1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التدوين الروسي وأهم ملامحه

٧ ديسمبر ٢٠٠٩

تحولت المدونات الروسية إلى أحد أهم منتديات التواصل وتبادل المعلومات في ظل صمت صحافة روسيا عن نقل تفاصيل الكثير من الأحداث. المدون والصحفي الروسي نيقولاي دانيلوف يسلط الضوء على مراحل وإشكاليات هذا التحول.

https://p.dw.com/p/Ks0g
المدون والصحفي الروسي نيقولاي دانيلوفصورة من: Nikolay Danilov

بعد أن طلبت مني دويتشه فيله كتابة مقال حول التدوين في روسيا وأهم الأحداث التي مرت به، كنت وسط حدث معين. إذ عقدت شركة "غاز بروم" في 14 أيلول/سبتمبر 2009 ورشة عمل في قرية لستفيانكا على ضفاف بحيرة بايكال لـ 120 متخصصاً من الشركات التابعة. وكان موضوعها "الإعلام الجديد: تقنيات المعلومات والاتصال الحديثة وآفاق تنمية موارد الإنترنت في شركة غاز بروم". وعلى مدار خمسة أيام استمع المشاركون الـ 120 المزودون بأجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى محاضرات مختلفة حول خصائص نظام المعلومات لأحد أكبر شركات الطاقة في العالم، كما ناقشوا أيضاً قضايا يومية مثل: ما هي المدونات ولماذا يستخدمها الناس والشركات، ما الفرق بين مدونات الشركات والمدونات الخاصة، ما الفرق بين محتوى المدونات، وما هي الفائدة التي تقدمها المدونة لصاحبها؟

إن تنظيم مثل ورشة العمل هذه يعد خطوة هامة وجديدة ليس لغاز بروم وحدها، وإنما لخبراء العلاقات العامة أيضاً، من أجل التقرب إلى الرأي العام المرتبط بشكل وثيق مع المدونات والتدوين. وتوضح الورشة ، التي شارك فيها ممثلون عن "لايف جورنال" وموقع "متشولر" (النسخة الروسية من فيس بوك) بأن المدونات الروسية – وبالأخص تلك الموجودة على موقع "لايف جورنال" - احتاجت إلى خمسة أعوام حتى تنال مثل هذا الاهتمام.

تطور موقع "لايف جورنال"

إن طبوغرافية المدونات الروسية وتطورها تختلف بشكل كبير عمّا يتم خارج حدودها، وهنا يقوم موقع "لايف جورنال" بدور متميز. ونتج عن ذلك بطريقة أو بأخرى أن التقى الأشخاص المشغولون بقضايا الفكر في احد مواقع خدمة المدونات المجانية واختاروا مزود الخدمة هذا بالذات للاستمرار في ممارساتهم الاجتماعية المعلوماتية. وأتى إلى جانب خبراء في مجال تقنية المعلومات وشركات الإنترنت، التي بدأت مشاريعها على الإنترنت بموقع "لايف جورنال" من أجل استخدامها بالتالي، باحثون في العلوم الإنسانية وصحفيون ومصورون ومعلمون وموظفو المكاتب. وبشكل تدريجي بدأ الأمر ينال أهمية متزايدة: فالمحتوى أخذ يجد مزيداً من القراء الجدد، وارتفع باستمرار عدد الأشخاص الذي يتابعون المدونات، وتشكلت قواعد المشاركة وآداب التعامل مع الآخر. أما النقاشات والخلافات والمواجهات الكلامية، التي اختفت من الصحف تدريجياً ومن ثم من التلفاز، عادت بالتدريج إلى "لايف جورنال"، حتى بدا الأمر في النهاية كما لو أنه لا يوجد أي نقاش خارج نطاق "لايف جورنال".

إن هذه الصورة تختلف بشكل كبير عن النمط الغربي: فمن الطبيعي أن توجد هناك مدونات موجودة، ولكنها تتبع موقع صحيفة معينة (وهذا شيء واضع وبديهي)، حتى وإن كانت مدونة صحفية. وحين يلاحظ أحد المدونين المستقلين فجأة أن المئات يقرؤون مدونته لأي سبب كان، ينتقل مباشرة إلى موقع مستقل، حيث يستطيع وضع الإعلانات وتحويل اهتمام قرائه إلى تجارة مربحة. إن أحد المدونين التقليدين في موقع "لايف جورنال" طالب أمريكي يتابع مدونته 30 قارئاً تقريباً، هم أصحابه وزملاءه في الدراسة، ويتبادل معهم التعليقات.

نجاح موقع "لايف جورنال"

لكن الروس جعلوا من الممكن أن يتحول موقع "لايف جورنال" إلى منتدى، يمكن للمدونين الكتابة فيه ومن ثم يقرؤه الآلاف. ومن جانب تم هذا الأمر بنجاح كبير: فهو عملي للغاية، خاصة وأنه لا يُستخدم من قبل الأصدقاء والمعارف فقط، بل يعد مكان تلتقي فيه أغلب المعلومات المهمة والنقاشات المناسبة، بدلاً من جمعها من كل مكان آخر. ولكن من جهة أخرى فقد أعاق ذلك تطور المدونات الفردية وتخصصها –وكذلك مدونات المحترفين والشركات. وعوضاً عن ذلك يوجد الجميع هنا في موقع "لايف جورنال": التقى المدونون بالقراء، والقراء بالمشاهير. وتعلم الصحفيون عدم نشر مقالاتهم فقط في المدونات.

أهمية والمدونات ومدى انتشارها

لا بد من الالتفات إلى أن تأثير "لايف جورنال" لم يصل إلى جميع المستخدمين الروس، الذي يبلغ عددهم مليونين مستخدم. ولو افترضنا أننا بعض الآلاف من المدونين المشهورين من هذا العدد فإن الدور التوسيطي للمدونين (حين يقرأ الكثير من الأشخاص ما يكتبه أحدهم) سيزول بسرعة كبيرة. ولا يبقى الأصل للمستخدم العادي لموقع "لايف جورنال" سوى تبادل المعلومات على المستوى البسيط مع معارفه الذين يتواصل معهم باستمرار. وبذلك أحاطت قلة مشهورة من المدونين نفسها بعدد هائل من القراء وأصبحت هذه القلة بمثابة دليل جيد لسيل هائل من المعلومات التي لا يمكن تجاهلها. وكان هذا السبب نفسه يقف وراء ظهور مدونة الرئيس الروسي، دمتري ميدفيديف على موقع "لايف جورنال" في 21 أيار/مايو 2009: وهو اجتماع أهم وأشهر القراء، والذين لا يستقبلون المعلومات فقط، بل ويعملون بها. ولا يوجد مثل هذا النوع من القراء في أي مكان آخر.

العلاقة بين المدونين والصحفيين

في نهاية آب/أغسطس حدث شيء هام بالنسبة إلى المدونات الروسية. ففي محطة سايانو – شوشينسكايا الكهرومائية حدث أحد أكبر حوادث التاريخ، ولم تكن هناك تغطية رسمية عن تفاصيل الحادث حتى بعد مرور 24 ساعة على حدوثه. وإن سد هذا النقص في المعلومات ملأته صور الهواة غير المحترفة والتي قام بها شهود العيان. وحين صحا القسم الصحفي التابع لشركة إدارة المحطات الكهرومائية "روس هيدرا " من غيبوبته، وجد نفسه في مواجهة موجة من الإشاعات (عمّا زُعم عن وجود الكثير من العاملين المحاصرين في الأماكن التي غمرتها المياه والذين أخذوا يطرقون على الأنابيب من دون منقذ أو مجيب). إن هذه الإشاعات كان يتم تداولها على مدونة الصحفي ميخائيل أفاناسيف، ومن ثم ما أخذت بالزيادة في جميع المدونات الروسية، ومن ثم انتهى بها المطاف إلى وسائل الإعلام.

ولم يحسن غياب المعلومات من الجهات الرسمية بشكل فوري أو محاكمة أفاناسيف من الأمر شيئاً. ففي هذا الوضع قامت شركة "روس هيدرا " باتخاذ قرار غير معتاد، إذ وجهت الدعوة للمدون الروسي المعروف روستم آداغاموف (يبلغ عدد قرائه في الوقت الحالي 40.901 قارئ) لزيارة المحطة وسمحت له بمراقبة عمليات الإنقاذ وتصويرها ومن ثم الكتابة عنها. يُذكر أن آداغاموف، الذي يعد أكثر المدونين الروس قراءةً، أشار إلى الأخبار الواردة على مدونة الصحفي أفاناسيف في الأصل وأعطى روابط بعض المقالات النقدية.

وبعد أيام قليلة من ذلك أثارت وكالة أنترفاكس على موقعها الموضوع قائلة: "هل يجب على المرء الإيمان بمدونات الإنترنت بشكل أعمى؟ إن أكثر المدونين الروس شعبية يبث في البدء إشاعات بشعة عن المحطة إلى العالم- ومن ثم يقوم بوضع صور جميلة عن أعمال البحث عن ناجين. إن المدونين ومن يعلقون على مدوناتهم يحبذون توجيه الإساءة إلى وسائل الإعلام، ولكن هل هم أفضل منها؟ فالصحفيون مسؤولون عن أفعالهم أمام القانون وهيئة التحرير والرأي العام. ولكن ماذا عن المدونين؟ فليس لديهم وازع آخر سوى ضميرهم، أو ربما شيء آخر." وبعد أيام من ذلك أصبح روستم آداغاموف أول مدون يُدعى من قبل القسم الصحفي للرئيس الروسي ميدفيديف للمشاركة في احد حفلات الكرملين، من أجل تغطيتها إعلامياً.

أهم حدث في المدونات الروسية، والذي دار في الأشهر القليلة الماضية، يتمثل في أنها لم تعد منعزلة ومستقلة بذاتها. والآن لم يعد يلتقي هنا مدونون وأصدقاؤهم فقط، وإنما أصحاب القرار ووسائل الإعلام والمنظمات الاجتماعية وممثلون عن شركة "روس هيدرا " وكذلك الرئيس ميدفيديف، إلى جانب 120 مختصاً في العلاقات العامة لمجموعة شركات غاز بروم، وجميع من غابوا حتى ذلك الوقت عن المدونات الروسية.

الكاتب: نيقولاي دانيلوف/ زاهي علاوي

تحرير: عماد غانم

Links:

دورة غاز بروم:

http://nl.livejournal.com/853400.html

مدونات لديمتري ميدفيديف

http://community.livejournal.com/blog_medvedev/

http://lenta.ru/news/2009/04/21/blogmedvedev1/

http://lenta.ru/news/2009/05/16/lj/

http://lenta.ru/news/2009/06/29/blog/

http://lenta.ru/news/2009/08/05/zakupki/

زيارات أداغاموف إلى مركز توليد الطاقة المائي، سايانو شوشنسكاجا وإلى الكريملن

http://drugoi.livejournal.com/3030317.html

http://drugoi.livejournal.com/3031739.html

http://drugoi.livejournal.com/3031817.html

http://drugoi.livejournal.com/3032285.html

http://drugoi.livejournal.com/3032409.html

http://drugoi.livejournal.com/3032810.html

http://drugoi.livejournal.com/3033039.html

http://drugoi.livejournal.com/3033331.html

http://interfax.ru/society/txt.asp?id=98386

http://lenta.ru/articles/2009/09/02/drugoi/

http://lenta.ru/news/2009/09/04/kremlin/