1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التنمية الأقليمية ومعايير توزيع الثروة النفطية 1

٢٥ مايو ٢٠٠٩

د.سعد الحيالي

https://p.dw.com/p/Hx2J

التنمية الأقليمية ومعايير توزيع الثروة النفطية

على الشعب العراقي

الدكتور سعد الحيالي

الجامعة العربية الالمانية للتعليم المفتوح

agounivesity@yahoo.de

لقد سعت الحكومات العراقية المتعاقبة الى تقسيم الايرادات النفطية , الى قسميين , القسم الاول يوجه نحو الميزانية العامة كنفقات حكومية لادارة الدولة ( الادراة الحكومية , الجيش , الصحة , التعليم ,....الخ ) , والنصف الاخر يتم رصده لتمويل مشاريع أستثمارية ( حسب ما يدعون ) لغرض التنمية الاقتصادية في اقامة مشاريع في الصناعة والزراعة والتجارة , وعلى رغم كثرة المبالغ التي انفقت بهذا الاتجاه الا أنه لم يحقق اي طفرة في الناتج المحلي الاجمالي لجميع هذه القطاعات مجتمعة , بسبب المركزية المشددة في الادارة وانعدام التخطيط الاقتصادي.

وسيطرة الدكتاتورية على صادرات النفط العراقي وحرمان الشعب منها وتوجيها نحو القرارات الفردية للرئيس العراقي المخلوع , حيث منع تداول أرقام الصادرات النفطية والبوح بها من قبل المسؤليين بغية التصرف بها كملك شخصي في شراءالقصورو السيارات الفارهة , وتسليح العراق بمختلف الاسلحة والمعدات الحربية التي هي زائده عن حاجة العراق الامنية بغية تحقيق طموحات وأهداف حزبية وشخصية دون أعطاء أية أهتمام لحياة الفرد العراقي وأشغاله في حروب وصراعات , مقترنة هذه السياسات أنعدام الدبلوماسيه في القرارات الخاصة بالاقتصاد الوطني , وتوظيف جميع موارد العراق في خدمة أهداف الحزب المريضة ( لا ن هذا الحزب غريب عن تقاليد الامة الاسلامية والشعب العراقي التي أساسها الرحمة والمحبة والتسامح ) ,

أن خدمة المجتمع هي اسمى غاية في تحقيق الحد الادنى من الاساسيات المعيشية للفرد المتمثلة بالمسكن والمأكل والمشرب والتعليم المناسب في القضاء على الامية هدف الأمة بغية النهوض السياسي والاجتماعي والاقتصادي . وهذه من مبادئ المجتمع الاسلامي على مر العصور .

الاهداف الاقتصادية للتنمية الاقليمية :

أن الاخذ بمبدا التنمية الاقليمية هو جعل النمو المتوازن في جميع الاقاليم , وهذا يرتبط بحجم السكان في الاقاليم وتنامي حاجاته من التعليم والسكن , وفرص العمل المناسبة , واستثمار الطاقات المتاحة والمواد الطبيعية الكامنة التي لم يتم اكتشافها في الكشف عنها واستثمارها في خلق فرص عمل تخدم الاقليم . من ثم تحقيق الاهداف الاقتصادية التالية :

أ. زيادة معدل النمو الاقتصادي في الاقاليم :

ويتمثل في زيادة الدخل الحقيقي للفرد , الذي يعني الدخل النقدي مقسوما على المعدل العام للاسعار.وهذا بدوره يسهم في زيادة مدخرات الافراد , والتي سوف يتم توجيهها نحو الاستثمار , وبالتالي يسهم في زيادة معدلات الارباح , وزيادة تكوين في رؤوس . في تحقيق معدلات نمو اقتصادية مقبولة ومستدامة للحفاظ على مستوى معيشة مرتفع للجيل الحالي والاجيال المستقبلية القادمة .ورسم في بناء نظام مالي ومصرفي كفوء يسهم في تبني سياسات مالية سليمة في مواجهة مخاطر عدم الاسقرار المالي والاقتصادي الذي غالبا مايرتبط في ارتفاع معدلات التضخم النقدي وارتفاع الاسعار. وهذا المناخ يسهم في خلق بيئة استثمارية محفزة قادرة على جذب رؤوس الاموال والتقنيات الحديثة الاجنبية الى جانب تحفيز الاستثمار الوطني .وبالتالي جعل البيئة الاقتصادية العراقية منفتحة وقادرة على التنافس مع عالم متغيير .

ب. تحقيق تنوع إقتصادي مناسب :

ويعني تحقيق اقتصاد متنوع يتناقص اعتماده على النفط وتتزايد فيه أهمية دور القطاع الخاص ويحافظ على تنافسيته من خلال مايلي:

التوسع في الصناعات و الخدمات ذات الميزة التنافسية المستمدة من الصناعات النفطية .بلورة وتطوير أنشطة اقتصادية يتخصص بها العراق بميزة نسبية وبناء الطاقات التقنية والبشرية لمتطلبات هذه الانشطة.اقتصاد معرفي يتصف بكثافة الاعتماد على البحث والتطوير والابتكار، وبالتميز في ريادة الأعمال، وتعليم مهني رفيع المستوى يهدف الى تنمية الاقتصاد وتطوير المجتمع، وخلق بنية تحتية مادية ومعلوماتية متطورة، ومؤسسات حكومية تقدم الخدمات المطلوبة الى المجتمع بكفاءة وشفافية وإخلاص وتنال ثقة المستفيدين من هذه الخدمات.

ج. اعتماد مؤشر الكثافة السكانية للمحافظات كمؤشر تأشيري في توزيع الارصدة الاجنبية المتحققة من ايرادات النفط على المحافظات :

ففي الجدول رقم 1 يظهر احصاء السكان للشعب العراقي عام 1987 موزعين بحسب محافظات العراق , وقد قام الباحث باحتساب النسبة المئوية لسكان كل محافظة منسوبة الى مجموع سكان العراق ,فقد شكل بغداد اعلى نسبة23,6 تليها محافظة نينوى , ومن ثم محافظة بابل .

وقمنا بتوزيع الصادرات النفطية للعراق عام 2009 حسب الاوزان الترجيحية لسكان كل محافظة , ويظهر من الجدول , أنه لو توفرت ادارة سياسية واقتصادية صادقة في خدمة الشعب العراقي , لكانت موارد النفط والموارد البشرية للشعب العراقي ( صاحب كنوز العلم والمعرفة) قادر أن يحقق أعلى معدل رفاهية للفرد العراقي , ولكن الذي حصل العكس , حيث أفقر الشعب العراقي من موارده في حروب تخص النظام العراقي ومقايسه المتخلفة الغير عصرية في السياسة وزج العراق درة العالم , في حروب تفوق قدرات هذا الشعب العظيم, فالعراق الغني مطمع العالم( لانه ترك الله فيه كنوز ثروته وكنوز علمه) ولم يعرف حاكم العراق الشقي قيمة هذا البلد واصبح يخضعه لارادته وسياسته الشخصية المتخلفة , وكذلك بقية الحكومات السابقة لانها مقطوعة الصلة بالتاريخ القديم والحديث , ومن يريد أن يعرف العراق عليه قراءة قصص الانبياء , فهوصاحب أقدم حضارة في العالم فهو عبارة عن كنز تاريخي , لا يقدر بثمن , وكل شبر من أرضه يتكلم عن تاريخ طويل يزيد عن 7000 سنة فأي بلد هذا , لو احسنت ادارته في الاهتمام بالفرد العراقي والعائلة العراقية و المجتمع العراقي لاصبح العراق في قمة العالم , ولكن هيهات كل الحكومات والاحزاب العراقية , لا تعرف حقوق الشعب والوطن والمواطنة سوى الاهتمام بأهدافهم الشخصية العشائرية والحزبية , دون نكران ذات , فالكل يحلم في مكاسب شخصية على حساب الشعب والخزينة العراقية بالمقابل يعاني الفرد العراقي نقص في جميع أحتياجته الضرورية من المأكل والملبس, والسكن والتعليم , والنقل , وفرص العمل الضروي لحياة الفرد , ولازال أكثر من 70 بالمئة من الشعب العراقي يعيش في سكن غير لائق وترك الشعب يعيش تحت خط الفقر بدخل يساوي 5 الى 10 دولار امريكي , وجعل الدينار العراقي هو رمز السلطة والسيادة مهان بسبب الضغوط التضخمية الناتجة عن الانفاق العام و الاصدار النقدي الكبير الذي اغرق بها السوق العراقي حيث جعل كلفة اصدار الدينار العراقي أكبر من قيمته الشرائية , وحتى ورق التواليت هو اغلى من الدينار العراقي , وهذا كافي لسقوط الحكومة في اي مجتمع , أن الجاهلية سادت وتسود العلاقات السياسية والاجتماعية في المجتمع العراقي لانها أعتمدت شريعة القوي ( المادي ) وأهمال أكبر موروث روحي لامة وهو روح قوانيين الشريعةالاسلامية السمحاء التي لم تترك شاردة او واردة دون تدوين لاسيما السلوك البشري المتذ بذب والمتهور اذا لم تحكمه روح الشريعة الاسلامية السمحاء . ونصت الشريعة على توجيه نصف الثروة النفطية ( الركاز ) في إنفاقها على الرعية , والنصف الأخر يوجه الى بيت المال ( الخزينة العامة ). وفي تقديرنا أن معيار توزيع الثروة النفطية على المحافظت العراقية يجب ان يكون على أساس معيار الاوزان الترجحية لعدد السكان , وهذا ينسجم مع النظرة الاسلامية للأنسان والتكريم الإلهي له , حيث أمر الله سبحانه وتعالى في جعله كائن مكلف , وهوخليفته في إرضه , وسيد هذه الارض صلاحها وفسادها منوط بصلاحه وفساده , ومنزلته في الكون لا تعلو عليها سوى منزلة الله سبحانه , فهو الكائن الذي خلقت وسخرت من اجله الموجودات والكائنات , اما خلقه فهو من اجل عبادة الله سبحانه وعمارة الارض , فله السيادة على الارض وما فيها , يتصرف فيها تصرفا يفضي الى عمارتها , وتوجيه مسيرتها نحو الله تعالى تحقيقا للعبودية التي غاية الخلق ( وما خلقت الانس والجن الا ليعبدون ) . وتأسيسا على هذه النظرية للانسان تنبثق جملة أعتبارات ذات قيمة على مستوى التصور , والمنهج أوعلى مستوى الواقع التطبيقي أهمها :

1. إن الانسان سيد هذه الارض, ومن اجله خلق كل شئ , ومن ثم فهو أعظم من كل شئ مادي , فلا يجوز أستعباده او استذلاله لقاء توفير قيمة مادية .

2. أن دور الإنسان في الارض هو الدور الأول , فهو الذي يغير ويبدل في أشكالها , وهو الذي يقود اتجاهها , وليس قوى الانتاج او علاقات الانتاج , كما تزعم النظرية الماركسية , فالإنسان هو الذي ينفذ قدرة الله في الارض من خلال ماسخر الله له من طاقات ونواميس , لينهض بمهمة الخلافة , وهذا لايعني إغفال أثر القوى المادية , أو الاقتصادية على الإنسان , وفي الحدود التي لا تخل بأولوية الإنسان في التغيير , فالأحوال المادية بجملتها لكي تنشأ أي تغيير لا بد أن تمر من خلال وسيط إنساني .

3.أن تحديد ماهية الإنسان في كونه ( كائنا مكلفا ) يعطي البعد الغيبي وضعه الحقيقي , ويجعل الوحي المنزل من الله اساس حركة الأنسان ومنهجه , ذلك أن التركيز على الطبيعة الحيوانية للإنسان ,يعني الاقتصار على المنهج التجريبي الحسي كطريق للمعرفة , وينفي وجود الوحي او الغيب كمصدر رئيس لمعرفة الانسان وحركته .

وفي ضوء ما تقدم يجب أن توزع الصادرات النفطية مباشرة على ولايات العراق ( الفيدرالية ) كل حسب وزنها السكاني , ومن ثم يتم أستثمار هذه المبالغ في الطاقات الانتاجية المتاحة والغير مستغلة في كل ولاية ,سواء كانت مشاريع سياحية مشاريع صناعية , مشاريع زراعية , مشاريع تجارية , مشاريع خدمية , بحيث هذه المشاريع تعتمد على مواد خام محلية , وبعد تقديم دراسات جدوى لهذه المشاريع بحيث تحقق ربحية تجارية وقومية على حد السواء .فمثلا النجف وكربلاء وسامراء مرشحة لقيام فنادق وابراج سكنية لخدمة السياحة الدينية التي تدر على العراق موارد ضخمة تقدر بمليار دولار سنويا , وكذلك ولاية بابل , ولاية الموصل , والولايات الشمالية في كردستان , اضافة الى مشاريع تعبئة المياه , حيث سعر لتر الماء يفوق سعر لتر البنزين .فالعراق بلد عظيم وقادر أن يقود منطقة الشرق الاوسط أقتصاديا , اذا ما تحول أقتصاده الى أقتصاد مدني , والعمل على البناء لإن ثمار التنمية يجب أن تعود على جميع الشعب العراقي دون منطقة او اخرى , فولايات كردستان لا تقل أهمية عن ولايات الوسط والجنوب , وعدم الانجرار وراء سلبيات الماضي المليئة بالجراح والآحزان , بل يجب التفكير الايجابي في بناء عراق حضاري عصري , يؤمن الرفاهية الأقتصادبة لجميع سكانه وبجميع أطيافه , رفعا للظلم والذل الذي عاشه طيلة نصف قرن .

من الجدولرقم 1 يظهر ان توزيع الايرادات النفطية على ولايات العراق حسب نسبة عدد السكان يخلق حالة من العدالة الاجتماعية مما يسهم في التنمية الاقليمية للمجتمع العراقي , اضافة الى حصر حجم المشاريع المراد تنفيذها وتطويرها , حسب الموارد المتاحة والعاطلة في كل محافظة وامكانية تمويلها لغرض أستثمار الطاقات المتاحة من موارد طبيعية , وقوى بشرية عاطلة , ويظهر من الجدول أن بغداد تستأثر بالايرادات لكون عدد سكانها بلغ 3,845 مليون نسمة تليها محافظة نينوى 1,507 مليون وبعدها بابل , ومن ثم السليمانية . وفي ضرب الايرادات النفطية السنوية المتوقعة لعام 2009 التي سوف تكون بحدود ( 32.1) مليار دولار امريكي , وفي ضوء هذا المؤشر يتم رصد التخصيصات المالية وتوفير الاعتمادات لكل محافظة في ضوء الحجم السكاني لكل محافظة .

واخير أن نظام الفدرالية بضاعة اسلامية قديمة ردت الينا فكان ما يسمى بنظام الولاية , ولاضير بهذا النظام الامركزي , والذي يساعد على النهوض بولايات العراق على حد سواء . وللنهوض بالتنمية الاقليمية لابد من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني تبني مجموعة من الستراتيجيات المستقبلية تهدف الى النهوض الاقتصادي