الإخوان والبعث.. والسلطة
١٩ ديسمبر ٢٠١٣لا تختلف كثيرا الطريقة والأدوات والمقدمات لسقوط الإخوان المسلمين في مصر عن انهيار حكم بعث العراق، فكلاهما أزيح (بسبب الآثام التي ارتكباها)عن طريق قوة عسكرية، من خارج السياسة ومؤسساتها، أو من خارج الحدود، بالتحالف مع المعارضة الواسعة، وكان سقوطهما موضع ترحيب من الشارع والملايين المتذمرة.
كما لا يختلف الطريق الذي سلكه إخوان مصر لاسترداد حكمهم الزائل عن سلوك بعث العراق لإعادة النظام المنهار، فكلاهما كان قد اختطف السلطة في غفلة من التاريخ، الأول عن طريق انتخابات "والناس نائمون" والثاني عبر مؤامرة لمجموعة صغيرة من عساكر القصر وفئة سياسية صغيرة مغامرة، والناس يغطون بالنوم.
وبصرف النظر عن "نوعية" البدائل السياسية التي حلت محل الإخوان والبعثيين، والمسارات التي قطعتها هذه البدائل، ومواقف الرأي العام في البلدين من الفريقين الحاكمين الجديدين، فان الآمر الواضح هو لجوء الإخوان والبعثيين معا إلى السلاح وكل أشكال العنف في محاولات لاستعادة سلطتيهما. وبلغت ردود أفعالهما إلى حد العمل على معاقبة الملايين من المدنيين والسكان الآمنين وتقويض الاستقرار وتدمير الاقتصاد وإشعال الحرائق والكراهية والاحتقانات الدينية والإثنية، على قاعدة "عليّ وعلى عبادي".
لكن اللافت، والأخطر، والأكثر تشابها في سلوك الإخوان والبعثيين يتمثل في تحالفهما مع المشروع الإرهابي الدولي المتمثل في تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية المتطرفة، والاستطراد في هذا المنحدر نحو جملة خطابية تجييشية إرهابية في قطيعة مع موصوف حكمهما وهويتهما، فقد كان إخوان مصر، قبل ذلك، يصنفون أنفسهم في خانة الإسلام السياسي المعتدل، الناقد للعنف وجعجعة السلاح والجهاد المسلح، فيما كان بعث صدام حسين يزعم أنه تنظيم علماني مناهض لمشروع القاعدة والسلفية المسلحة.
وإذا ما أمعنا النظر في عمق هذا التشابه فإننا سنهتدي إلى الخلفية الاستبدادية، اللا ديمقراطية، لموروث الحركتين، على الساحتين المصرية والعراقية، ففي حافظة إخوان مصر سلسلة من المحاولات التآمرية الدموية للوثوب إلى السلطة، وفي سجل بعث العراق طائفة من الانقلابات وأعمال التآمر وتنظيم الاغتيالات طريقا إلى السلطة، وكلاهما لم يتورعا عن التحالف مع القوى الخارجية، والاستعانة باستخبارات الدول لتسهيل وصولهما إلى الحكم.
الغريب أن إخوان مصر وبعث العراق، وبعد كل ما حدث، يدعوان معا إلى عودة الشرعية.. فيما الشرعية لا تمشي بالعكس من عقارب الساعة، على أية حال.
*****
"تعلمت منذ زمن ألا أتصارع مع خنزيرأبداً، لأنني سأتسخ أولاً، ولأنه سيسعد بذلك"
برناردشو
نشر المقال بجريدة (الاتحاد) في بغداد
وينشر على موقعنا بموافقة الكاتب
عبد المنعم الأعسم
مراجعة: عباس الخشالي