤساء العشائر في عملية الاقتحام ، وهو ما ساعد في تفويت الفرصة على الطائفيين في داخل العراق وخارجه ، وبما شكل سقوطاً مدوياً لأولئك الذين كانوا يروجون بان عملية الاقتحام هي استهداف للسنة.

دعم دولي وإقليمي

ما يعزز القناعة التامة لدينا بالأهمية الاستثنائية لعملية ثأر القائد محمد الدعم الدولي والإقليمي الذي حظيت به الحكومة العراقية ، وهي المساندة التي تعد الأولى من نوعها منذ سقوط النظام الدكتاتوري ، فقد توالت بيانات التأييد من الدول الكبرى ومجلس الأمن الدولي والدول الإقليمية ، بما فيها تركيا التي أعلنت مساندتها للقوات الأمنية في محاربة الإرهاب ، وهي رسالة ربما تكشف عن ان حكومة اردوغان قد تعلمت الدرس الكبير من تدخلها في الشؤون الداخلية في العراق وتورطها في الحرب السورية ، كما إن الجامعة العربية التي ظلت صامتة لفترة طويلة محاباة للسعودية وقطر ، اضطرت لمساندة العراق بعد بيانات التأييد من دول العالم.

لكن ما يثير الانتباه في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العراق الذي يدخل في معركة مفتوحة مع الإرهاب ، هو ان بعض القوى والشخصيات السياسية التزمت موقفاً منحازاً منذ البداية ضد الحكومة والقوات الأمنية ، كما شكك آخرون بوطنية ومهنية القوات الأمنية ، بل ذهب آخرون بعيداً في تحريض اهالى الانبار ضد الجيش وتصويره وكأنه عدو لأهل الانبار وهم يشاهدون عشائر الانبار تقاتل جنباً إلى جنب الجيش ضد داعش والقاعدة.

ومهما يكن ، فان بيانات التأييد والمساندة الدولية والإقليمية للحكومة العراقية تمثل رداً بليغاً على جميع من وقف بالضد من القوات الأمنية واصطف الى جانب القاعدة وداعش ، لكن الأقوى والأبلغ من كل ذلك هي إن العراقيين من جميع مكوناتهم ومختلف اتجاهاتهم السياسية ، قد وقفوا بشكل غير مسبوق مع القوات الأمنية واكتشفوا حقيقة بعض القوى السياسية التي تمثل الوجه الآخر للقاعدة وداعش والبعث.

وعلى أي حال ، فان ما حدث في الانبار يمثل رسالة قوية بان المؤسسة العسكرية قد أثبتت وبما لا يدع اي مجال للشك ، بأنها تتعاطى مع الإرهاب بمهنية عالية وخلفية وطنية بعيداً عن التخندق الطائفي والحزبي والفئوي ، وأنها تعتمد على المساندة الشعبية أولا حين تضطر للتدخل في أحدى المحافظات لحماية الأمن القومي للبلاد الذي يعد احد أهم مسؤولياتها الكبرى ، وبعبارة أخرى ، فان النجاح الكبير الذي حققته القوات الأمنية في الانبار قد أزال نهائياً مقولة ان خروج القوات الأميركية ، قد افقد العراق السند القوي لحمايته من الإرهاب وان أمنه القومي قد أصبح في مهب الريح ، أنها المقولة التي سقطت مع اندفاعة أول جندي عراقي لساحة الفتنة.

ياسين مجيد نائب في البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون