1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إنت شيوعي يا ولد!؟

هادي جلو مرعي١١ أبريل ٢٠١٣

يقرأ هادي جلو مرعي بشكل سريع كتابا صدر في ثمانينات القرن الماضي، مؤكدا على إن التمرد على الظلم هو الطريق الوحيد لتغيير الواقع التعيس، ومستغلا المناسبة لتحية الحزب الشيوعي العراقي في ذكرى مولده.

https://p.dw.com/p/18EBG
صورة من: AP

برغم أنّ الكاتب حاول إظهار أحد قادة الحزب الشيوعي بصورة المتآمر على الوطن والقيم الإنسانية التي يحتكم إليها الناس، وكان ذلك في ثمانينيات القرن الماضي، وقت قراءتي للكتاب الذي ألف لحساب نظام الحكم إلا إنني لم أستطع سوى التعاطف مع البطل الذي أعدم فكأنه شاب رفض ظلم الإقطاع ،وتآمره مع السلطات الدكتاتورية، وانتهى به المطاف إلى المشنقة التي تنتظر في العادة كل من يسعى للتغيير ، وإنهاء محنة الشعوب المضطهدة التي تعيش في ظل الطغيان والتجبر ،وليس لها من خيارات في مواجهة الحكم المستبد ،وما عليها سوى أن تتلقى الصدمات والضربات، وأن تلبي رغبات أهل السلطان المتنعمين على حساب مظلومية وحرمان الإنسان.

الذين يتمردون على الظلم يمثلون سلسلة بشرية ممتدة عبر تاريخ المعاناة، وهم يعملون بكد ليضمنوا حريتهم ، ويستمتعون بعذاباتهم لأنها تفتح الطريق لغد مختلف فيه من التحدي ما يصنع أملا لكل الشعوب الباحثة عن الضياء وسط زحمة الظلمات وغياهب الفقر والجوع والبطالة والتخلف والاستعباد الذي يراد له أن يدوم بينما تسحق رؤوس وأجساد المعترضين. وقد فات المتجبرين النظر في الحقيقة التي لا تذوي أبدا ،وتتوهج على الدوام وهي تؤكد استمرار التحدي ، وبقاء المتحدين من خلال الذين يرثون عنهم العذاب، والألم والوعي والثقافة ،فلا السلسلة تقطعت، ولا المكافحين نفذوا ،وليس معنى وجود المضحين إلا أنهم يعلمون بمتاعب الذين يشاركونهم الحياة ،ويتعذبون معهم فيها ،ويجهدون لتغيير سلوك الطغاة ، أو للإطاحة بهم، وبناء المجتمع الإنساني الخير والحر والقادر على العطاء.

والذين يفهمون علاقتهم بالإنسان ، وعلاقتهم بخالق الإنسان لا يتعصبون كثيرا لإيذاء سواهم ، فقد اختلطت دماء المضحين من الوطنيين في العراق خلال عقود طويلة مرت، وكان الإسلاميون والشيوعيون لا ينفرون من بعض، بل يجدون قربا يدفعهم ليلتقوا في حلقة واحدة بمواجهة صريحة مع الظلم علهم أن يقهروا جيوشه الشريرة وينتصروا للإنسان الذي هو هدف الجميع خاصة الذين يصدقون في النوايا ولا يكذبون على أنفسهم ولا يسعون لتحقيق المكاسب وحسب ويتجاهلوا المطالب التي تستقيم بها حياة المواطنين الذين ينتظرون من المعارضين في العادة أن يلبوا لهم ما عجز عن تلبيته من سبق من الأنظمة التي تتذكر حاجاتها ومصالحها وتتجاهل وتغيب مصالح بقية الناس الذين تؤتمن عليهم وفق القانون والدستور والعرف السياسي .

في كل عام وعندما تمر ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي أتذكر ذلك الكتاب ، وكل الأسماء ،والعناوين الكبيرة لحركة النضال والكفاح والجهاد في وجه الظلم ، ومريديه والمدافعين عنه خاصة في بلد عرف عنه إنه يتمرد على الدوام ، ولا يقبل بالخداع حتى وإن أضطر إليه وتحمله على مضض، وسكت عنه لفترة.وفي العراق الآن معاناة وخلافات ومظاهر لتوتر شديد يطبع الحياة السياسية والدينية ، ويحتاج الى مبادرات وطريقة إدارة مختلفة وتفاهم وعقد اجتماعي جديد بين مكوناته لمنع الانحدار جهة المجهول، ولا يستثنى أحد من السعي والمبادرة سواء كان الشيوعيون ، أو القوى والأحزاب الشريكة في الألم .

مازلت أتذكر هذه العبارة التي تدل على وحشية الاضطهاد :إنت شيوعي يا ولد ؟