1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اعتدال في معسكر الانبار

عبد المنعم الاعسم٢١ فبراير ٢٠١٣

يرى عبد المنعم الاعسم أن مخاضات اعتدال تتجه الى ترشيد الشعارات والمطالب ووضعها في السياق الدستوري وحمايتها من لغة العنف ونزعات الانتقام والطائفية قد ظهرت على سطح الأحداث العاصفة في محافظة الانبار .

https://p.dw.com/p/17ibX
صورة من: Joy Bhowmik

حمل الأسبوع الماضي مؤشرات مشجعة للقول إن المخاوف من انزلاق الاحتجاجات الى مشروع للانقلاب على التغيير ووكالة لدول مجاورة بدأت تنحسر.. أقول بدأت.

ففي وقت واحد ظهر خطباء وشبان مثقفين ووجهاء يتحدثون بلغة مغايرة تؤكد على جدوى وضع الاحتجاجات في سياق بناء يغلق الطريق على التنظيمات المسلحة وفلول النظام السابق وجيوب الطائفية، وذهب احد المتحدثين الى الدعوة لمراجعة مضامين هذا الحراك على خلفية النتائج التي تحققت حتى الآن، والأمر اللافت، انه تحدث عن مخاضات وصعوبات لتصويت العملية الاجتماعية للاحتجاجات لكنه كشف عن تزايد قاعدة الشرائح المعتدلة، أو الداعية إلى الاعتدال.

إن الدعوة الى الاعتدال في الحكم والتفكير تمليها فروض الحاجة الى عبور المرحلة الدموية العاصفة التي انقذفنا إليها ودفعنا عن ذلك طوابير من الضحايا وسلسلة من الأهوال وأعمال القتل والاختطاف والتخريب، في وقت صار قادة السياسة يغذون الفتنة الداخلية بزيت الكراهية الطائفية أو القومية، ويثيرون الشكوك في جدوى التسامح.

يكفينا ان نمعن النظر في المصادر اللغوية للاعتدال بوصفه فضيلة حماية التنوع والاختلاف فكلمة "العدل" تعني: "تقويم السهم" وفعل "عَدّلَ" معناه "جعل الشيء موزونا" والعدل في قواميس اللغة "ضد الجور والظلم" و"العدل" غير "الانعدال" فالأول معناه "النظير. المثيل" والثاني بمعنى "الانحراف عن الطريق".

والغريب في اشتقاقات اللغة ان "العادل" تأتي أحيانا بمعنى الظالم، وينقل الرازي في (مختار الصحاح) بهذا الصدد قول امرأة للحجاج تشتمه: "انك لقاسط عادل".. وربما لهذا السبب، يغرم غلاة الطغاة ومهندسو التطرف والإرهاب وزعماء الجريمة المنظمة بصفة العادل فيطلقونه على أنفسهم وعلى غلاظ القلوب من أتباعهم، ولهذا السبب أيضا، كما يبدو، تعين الجماعات الإرهابية جلادين دمويين بوظيفة (العادل) الذي يشرف على ذبح الضحايا "على الطرقة الإسلامية".

هذا الاستطراد مهم حين يتعلق الأمر بالنظر إلى خطايا التطرف في حياتنا.. التطرف الذي ما زال يعبر عن نفسه في تشكيل جيوش دينية طائفية استئصالية في زمن وضع التاريخ الحروب الدينية في خانة الكوارث.

نشر المقال في جريدة(الاتحاد) بغداد ويعاد نشره على صفحتنا بإذن الكاتب