1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أمننا وأمن مصر

سالم مشكور٢٠ فبراير ٢٠١٤

يعلن سالم مشكور أن العراقيين قد قلقوا مع المصريين يوم وصل الظلاميون الى السلطة، واستبد بهم القلق عندما بدأت عملية أخونة الدولة ومعها انتشرت رياح التكفير والطائفية التي عصفت بمصر الاعتدال والوسطية والتسامح المعروف عنها.

https://p.dw.com/p/1BBvJ
Sabrina Daadour Demo in Ägypten
صورة من: privat

قلقنا لأنها مصر أولا، ولأن أمن مصر ليس منعزلا عن أمن العراق ثانيا، إيمانا منّا بأن الامن الاقليمي مترابط. فضلا عن ذلك فان تلك الموجة الظلامية كانت ستشكل قاعدة داعمة لمثيلتها التي تستهدف العراق منذ سنوات عبر البوابة السورية قبل المأساة السورية وبعد بدئها وحتى اليوم.

اليوم عبر المصريون ذلك النفق المظلم، وزال قلقهم ومعه زال قلقنا. فرحوا باستعادة مصر، ونحن فرحنا، لكن فرحتنا تحتاج الى خطوات عملية لتتحول الى نتائج ملموسة على صعيد التواصل بين البلدين.

أيام حكم الرئيس مبارك كان يحزّ في النفس ان مصر لم تقف موقفا وديا من العملية السياسية، سياسة وإعلاما. الاسباب كانت عديدة بعضها يرتبط بظروف مصر وطبيعة علاقاتها مع أطراف عربية غير مرتاحة للتغيير الحاصل في العراق.

وبعد ما حصل لمصر من تغييرات خلال عامين، لا يجوز أن يبقى ما يشوب علاقاتها مع العراق. من حق الدولة المصرية أن تتخذ ما يطمئن مخاوفها من إجراءات أمنية بشأن القادمين اليها، لكن ما يزعج العراقي أنه لا يدخل الاراضي المصرية بسهولة دخول مواطنين تابعين لدول عبثت ولا تزال تعبث بأمن مصر رغم ان سفارتنا في القاهرة تصدر ما لا يقل عن خمسين تأشيرة عراقية يوميا لمصريين يعملون في العراق، إذ إن الدول المفتوحة أبوابها للعراقيين لم تشهد مشاكل من جانبهم، فلبنان والاردن مثلا يعجان بالسواح والدارسين والمتداوين العراقيين. أما الشواذّ بين هؤلاء فالاجراءات الامنية المصرية العريقة كفيلة برصدهم ووقفهم.

المطلوب تعاون بمديات أبعد دون ثمن

التعاون المطلوب اليوم يفوق قضية دخول العراقيين، ويتعداه الى قضية التعاون الامني الثنائي لما فيه مصلحة الامنين القوميين العراقي والمصري بل والاقليمي ككل. عندما كانت الجامعة العربية تناقش قرار الدعوة الى تدخل دولي في سوريا، كان مندوب مصر يعترض بشدة ضاربا بيده على الطاولة قائلا: أمن مصر القومي يهمنا جدا. اليوم أثبتت التجربة ان الامن القومي في أي بلد في المنطقة، ينعكس بشكل وآخر، الآن أو بعد حين، على كل دول المنطقة وخصوصا القريبة جغرافيا. الإعلام يستخدم اليوم أداة فعالة في إرباك الامن ودعم الارهاب. مصر وقعت ضحية إعلام مغرض أشاع فيها الفوضى والتوتر وكاد يعصف باستقرارها وأمنها، والعراق يعاني منذ أكثر من عشرة أعوام من إعلام ينفخ في نار الطائفية والعنف وتهديم العملية السياسية من خلال تعميق حالة اليأس وعدم الثقة بين المواطن والدولة ككل. سيكون من التصرف الطبيعي ان لا تسمح مصر التي اكتوت بنار التكفير والعنف لعام كامل، لمحطات تلفزيونية ان تبث من أراضيها، أو عبر قمرها الصناعي التي تملك وزارة إعلامها أكثر من نصفه، خطاب عنف وطائفية وقتل وفوضى باتجاه الساحة العراقية.

لا يمكن الحديث عن ثمن اقتصادي ومالي عراقي مقابل وقف مصر ما يمسّ أمن العراق، لان أمننا بالتالي يهم مصر كما يهمها أمن سوريا وغيرها من الدول العربية. غير أن الدعم الاقتصادي لمصر، حقّ لها على العراق، وهو في الوقت نفسه مصلحة عراقية، وقد قدّم العراق عرضا بذلك وتمّ الاتفاق على وضع وديعة كبيرة في البنك المركزي المصري مع منحة نفطية. لكن العقبة هي في طبيعة نظامنا المؤسساتي الحالي الذي لا يتيح تقديم دعم، بمجرد أمر من رئيس الوزراء، وإنما يجب ان يمرّ الامر بموافقات وتصديقات تعرقلها المناكفات السياسية الناتجة عن ديمقراطيتنا التوافقية الهزيلة، وهذا ما نتمنى ان تتفهمه القيادة المصرية.